الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المبعوث الأممي يعلن فشل الجولة الثانية للجنة الدستورية السورية

المبعوث الأممي يعلن فشل الجولة الثانية للجنة الدستورية السورية

01.12.2019
هبة محمد


القدس العربي
السبت 30/11/2019
دمشق – "القدس العربي": فشلت أطراف اللجنة الدستورية المصغرة، في تفكيك أول عقبة في مسيرة الإعلان الدستوري، وعجزت في عقد أي جلسة خلال الجولة الثانية لأعمال اللجنة في القصر الأممي في جنيف، بعدما راهن ممثلو النظام السوري على تعطيل أعمالها، متخذين من جدول الأعمال ثغرة في تحقيق أهدافهم، بينما قدم وفد المعارضة 5 مقترحات محاولين إحراج الطرف "المعطّل" وإغلاق الباب أمام ذرائعه.
ويمكن الاستنتاج أن المسار السياسيّ مرتبط بشكل واضح بالتقدّم الميدانيّ الذي يحرزه النظام على الأرض، ولذلك فإن النظام ليس مستعداً لمناقشة أي حل يضمن تحقيق انتقال سلمي أو تغيير جوهري في بنية السلطة الحاكمة والتي يشكل بشّار الأسد العقدة الأهم فيها، اذ اعتبر مراقبون لـ"القدس العربي" ان المسار السياسي برمّته مرهونٌ بالفشل ما لم يكن هناك ضغطٌ دولي حقيقي لإزاحة "الأسد" من السلطة، وهو ما لم يتحقّق ولا يبدو أنه سيكونُ في المدى المنـظور القـريب.
 
هجوم لاذع
 
ومع نهاية الجولة الثانية للجنة الدستورية، واتساع هوة الخلافات، بين طرفي اللجنة، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسن الجمعة إن الجولة الثانية من المحادثات السورية التي استمرت أسبوعاً انتهت دون اجتماع مجموعة من 45 مبعوثاً معنية بالتفاوض بشأن الدستور.
وتحدث للصحافيين بأن رئيسي وفدي الحكومة السورية والمعارضة لم يتفقا على جدول أعمال لمحادثات الدستور، مضيفاً "نحاول التوصل لتوافق لكن كما قلت لم يحدث ذلك بعد".
ونتيجة إفشال وفد النظام، لأعمال الجولة، شن الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة هادي البحرة هجوماً لاذعاً على النظام السوري، بخلاف اللغة الدبلوماسية التي اعتمدها منذ بداية الاجتماعات حيث قال "ليتوقف نظام البراميل عن المزاودات الوطنية" إذ يعمل "وفق قرارات مشغله الإيراني، ويقوم بإعاقة العملية بشكل كامل" وتابع القول ان "وفد أجهزة الاستبداد وأجهزة المخابرات لم يقدم أي ورقة كمقترح لجدول الأعمال ويسعى لإضاعة الوقت" محملاً المجتمع الدولي والدول التي دعمت تشكيل اللجنة الدستورية، المسؤولية الكاملة للدفع الجاد نحو أداء إيجابي لكل الوفود في أعمال اللجنة الدستورية".
يأتي ذلك عقب نعت رئيس وفد النظام أحمد الكزبري وفد المعارضة بالوفد "التركي" معلناً مقاطعة اجتماعات جنيف "لعدم جدية وفد النظام التركي الذي يخشى الدخول في أي نقاش وطني يهم الشعب السوري" حسب وصفه.
البحرة، أكد في مؤتمر صحافي مساء أمس، أن وفد هيئة التفاوض قدم خمسة مقترحات للمبعوث الدولي، بيدرسون، حول جدول أعمال هذه الدورة، في حين رفض وفد النظام هذه المقترحات، وأصرّ على أن بحث ما سماها "الركائز الوطنية" أو الدخول إلى قاعة الاجتماعات دون أي جدول أعمال. وأوضح أنه حسب القواعد الإجرائية لعمل اللجنة الدستورية، كان من المفترض أن يتوصل الرئيسان المشتركان للجنة الدستورية إلى جدول أعمال قبل 72 ساعة من عقد الدورة الثانية، وأضاف أن وفد هيئة التفاوض تقدم بمقترح قبل 4 أيام من انعقاد الدورة، وقال: "نشرنا مقترحنا على وسائل الإعلام وهو موجود لدى مكتب المبعوث الدولي"، وتابع قائلاً: "لكن وفد أجهزة المخابرات ومشغله الإيراني رفض هذه المقترحات وطالب بجدول أعمال خارج عن سياق عمل اللجنة الدستورية، وأطلق عليه الركائز الوطنية".
 
رئيس وفد المعارضة يشن هجوماً لاذعاً على النظام ويحمله المسؤولية
 
ولفت إلى أنهم أخبروا المبعوث الدولي أن الركائز الوطنية هي التي حددها الشعب السوري وفق الدساتير التي صوّت عليها بحرية ونزاهة أو وفق الوثائق التي اعتمدت لتشكيل اللجنة الدستورية وأحدها بيان النقاط الـ 12 الحية التي تم تطويرها في جنيف وتبنيها في "سوتشي" وأرفقت كجزء في قرار تشكيل اللجنة الدستورية. وبيّن البحرة أنهم تقدموا بمقترح أبسط وتم رفضه، وهو أيضاً من صلب وسياق عمل اللجنة الدستورية، ثم تقدموا بمقترح ثالث وتم رفضه، وأشار إلى أن يوم الخميس، شهد تقديمهم مقترحين، وهما الرابع والخامس وأيضاً تم رفضهما من قبل النظام.
وعرض البحرة الورقة الرسمية التي تقدم بها وفد النظام، وقال إن وفد النظام يدعو لدخول الوفود إلى قاعة الاجتماعات ويبدأ كل وفد بنقاش ما يراه مناسباً. وأضاف "كأننا جئنا إلى منتدى ثقافي لنجري حواراً والدماء تسفك في سوريا والبراميل تتساقط على أهلنا ويدفعون الثمن غالياً بأرواحهم ودمائهم".
الانتكاس الحقيقي في مسار الحل السياسي بدأ، حسب المعارض السياسي السوري عرابي عرابي بإقرار جدول أعمالٍ للحل السياسيّ يتكوّن من برنامج السلال الأربع، وما في ذلك من تفتيت عمليٍّ لبيان جنيف1 وقراري مجلس الأمن 2118 و 2254 اللذين تبنّيا مسار جنيف، إلا أن برنامج دي مستورا فسّر القرار على نحو جديد جعل من هيئة الحكم الانتقاليّة جزءًا موازيًا لأجزاء أخرى منها اللجنة الدستوريّة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وعلى الرغم من أن السقف الزمني كان 18 شهرًا حينها، إلا أن الضغط الروسيّ الميداني ومماطلة النظام وتراجع الدعم الدولي للمعارضة وبدء تحقيق مخرجات مسار آستانة عبر تسليم مناطق خفض التصعيد واحدة تلو الأخرى وعقد مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، أفرز تعريفاً جديداً للحل السياسي بالاتفاق على حصر بداية خطوات الحلّ السياسيّ في سوريّة بتشكيل اللجنة الدستورية.
واعتبر الباحث السوري ذلك "تحويراً من دي مستورا لجوهر بيان جنيف الأول" رغم أن قضية الانتخابات والدستور لم تكن يومًا من تفاصيل العملية الانتقالية كما أنها لم تكن محلًّاً للشك أو للمماطلة من قبل قوى الثورة والمعارضة. ولكن أن يجري ذلك، تحت مظلة النظام الحالي يعني من وجهة نظر المتحدث أن الانتقال السياسي قد انتهى فعلاً وأن قالب مفاوضات الدستور تدور في حلقة مفرغة.
 
الخلافات والخيارات
 
أبرز خلافات اللجنة الدستوريّة لا تعود لهيئة المفاوضات، وإنما للنظام السوري ولطبيعة العمل السياسي ذاته، وفي رأي عرابي "ليس هناك ضمانات بتنفيذ أي مخرج، إضافة إلى عدم وجود أي سقف زمني لإنجاز أعمالها والإشكالات الداخليّة كمعضلة التصويت على قرارات اللجنة المصغرة ونسب التمثيل المتفاوتة ومرجعية الدستور، إضافة إلى عدم وجود أي ضمانات حول تعطيلها، حيث يملك النظام تعطيل جلساتها وإغراقها بالتفاصيل الخارجة عن مسار الدستور برمته متى شاء، وهو ما يحصل الآن عمليًّا، وعلى الرغم من تقديم هيئة المفاوضات خطوات عمليّة لمناقشة نقاط في صلب الدستور إلا أن وفد النظام يعطل الجلسات منذ أسبوعٍ كامل في تحدٍّ وسخرية واضحتين من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفي تعريةٍ لجدوى هذا المسار الذي يملك النظام تعطيله متى شاء".
وفي ظلّ ما تقدّم، ما من خيارات تملكها هيئة المفاوضات العليا سوى الاستمرار في هذا المسار غير المضمون في كل تعرجاته من جهة أو تجميد مشاركاتها في مسار الحل السياسيّ في الجهة الأخرى.