الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا- العلاقات الالمانية الاوروبية التركية

المانيا- العلاقات الالمانية الاوروبية التركية

13.03.2017
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏12‏/03‏/2017
أدت تطورات منع ولايتي بادن فورتمبيرج وشمال غرب الراين وزراء أتراك بإلقاء خطب يوضحون للاتراك  الذي يعيشون ببعض مدن تلك الولايتين  الهدف من انتقال النظام البرلماني الى النظام الرئاسي ببلادهم وفق الاستفتاء الذي من المقرر أن يجري في وقت لاحق من شهر نيسان / ابريل المقبل الى تدهور اكثر للعلاقات الالمانية التركية ، فبالرغم من استطاعة وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو القاء كلمة امام الاتراك من القنصلية التركية بمدينة هامبورج واجتماعه مع نظيره الالماني زيغمار جابرييل يوم الاربعاء الماضي 8 الشهر الحالي ببرلين والاتفاق على انهاء الفتور بين برلين وأنقرة ، الا أن ذلك لم يمر دون ان تبدي المستشارة انجيلا ميركيل ومعها رئيس البرلمان الالماني نوربرت لاميرت ببيانها الحكومي الذي القته يوم الخميس الماضي من 9 الشهر الجاري امام البرلمان استيائهما من وصف الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان الحكومة الالمانية بالنازية مطالبة اردوغان والمسئولين الاتراك عدم تكرار هذا الوصف ، فاتهام المانيا بالنازية بالنسبة للحكومة الالمانية والسياسيين الالمان في غاية الحساسية اذ يستغلها ايضا الكيان الصهيوني اذا ما نجم عن العلاقات الالمانية مع الكيان الصهيوني فتورا يستغل الصهاينة انتقادات الالمان لسياستهم بوصفهم بالنازية بانها لا تزال  بفكرهم . وبالرغم من الاستياء الالماني من الحكومة التركية الا ان الحكومة الالمانية  وخاصة المستشارة ميركيل تؤكد حرصها بعلاقات قوية مع تركيا ، كما أكدت الحكومة الالمانية رفضها لمطالب بعض السياسيين الالمان من اصول تركية منع مجيء وزراء اتراك الى المانيا لتوضيحهم الاتراك حول مغزى تغيير نظام الحكم ببلادهم .
فتور العلاقات الالمانية التركية أعاد مطالبة بعض السياسيين الالمان ومن بينهم ايضا رئيس وزراء ولاية بايرن زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي هورست زيهوفر وعضو البرلمان عن الحزب المذكور فلوريان هاهن / الهاء الثانية تكتب ولا تقرأ /  بسحب الفرقة العسكرية الالمانية التي يصل عدد عناصرها الى حوالي 240 جنديا مع قاعدة صواريخ  تشارك بانزال عسكري لحلف شمال الاطلسي / الناتو / بمنطقة انجرلينك  الى الاردن مشيرا الى صحيفة / فيلت أم سونتاج – العالم يوم الاحد / ان على الحكومة الالمانية تأديب اردوغان بسحب فرقتها العسكرية من المنطقة المذكورة وعدم السماح لاردوغان بإهانة المانيا ، الامر الذي رفضته وزيرة الدفاع اورزولا فون در لاين  مشيرة الى المحطة الاولى من الرائي الالماني هذا اليوم الاحد / ايضا / ان الفرقة العسكرية الالمانية موجودة ضمن محاربة الارهاب الدولي وحماية تركيا من الارهاب .
تدهور العلاقات التركية مع بعض الدول الاوروبية  يعود بعضها  الى أسباب تاريخية  فالمستشار النمساوي كريستيان كورن  الذي يطالب الاوروبيين بوقف مفاوضاتهم بشكل نهائي مع تركيا سببه ذاكرة محاصرة جيش الخلافة الاسلامية العثمانية للعاصمة النمساوية فيينا  مرتين  لا تزال ماثلة بمخيلة النمساويين وبعض الاوروبيين أيضا ، فالمستشار النمساوي ووزير خارجيته سباستيان كورتس يعتقدان بانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي سيساهم الى حد كبير ببسط تأثير تركيا هيمنتها الدينية والسياسية على الاقليات الاسلامية بالبلقان واعطاء المسلمين الذين يعيشون بالاتحاد الاوروبي قوة أكثر .
أما منع السلطات الهولندية يوم أمس امس السبت 11 آذار /مارس وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو ووزيرة العائلة  بتول شيان كايا من تواجدهم بهولندا فيعود الى حملة الانتخابات البرلمانية التي ستجري بتلك الدولة فالاحزاب الهولندية وخاصة الحزب الجمهوري المعادي للاسلام يتطلعون لحكم بلادهم ، عدا عن ذلك فان هولندا لا يعنيها بشكل قوي الاتفاق الاوروبي التركي حول اللجوء فلا تحتضن هولندا الكثير من اللاجئين اذ انها  لا تشارك النمسا التي يتدفق اليها الكثير من اللاجئين في طريقهم الى المانيا ودول اسكندنافية اخرى بحدود معها .
هذا على الصعيد السياسي ، أما على الصعيد الاقتصادي فينظر مراقبو تدهور العلاقات  الالمانية الاوروبية مع تركيا بقلق شديد ، فخبراء الاقتصاد يدقون جرس خطر تراجع العلاقات الاقتصادية مع تركيا  ، فرغبة السياحة الاوروبية وخاصة الالمانية الى تركيا قد تراجعت بشكل مضطرد منذ المناوشات العسكرية بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني عقب أحداث مدينة كلس التركية عام 2015 والاعمال الارهابية التي تستهدف بين الحين والآخر الامن بتركيا ولا سيما الاعتداء الذي وقع بمطار استانبول عام 2015 والاعتداء الذي استهدف سواحا من المانيا في ذلك العام . ويستطيع المرء أن يلمس تراجع رغبة الالمان واالاوروبيين بالسياحة في تركيا من خلال تراجع الإقبال على جناح تركيا بمعرض برلين الدولي للسياحة الذي يغلق أبوابه هذا اليوم الاحد 12 آذار /مارس .
ويحذر مراقبو الاقتصاد الالمان ان ينجم عن تدهور العلاقات الالمانية التركية إغلاق  مجموعات الصناعة والاقتصاد الالمان  فروعهم بتركيا وخاصة استانبول التي تعتبر شريان الحركة الاقتصادية بتركيا واوروبا .
وأوضح رئيس فرع التجارة الخارجية بالجمعية الاتحادية لغرف الصناعة والتجارة الالمانية فولكر تريرَرْ انه بالرغم من عدم اغلاق مجموعات الصناعة والاقتصاد الالمان لفروعهم بتركيا الا انهم بدأوا يشعرون بأنهم اصبحوا غير مرغوب بهم لدة الاكثرية الساحقة من مواطني تلك الدولة ، عدا عن ذلك فالاعمال الارهابية وتراجع الحركة الاقتصادية بتركيا  أصبح لدى الكثير من الصناعيين والاقتصاديين الالمان بأن اعمالهم اصبحت غير مضمونة .
ومن خلال استطلاع لمعهد / فورسا / للاستطلاعات الاقتصادية بتكليف من مجموعتي / رولاند بيرجر / الاقتصادية  و/ اكسيل شبرينجر/ الاعلامية بوق الكيان الصهيوني في المانيا واوروبا ، أعلنت نسبة وصلت الى 38 بالمائة من مجموعات صناعية واقتصادية لها فروع بتركيا عدم طمأنينتهم على تطورات أعمالهم بتركيا ، الا أنهم أوضحوا بأن سبب عدم طمأنينتهم مخاوفهم من انتقال تركيا من نظام برلماني الى نظام رئاسي الامر الذي يعني احتمال ان تصبح تركيا بقبضة سلطة فردوية ، بينما أعربت نسبة وصلت الى 51 بالمائة من تلك المجموعات    ارتياحها لتطورات الحركة الاقتصادية بتركيا بالرغم من تراجعها بعض الشيء مؤكدين أبقاء فروعهم بالدولة المذكورة مفتوحة . وعزت نسبة وصلت الى 7 بالمائة تراجع الحركة الاقتصادية بتركيا الى تطورات الحركة الاقتصادية في العام وانه عندما تنتهي الحرب في سوريا فان قوة الحركة الاقتصادية بتركيا ستعود  بأقوى مما كانت عليه .
هذا على صعيد الاقتصاد .
تدهور العلاقات الالمانية الاوروبية مع تركيا لن يستمر طويلا ، فالكثير من السياسيين الاوروبيين  يطالبون بإنهاء هذه القطيعة وعدم وقوع تركيا بأحضان روسيا الى الابد منتقدين بالوقت نفسه موقف البرلمان الاوروبي ومفوضيته من عدم التزامهم بالاتفاقيات الاوروبية التركية ولا سيما اتفاق اللجوء التي بموجبها الغاء تأشيرة دخول الاتراك الى دول منطقة / شينغين / والتعجيل من مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي وهو ما أكده الرئيس السابق لتوسعة رقعة الاتحاد بالمفوضية الاوروبية غونتر فيرهويغين الذي اشار بأن الاوروبيين لم يكونوا صادقين مع تركيا في يوم من الايام محذرا من مغبة ابتعاد تركيا عن الاتحاد الاوروبي اذ سينجم عنه نتائج وخيمة للاوروبيين مشيرا بأن ارتفاع ظاهرة التدين بتركيا وشعبية الرئيس التركي اردوغان لدى الكثير من شعوب الدول الاسلامية مرده الى ظاهرة ارتفاع الشعوبية باوروبا والمعادين للاسلام وانه اذا ما استمرت هذه الظاهرة بالتنامي فان أوروبا ستخسر الكثير .