الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المؤسّسات المظلومة : بين الأحزاب والحكومات .. الديموقراطية والدكتاتورية !

المؤسّسات المظلومة : بين الأحزاب والحكومات .. الديموقراطية والدكتاتورية !

19.08.2019
عبدالله عيسى السلامة




ما أكثرَ، مانسمع عبارات ، مثل :
 هذه الدولة فيها مؤسّسات .. هذا البلد تحكمه مؤسّسات !
أو عبارات ، من مثل :
الدول المتحضّرة تديرها المؤسّسات .. الدول المتقدّمة تخضع لحكم المؤسّسات!
أو جُملاً ممزوجة ، بزفرات وآهات وحسرات ، من مثل:
ماالذي ينقص بلادنا العربية ؛ كي تُحكم وتُدار، عبر المؤسّسات ؟
أو: إنّ الحكم الفردي التسلّطي ، دمّر بلادنا ، ولو حكمتها المؤسّسات ، لصلح أمرها ، وصارت من الدول الراقية !
فما المؤسّسات المقصودة ؟
(كيلا نُتّهم بأنّا ضدّ المؤسّسات ، نعلن تأييدنا ، لِما نُقل ، عن بعض كبار الباحثين ، في السياسة ، والفقه الدستوري ، وأنظمة الحكم ، أنّ : الديموقراطية هي أقلّ أنظمة الحكم سوءاً)!
إن الدول ، التي تخضع لحكم المؤسّسات ، تنطلق من بدايات ، لا بدّ منها ، وهي:
انتخاب مجالس نيابية وبلدية ، من قبَل الشعب ، وفق نظام انتخابي معيّن!
انتخاب رئيس للجمهورية ، عبر مجلس النوّاب ، المنتخب من الشعب.. أو عبر انتخاب مباشر، من قِبل الشعب!
 أو: انتخاب رئيس للوزراء ، من قبل المجلس النيابي المنتخب ، وتشكيل وزارة ، من قِبل رئيس الورزاء، الذي فاز حزبه بالانتخاب ، والمكلّف ، من قبل رئيس الدولة ، أو الملك !
لكن ، لنلقِ نظرة فاحصة ، على الأمور، لمعرفة حقيقتها:
أنظمة الحكم ، السائدة في أوروبّا، اليوم ، وُجدت، وتأصّلت، في اليونان القديمة، وروما القديمة!
المجالس التمثيلية ، المنتخبة من قبل الشعوب ، كانت ، وما زالت ، تخضع لعمليات كثيرة ، من الاستغفال ، ومن الإغراءات المتنوّعة ؛ لاختلاف مستويات الناخبين ، الفكرية والخلقية ، التي تختلف ، حول : الأكفأ لمنصبه ، و الأكثر إخلاصاً لعمله ! والساسة المتمرّسون ، يوجّهون الانتخابات ، في الاتّجاهات التي تخدم مصالحهم!
وتنبثق عن المجالس التمثيلية ، المنتخبة من الشعب ، سائر المؤسّسات المنتخبة ، والمعيّنة من قبل منتخبين ، للسلطات التشريعية والتنفيذية ! وينطبق على المؤسّسات المشكّلة ، ما ينطبق على المجالس المنتخبة ، من عمليات التوجيه والإغراء والخداع ، لكن بصوَر أرقى ؛ لأن من يمارس الأخيرة ، أناس متمرّسون!
غالباً ماكانت السلطات التنفيذية ، تنفّذ ماتراه مناسباً لسياساتها ، برغم معارضة الهيئات التشريعية ، التي يحقّ لها الاعتراض والمحاسبة ، والعزل ، أحياناً!
نماذج:
كان الأباطرة القدماء، هم الذين يتحكّمون بالدول ، ويسيّرونها كما يريدون ، برغم وجود المجالس والهيئات التشريعية، وذلك ؛ بما تملك السلطات التنفيذية، من قوى الدولة المختلفة ، من جيوش، وأجهزة إدارية وأمنية ، ونحو ذلك !
في العصر الحديث ، يكفي أن نذكر أمثلة قريبة ، ماتزال آثارها حيّة ، تتفاعل في بلادنا ! ونكتفي بمثال واحد ، يعكس صورة الواقع ، ويغني عن أمثلة كثيرة :
الرئيس الأمريكي ، بوش الابن ، مارس عمليات خداع وتضليل ، واسعة ، للشعب الأمريكي، ومؤسّساته التشريعية ، وغيرها ، ليضعها تحت أمر واقع ، لامفرّ منه ؛ وذلك حين قرّر احتلال العراق ! فقد قدّم لشعبه ، معلومات مضلّلة ، حول امتلاك العراق ، سلاحاً نووياً ، يهدّد به أمريكا..وأن العراق يملك رابع جيش في العالم، ولا بدّ من تحطيمه ، قبل أن يصبح قوّة عظمى، تهدّد أمريكا والعالم ! وقد اصطفّ رئيس وزراء بريطانيا ، توني بلير، مع بوش ، وخدع شعبه البريطاني ، ذا المؤسسات العريقة ؛ للمشاركة في غزو العراق، ثمّ اعترف بلير، نفسه ، فيما بعد، بعمليات الخداع والتضليل !
وليس من شأننا ، في هذه السطور، البحث عن بديل ، لحكم المؤسّسات ، التي نُقرّ بأهمّية وجودها ! لكنّا نشير، إلى أن المؤسّسات مظلومة ، وأنّ رفعَ الظلم عنها ، إنّما هو، من مهمّات أهالي الدول ، التي تُفاخر بهذه المؤسّسات .. أو تُتاجر بها !