الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللعنات لا تكفي لوقف المذبحة!

اللعنات لا تكفي لوقف المذبحة!

19.12.2016
حلمي الأسمر


الدستور
الاحد 18/12/2016
حينما تُهزَم في معركة، أنت عادة لا تلعن أعداءك، ولا تلجأ للدعاء عليهم، ولا إلى تنظيم المظاهرات ضدهم(!) بل تبحث عن مواطن الخلل في أدائك، للنصر والهزيمة قوانين ونواميس صارمة لا تُحابي أحدا، في مؤتة لم نسمع مسلما واحدا صَب جام غضبه على الرومان وحلفائهم من العرب، ولا خرج أهل المدينة المنورة في تظاهرات تندد بالرومان!
-2-
كتب حمزة رستناوي، في موقع اسمه "الغربال"/ معلقا على برنامج الفيلم الوثائقي الذي عُرِضَ قبل فترة على شاشة الجزيرة "الصندوق الأسود – حماة 82" كتب يقول: إنّ الرسالة التي فهِمها الأسد الأب من القوى العظمى آنذاك، وخاصة الولايات المتحدة، وفقاً لوثيقة مكتوبة، صادرة عن المخابرات العسكرية الأمريكية في نيسان 1982, كشف عنها الفيلم الوثائقي, كان فحواها: افعل ما تشاء لتثبيت حكمك، مع الاحتفاظ بمصالحنا ومصالح إسرائيل. للأسف ما تزال صالحة، وقد عمل بها الأسد الابن، وكأن التاريخ يكرر نفسه! فوفقاً لشهادة توماس فريدمان: "قواعد لعبة حماة؛ تُلعب من جديد بواسطة بشار الأسد، ابن حافظ الأسد، النظام السوري يحاول إعادة ما فعله في حماة، ولكن بالعرض البطيء ودونما استعجال، وبشكل تدريجي". إن صعوبات الثورة السورية حالياً تتوافق مع استنتاج أننا –السوريين- ما زلنا  قاصرين سياسياً في التَفَكُّر والاستفادة من دروس مجزرة حماة 1982، والصراع المسلح بين النظام الأسدي والإسلاميين!
-3-
لا أحد ينكر على من ذاق مرارة الظلم والهوان، وعانى من بشاعة جبروت نظام الأسد، أن يحلم بالحرية، ويتوق إليها، بل يعمل على نيلها، ويبذل في سبيل ذلك الغالي والرخيص، ولكن شريطة الاستفادة من عبر الماضي، وعدم تكرار الخطأ، ودفع الثمن مرتين، إنني أقول هذا وقلبي يعتصره الألم، ولكن كل ما قرأته عن حلب، ومذابحها، وفظائعها، سواء التي ارتكبها النظام أو المليشيا الفارسية، ولا أقول الشيعية، صب جام غضبه على القاتل، باعتباره هو السبب في كل ما حدث، ولم يكد يتطرق أحد إلى ملابسات ما جرى في الجانب الآخر من أخطاء قاتلة، جرت البلاد والعباد إلى ساحة الذبح!
-4-
ليس مناسبا لوم الضحية لم قتلها جلادها، فهذا منتهى الغباء والقسوة، ولكن صفحة المذبحة لم تزل مفتوحة، واخشى ما أخشاه أن يستمر الخطأ، فيدفع الناس الأبرياء مزيدا من أثمان أخطاء "ثوار" يلقون بأنفسهم وأهليهم إلى التهلكة، دون حساب موازين القوة، ولا الظروف الإقليمية القائمة حاليا، اللعنة على القتلة والمعتدين، من روس وفرس ورجالات نظام فاسد مجرم، غير أن هذه اللعنة لا تكفي لوقف المذبحة!