الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اللاجئ السوري: الحلقة الأضعف

اللاجئ السوري: الحلقة الأضعف

22.07.2019
هبة محمد


القدس العربي
الاحد 21/7/2019
أصبح اللاجئ السوري، هو الحلقة الأضعف في دول الجوار، ولم يخف على أحد العنصرية والتضييق الممارسة بحقه من قبل الحكومة اللبنانية وبعض أحزابها، ممن يسعون بشتى السبل لإعادته تحت قبضة النظام السوري الأمنية، واليوم انتقل الكابوس إلى السوريين المتواجدين في تركيا، بعد سلسلة الإجراءات الأخيرة التي سنتها أنقرة بحق حله وترحاله، والتي باتت تشكل هاجساً يلاحق حاضره ومستقبله الذين هم في الأصل دخلوا نفقاً مظلماً منذ سنوات، وبعد مغادرته لموطنه –سورية- تحت زخات النار والحرب والقلق الدولي الذي لم يسعفه ولم يضمد جراحه النزافة إلى يومنا هذا.
لا يخفي السوري المقيم في تركيا هرباً من الحرب في بلاده، رحابة صدر الجانب التركي في طريقة التعاطي معه بشتى مجالات الحياة، وحالة الأريحية التي قدمت له هناك سواء في العمل والتنقل، والتي ساوت إلى حد كبير وفق مراقبين، ما بين حقوق اللاجئ السوري والمواطن التركي، لكن جملة القرارات الأخيرة التي كان أخطرها ترحيل السوريين نحو الشمال السوري، أكثر ما يقلق اللاجئين من أي إجراءات ناظمة لتواجدهم في الولايات التركية.
هذا الإجراء وفق ما رصدته “القدس العربي” آثار حفيظة السوريين الذي يبلغ تعدادهم ما يزيد عن 3 ملايين و500 ألف لاجئ في تركيا، خاصة مع التلويح بورقة الترحيل لمن يحملون “بطاقة الحماية -الكمليك” في حال وقوعهم بأي مخالفة قانونية، وهو مشروع أكد حقوقيون سوريون بمخالفته للقوانيين الدولية، التي تنص صراحة على عدم ترحيل أي لاجئ نحو المكان الذي هرب منه حتى لو ارتكب مخالفات في البلد الذي يقيم فيه.
في حين أن وزير الداخلية في تركيا سليمان صويلو، اعتبر “تنظيم ملف الهجرة يعني تطبيق القوانين كاملة على السوريين كتجار وكمحلات وكأفراد، من جهة ضرورة حصولهم على التراخيص المناسبة وحملهم للأوراق الثبوتية وتصاريح العمل بالنسبة للعاملين، وعدم مخالفتهم نظام الإقامة أو الحماية المؤقتة أو العمل”.
أما مدير الهجرة التركية عبد الله أياز، قال خلال اللقاء الذي جمعه مع وزير الداخلية التركي بإعلاميين سوريين قبل أيام: “كانت إرادة السوريين للعيش معنا ناجحة، وكذلك الشعب التركي تحمل هذه الموجة الكبيرة من اللاجئين، وسوف نعمل كي يعيش السوريون بأمان في بلدنا”.
وأضاف، وفق ما نقلته وسائل إعلام عديدة، “نأمل منهم الالتزام بالقوانين، والقواعد العامة التركية، ونأمل منهم عدم الالتفات إلى حملات الكراهية والعنصرية التي برزت أخيرًا” كما طلب المسؤول التركي من الصحافيين مساعدة مديرية الهجرة في المرحلة القادمة، من أجل إنجاح جهود الحكومة التركية لدمج اللاجئين”.
تراجع بدون تأكيد
خلال الساعات الماضية، تناقلت وسائل إعلام سورية محلية، شريطاً مسجلاً لرئيس منبر “الجمعيات السورية” في تركيا مهدي داوود، أكد الأخير من خلاله، إبلاغهم من قبل السلطات التركية في اسطنبول، أن دائرة الهجرة في العاصمة السياحية – اسطنبول- عممت على كامل جهاتها المعنية، ايقاف عملية ترحيل السوريين سواء الحائزين منهم على بطاقة الحماية المؤقتة “الكمليك” في الولاية ذاتها إو غيرها.
وأوضح داوود، أن مدير دائرة الهجرة في ولاية اسطنبول رجب باتو، أوعز كذلك بمتابعة ملف السوريين الذين تم ترحيلهم إلى الداخل السوري خلال الحملة الأخيرة ممن يمتلكون “بطاقة الحماية” بهدف إعادتهم إلى تركيا مجدداً.
في حين لم يصدر عن الحكومة التركية، أي تأكيد أو نفي رسمي حول صحة هذه المعلومات، إلا أن المؤكد اليوم أن السوري في تركيا بات في حالة صعبة، فهو الذي كان يشعر بتركيا كموطن بديل ينعم فيه ويعيش حياة كريمة، حتى تمام الحل السياسي في بلاده الذي تنهشه الحرب من كل حدب وصوب، إلا أن هذا الحال بات مضطرباً اليوم، ولا يعلم السوري بعد ذلك إلى أين المفر.
عشرات آلاف السوريين لم يحصلوا حتى اليوم على الأوراق الرسمية في تركيا والتي تمنحهم حق اللجوء بشكل شرعي، وذلك بسبب إغلاق العديد من مراكز التسجيل، وتضاعف أعداد اللاجئين جراء موجات التهجير التي طالت أرياف دمشق إلى جنوب البلاد فوسطها وصولاً إلى شمالها.
لماذا تركيا؟
كما أن اللاجئ السوري بحسب خالد وليد، يفضل الإقامة في تركيا على الإقامة بأي من دول الجوار السوري، وذلك يعود إلى الحياة الكريمة، وغياب التضييق عليهم كما شهدته العديد من الدول العربية خلال السنوات الماضية.
وهذا المعتقد ساهم من وجهة نظر اللاجئ المقيم في أنطاكيا بولاية هاتاتي “علاء” بشكل من الأشكال بمضاعفة أعداد اللاجئين في تركيا، وتشكيل ضغط على الحكومة التركية، ومراكز التسجيل التي هي الأخرى بدورها لم تتحرك على ما يبدو بشكل مستعجل لتلافي الحالة التي وصل إليها ملف اللاجئين في تركيا.
أما الإعلامي المقيم في اسطنبول ياسر العيسى، فيقول: سبب عدم امتلاك هؤلاء الشباب لبطاقات اللجوء التركية (كمليك)، أن أغلبهم من الذين قدموا إلى تركيا خلال العامين الأخيرين، من بلدانهم وقراهم ومدنهم التي استولى عليها النظام في الغوطة ودرعا وغيرهما.
وتزامن دخولهم مع بدء التشدد الكبير على منح هذه الهوية، وشبه استحالة الحصول عليها في اسطنبول التي كان الملاذ الوحيد لهم، لكونها الخيار الوحيد للعمل، وللتمكن من وفاء ديونهم وتسديد التزاماتهم المالية التي تراكمت بعد أن فقدوا كل شيء داخل سوريا، وأثناء رحلة العبور إلى تركيا.
وقال العيسى لـ “القدس العربي”: قسم كبير من هؤلاء أيضاُ، جاء خلال العامين الماضيين من مناطق سيطرة النظام، مع تشدد الأخير في حملة التجنيد لقواته، الحملة التي بدأتها الشرطة التركية تركزت على فئة الشباب ممن تقل أعمارهم عن 35 عاماً، وبسبب شبه استحالة الحصول على عمل في إدلب والشمال السوري، سيكون خيار العودة لمناطق النظام والتجنيد في صفوف الحل الوحيد للكثيرين منهم.
الحملة الحالية أكثر من يتضرر بها وفق الإعلامي السوري، هم أصحاب اللجوء الحقيقيين الذين جاؤوا بعد أن عانوا الحصار والجوع والحرب داخل سوريا، وكان اللجوء آخر خياراتهم، لكن مع ذلك يُخلع منهم هذا الخيار اليوم.
ضغوط معيشية
ينقسم التواجد السوري في تركيا إلى عدة مستويات، السواد الأعظم منهم ممن يعلمون في مجالات الحياة اليومية، وآخرون التحقوا بالمؤسسات والمنظمات المعنية بالملف السوري، والقسم الأخير منهم توجه إلى الأعمال التجارية الخاصة.
وبين الطبقات السابقة، تعد الفئة العاملة في مجالات الحياة اليومية، هي الجهة الأكثر معاناة وضنكا في الحياة بالولايات التركية، وذلك نتيجة للهوة الواسعة بين الدخل الشهري والاستهلاك، حيث يتقاضون رواتب متدنية لا تتناسب مع المطالب المعيشية اليومية، ولكنهم رغم الضائق المادي يجاهدون لتأمين حياة كريمة لعائلاتهم، في حين تعيش بقية الفئات حياة أفضل وحالة استقرار.
الترحيل مخالف للقانون
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني: مبدأ عدم الإعادة القسري للاجئين، هو مبدأ عرفي، وكافة الدول تحذر من انتهاك القانون العرفي كونه ملزم لها، ويعود بأضرار على سمعتها الدولية.
وإقدام أي جهة على جعل المرحلون يقومون بالتوقيع على أوراق رسمية تتحدث عن عودتهم بشكل طوعي إلى بلادهم، هو حدث لا يقبله القانون الدولي، والعودة الطوعية لها ضوابط معروفة ومحددات تسمح للاجئ بالعودة، وقبل ذلك منحه فرصة لاستقصاء الوضع ومن ثم العودة إلى المكان الذي لجئ إليه.
لا يمكن للدول، وفق صرح به المسؤول الحقوقي لـ “القدس العربي” إعادة اللاجئ إلى مناطق تقيمها الدول كمناطق آمنة، انما اللاجئ هو الجهة التي تحدد حالة الأمن في هذه المنطقة أو تلك، وربما يكون السوري قد هرب من جبهة النصرة أو أي فصيل آخر.
الإعادة لا يمكن أن تكون جماعية، وإنما كل حالة على حدا، وتأخذ كل حالة وقتا محددا لها والتحقيق فيها، والإعادة والترحيل لمن لا يمتلك أوراق رسمية، إجراء مخالف للقانون الدولي.
وأضاف عبد الغني، مبدأ عدم إعادة اللاجئين قسراً، ملزم لجميع الدول، سواء كانوا أعضاء في اتفاقية اللاجئين وبروتوكلاتها أم لا، وكل السوريين الذين تركوا بلدهم بسبب الثورة السورية هم لاجئين، ولديهم حقوق اللاجئين، حتى وإن لم يتم منحهم مركز اللاجئ من قبل الدولة التي فروا اليها، وهذا لا يغير أي شيء فيما يتعلق بمركزهم كـ “لاجئين”.