الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا- الحروب وراء التشريد

المانيا- الحروب وراء التشريد

04.02.2016
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏03‏/02‏/2016
تعتبر الحروب من اخطاء السياسة والدبلوماسية ، وتشريد الملايين من البشرية هي عدم اهتمام سياسيو العالم بماساة الشعوب التي تتطلع الى الحرية وبالتالي فاحتلال دول كبرى بلدان شعوب ضعيفة ومستضعفة طمعا في خيرات بلادهم او طمعا بالنفوذ هي وراء مصائب الانسانية .
ولعل سقوط اكثر من 500 الف نسمة وتشريد اكثر من عشرة مليون من الشعب السوري ناجم عن عدم اهتمام المجتمع الدولي بطموحات ذلك الشعب الذي انتفض على نظامه من اجل الحرية والكرامة ، فأزمة تدفق اللاجئين على اوروبا من سوريا والعراق وافغانستان وافريقيا  تعتقد ان هذه الازمة الاولى من نوعها في تاريخها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية . ويرى أستاذ التاريخ الحديث  والسياسة الدولية والانسانية ارنست هوهن شتاوفين / من أسرة ملكية حكمت اوروبا ببداية العهد الحديث / ومعه استاذ علوم تاريخ السياسة الدولية في جامعة بودابست فيكتور سبستين  بندوة دعا اليها معهد برلين براندينبورج العلمي / أقدم معهد ببرلين تأسس عام 1750 / هذا اليوم الاربعاء 3 شباط / فبراير ان تدفق اللاجين على اوروبا بهذه الاعداد الكبيرة ، وصل عددهم في المانيا الى حوالي 1 مليون و 200 الف شخص حتى نهاية شهر كانون ثان / يناير عام 2016 الحالي ، لا يعتبر الاول من نوعه .
فقد شهدت البشرية نزوح الملايين جراء الحروب التي هي من اسباب السياسة الرئيسية ، ولم يقتصر النزوح على القارة العجوز / اوروبا / فقد ساهمت الحروب في الهند جراء الاحتلال البريطاني لها في عام 1815 وحروب استقلال الباكستان عن الهند الى ان نالت استقلالها عنها  تشريد اكثر من 15 مليون نسمة كما ساهم الخلاف حول كشمير تشريد اكثر من 3 مليون نسمة . أما الحرب العالمية الاولى / 1914- 1918 /  فقد كانت وراء تشريد اكثر 11 مليون نسمة وساهمت الحرب العالمية الثانية / 1939-1945 /  اكثر من 20 مليون نسمة  اضافة الى مقتل اكثر من 70 مليون نسمة ، أما حرب البلقان التي جرت في التسعينات فقد كانت وراء تشريد اكثر من 3 مليون نسمة ، والحرب في سوريا هي تتمة لسياسة النفود بين روسيا وامريكا وايران  والمجتمع الدولي يتحمل مسئولية ضحايا الشعبين العراقي والسوري .
ويرى رئيس لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني سابقا روبريخت بولنتس الذي يراس حاليا معهد / سياسات الشرق الاوسط وأوروبا / وهو معهد جديد يتخذ من العاصمة برلين مقرا له ، ان سوريا لم تعد دولة مستقلة فهي محتلة من روسيا وايران وصراع الولايات المتحدة الامريكية على النفوذ بها ، فمن يعتقد انها حرب على النفوذ بين ايران والسعودية فهو يخطئ تماما واوروبا ستشهد المزيد من تدفق اللاجئين عليها ان لم تتخذ سياسة قوية لانهاء ماساة الشعب السوري وانهاء الاحتلال الروسي والايران لها ، عدا عن ذلك فالعراق يحكمه حكومة عنصرية بدعم وتأثير سياسي وديني كبير من ايران وعلى اوروبا ان تتخذ سياسة ناضجة لوقف الحرب بتلك الدولتين مثل ما اتخذته تجاه الحرب بالبلقان حيث استطاع الاوروبيون وقف الحرب بين الكوسوفو وصربيا باعلان الحرب على بلغراد ، ومفاوضات جنيف التي تجري حاليا بين المعارضة السورية وممثلين عن نظام بشار اسد لن يكون لها اي نتيجة ايجابية لانهاء ماساة شعب يتطلع الى الحرية يعيش في ظل حكم بربري منذ اكثر من خمسين عاما يتحمل الغرب مسئولية ذلك لأنه كان وراء دعم ذلك النظام على حد قولهم .