الرئيسة \  مشاركات  \  الكذب : بين النافع والضارّ، والمُهلك والمُنجي .. في الدنيا والآخرة

الكذب : بين النافع والضارّ، والمُهلك والمُنجي .. في الدنيا والآخرة

08.08.2019
عبدالله عيسى السلامة




في القرآن الكريم ، قال تعالى :
( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ).
في الحديث الشريف  :
قيل: يا نبيّ الله ، هل يكذب المؤمن؟ قال: (لا)، ثمّ أتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه الكلمة: (إنّما يَفتري الكذبَ الذين لا يؤمنون ).
وقد ورد في الأثر: إن في المعاريض لمَندوحة عن الكذب !
إباحة الكذب :
عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : "يا أيها الناس ما يحملكم أن تتابعوا على الكذب كتتابع الفراش في النار ، الكذب كلّه على ابن آدم حرام ، إلاّ في ثلاث خصال : رجل كذب على امرأته ليرضيها ، ورجل كذب في الحرب ؛ فإن الحرب خدعة ، ورجل كذب بين مسلمين ، ليُصلح بينهما"
سئل سياسي أوروبي كبير، عن سرّ نجاحه وتفوّقه ، في عمله السياسي ، فقال : بالصدق!
وحين سئل ، عن معنى كلامه ، قال لا: لقد تعارف العاملون في السياسة ، على أن الكذب ، عنصر أساسي فيها! أمّا أنا ، فكنت أصدق مع الآخرين ، باستمرار، ويظنّ خصومي والمتعاملون معي ، أني سأكذب ، ويبنون مواقفهم ، على هذا ، فأبادرهم بالصدق ، فيُسقط في أيديهم !
أسباب الكذب ، المألوفة بين الناس :
أسباب اجتماعية : ومنها الحرص على مخادعة الآخرين ، في أمور تهمّ المخادِع ، مثل : تعمّد الظهور بغير الحقيقة ، لأجل زواج ، أو استدانة ، أو غيرذلك .. ومنها: حبّ الظهور؛ لكسب احترام الناس .. وغير ذلك!
أسباب سياسية وعسكرية وأمنية متنوّعة ، منها مايدخل ، في باب الكذب المباح ، مثل: (الحرب خدعة).. ومنها مايدخل، في أبواب مغايرة ، أو مختلفة ، مثل :
الكذب على ظَلمة مجرمين ؛ لحفظ النفس والعرض ..!
الكذب لحفظ أسرار، تتعلق بالدولة ، وأمنها ، بصوره المتنوّعة ، مثل : أمن الأشخاص ، وأمن المؤسّسات ، وأمن الأسلحة والمخترعات .. وغير ذلك !
الكذب لحفظ أسرار، تتعلّق بحياة الآخرين ، الذين يتعرّضون للأذى ، في حالة الصدق !
وبناء على ماتقدّم ، فإن الكذب يخضع ، للأحكام المعروفة ، في الفقه : الواجب والمندوب، والمباح ، و المكروه والمحرّم .. بحسب الأحوال ، وذلك ؛ استناداً إلى ماورد ، في سنة النبيّ الكريم:( المؤمن لا يكذب – إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب – إباحة الكذب في ثلاث خصال..)، وإلى ما أصّله الفقهاء ، من قواعد ، مثل : الضرورات تبيح المحظورات ، والموازنة بين أخفّ الضررين وأشدّهما.. وهكذا !