الرئيسة \  واحة اللقاء  \  القصير السورية بعد 8 سنوات.. "الكلمة لحزب الله" والأهالي مهجرون 

القصير السورية بعد 8 سنوات.. "الكلمة لحزب الله" والأهالي مهجرون 

09.06.2021
ضياء عودة


إسطنبول 
سوريا الحرة 
الثلاثاء 8/6/2021 
ثمان سنوات مرت على سيطرة قوات الأسد و"حزب الله" اللبناني على مدينة القصير السورية، وفيها تحولت إلى مدينة "أشباح" كما يقول سكانها الأصليون، وهم المتوزعون الآن لاجئين ونازحين في عدة مناطق، في مقدمتها عرسال اللبنانية بالإضافة إلى مناطق الشمال السوري، المنقسم بين إدلب وريف حلب. 
تعتبر القصير من المدن الكبيرة في محافظة حمص، ويتبع لها أكثر من 80 قرية وبلدة. 
وفي يونيو عام 2013 سيطرت عليها قوات الأسد بدعم رئيسي ومباشر من "حزب الله" اللبناني، لتكون أولى المناطق التي تشهد تدخلا خارجيا من قوات أجنبية، عدا عن كونها "الانكسارة الأولى والكبرى" التي تعرضت لها الفصائل العسكرية المعارضة لنظام الأسد عندما كانت تسمى سابقا "فصائل الجيش السوري الحر". 
ومنذ عام السيطرة عليها غابت تفاصيل الحياة اليومية في القصير عن الساحة الإعلامية بشكل كامل، ليقتصر ذكرها على ما تورده تقارير إعلامية بين الفترة والأخرى، حيث تكشف ممارسات "حزب الله" فيها من جهة وحرمان الأهالي من العودة إليها من جهة أخرى، لاعتبارات أمنية تتعلق بالأخير أكثر مما تتعلق بنظام الأسد. 
في يونيو 2013 سيطرت قوات الأسد على مدينة القيصر بدعم رئيسي ومباشر من "حزب الله" اللبناني 
"أبو الوليد" (40 عاما) من أهالي مدينة القصير ويقيم منذ سنوات في منطقة جندر بريف حمص الجنوبي يقول إنه قدم عدة طلبات ووضع اسمه في قوائم العودة إلى المدينة، لكنه لم يتلق الرد حتى الآن. 
يضيف أبو الوليد في تصريحات لموقع "الحرة": "أملك أكثر من 400 دونم من الأراضي الزراعية في القصير ولا يصلني منها شيء منذ 8 سنوات. يزرعها ويحصدها شخص من الطائفة الشيعية من قرية الذيابية وقيل لي إنه مقرب جدا من مسؤولي حزب الله اللبناني". 
وفي خطوة لافتة، في أكتوبر 2019 كان نظام الأسد قد أعلن عودة 3 دفعات من أهالي مدينة القصير إلى منازلهم، ونشرت حينها وسائل إعلامه الرسمية صورا وتسجيلات مصورة وثقت فيها عملية العودة. 
كان "أبو الوليد" الذي فضل عدم ذكر اسمه الصريح من ضمن الأشخاص الذين نقلوا بالباصات إلى القصير قبل عامين تقريبا، ويوضح: "سمح لي بتفقد منزلي لساعات فقط وتقييم الأضرار على الواقع، على أن أعود مجددا لأبدأ عمليات الصيانة ومن ثم العيش فيه، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن". 
ويشير الأربعيني إلى أن المدينة "مهجورة بالمجمل"، مؤكدا: "قلة فقط سمح لها بالعودة، وهي المحسوبة على بعض المسؤولين في حزب البعث، بينما ما تزال الغالبية العظمى تنتظر. القرار بيد حزب الله وليس بيد حكومة النظام السوري". 
"المنازل مدمرة بنسبة 85 بالمئة" 
ويقيم حاليا في مدينة القصير ما بين 2000-5000 شخص، من أصل سكانها الـ60 ألفا بحسب الإحصاء الرسمي الصادر عن حكومة نظام الأسد في عام 2011. 
وبحسب المصادر التي تحدث إليها موقع "الحرة" تبلغ نسبة الدمار في المنازل والمنشآت الحيوية 85 في المئة، مشيرةً إلى أن حكومة نظام الأسد "لم تزيل حجرا عن حجر حتى الآن، على الرغم من إعلاناتها المتكررة بخصوص ذلك". 
"أبو عدي" من أهالي مدينة القصير، ويقيم حاليا في منطقة عرسال اللبنانية، يقول إنهم تلقوا عدة وعود وعروض في السنوات الماضية للعودة إلى القصير، لكنها لم تكن كاملة "ومبهمة التفاصيل والمستقبل أيضا". 
تبلغ نسبة الدمار في المنازل والمنشآت الحيوية 85 في المئة 
يضيف "أبو عدي" في تصريحات لموقع "الحرة": "أولى العروض كانت من جانب حزب الله اللبناني. الرفض كان قطعيا بشرط الحصول على ضمانات دولية ومن جانب الأمم المتحدة". 
ويتابع الشاب متسائلا: "كيف أثق بعروض الجهة التي أخرجتني من منزلي؟ لن أعود وهو قرار جميع أهالي القصير الموجودين في منطقة عرسال اللبنانية". 
وتحدث "أبو عدي" أن نظام الأسد لم يسمح بدخول أهالي القصير إلى منازلهم بشكل جدي حتى الآن، مشيرا: "عائلات كثيرة تسجل أسمائها لكنها لم تحصل على الموافقات حتى الآن". 
"الغرباء في ديارنا" 
وتعرف أراضي منطقة القصير والتي تجاور لبنان بحدود طويلة وما حولها بوفرة مياهها ومساحتها الزراعية الواسعة. 
وكانت هذه الأراضي قد استقطبت فلاحين من المناطق والقرى في مدينة حمص في السنوات السابقة، إذ اتجه البعض منهم إلى استئجار الأراضي أو شراء بضع الدونمات، نظرا لكمية المياه الجوفية التي تساعدهم في زراعة المحاصيل. 
"أبو الهدى الحمصي" ناشط إعلامي من القصير ويقيم حاليا في محافظة إدلب يتابع أخبار مدينته "عن بعد" بحسب قوله، من خلال تطبيقات المراسلة، مثل "واتساب". 
يقول "أبو الهدى" في تصريحات لموقع "الحرة": "مدينة القصير في الوقت الراهن تحت هيمنة حزب الله اللبناني-هذا هو الواقع المؤكد- من أراضي وأشجار ومساحات واسعة من الأراضي". 
وكان مقربون من "حزب الله" قد أقدموا في السنوات الماضية على قطع الأشجار من مساحات واسعة، بحسب الناشط المذكور. 
ويضيف: "الممارسات ماتزال مستمرة حتى الآن، وخاصة الأراضي الواقعة غرب نهر العاصي، وهي المحاذية للحدود اللبنانية". 
من جانبه يقول "أبو عدي" الذي يقيم في عرسال: "هناك غرباء في ديارنا بالقصير، وخاصة من كفريا والفوعة. هم مدنيون من الطائفة الشيعية تم الاتفاق على إخلائهم من مناطقهم بريف إدلب منذ سنوات واستقر جزء منهم في منازلنا وجزء آخر في منطقة الذيابية". 
ويضيف الشاب أن منع عودة أهالي القصير لا يقتصر على المعارضين منهم، بل ينطبق ذلك أيضا على الموالين، ويتابع: "بعض العائلات الموالية لنظام الأسد لم تتمكن من استعادة أراضيها حتى الآن من يد مسؤولين مقربين من حزب الله اللبناني". 
"مركزان للتهريب والحشيش" 
وللقصير موقع استراتيجي جعل منها في السنوات الماضية نقطة رئيسية لعمليات التهريب من لبنان إلى سوريا وبالعكس، وهو ما أكدته مصادر رسمية لبنانية مؤخرا. 
وإلى جانب ذلك تردد حديث في السنوات الماضية بكثرة، وأفاد بتوجه مسؤولين في "حزب الله" إلى زراعة مئات الهكتارات من أراضي منطقة القصير بالحشيش، كما اتجهوا أيضا إلى تأسيس مصانع مصغرة لصناعة حبوب "الكبتاغون". 
وفي الوقت الذي لا تصدر فيه أي تعليقات حول ما سبق من جانب "حزب الله" أو نظام الأسد، يؤكد أهالي المدينة تلك الممارسات، ويقولوا إنها في تصاعد، من حيث المساحات المزروعة بالحشيش أو تطوير طرق التهريب.  
حديث عن ضلوع مسؤولين في "حزب الله" في زراعة مئات الهكتارات من أراضي منطقة القصير بالحشيش 
وتواصل موقع "الحرة" مع أحد المدنيين المقيمين في منطقة ربلة وهي إحدى قرى القصير، وكشف عن مركزين للتهريب أسسهما "حزب الله" اللبناني في المنطقة منذ سنوات. 
المركز الأول يسمى بـ"مركز منطقة ربلة"، وتحول في الأعوام الثلاثة الماضية إلى مركز تجاري "ضخم جدا"، يغذي المناطق الواصلة حتى مركز مدينة حمص. من وقود ومواد غذائية وأيضا القطع الأجنبي، وبالأخص الدولار. 
أما المركز الثاني بحسب المدني الذي طلب عدم ذكر اسمه فيسمى بمركز "العقربية"، وتحول أيضا إلى مركز تجاري كبير، بالإضافة إلى عمليات التهريب شبه اليومية التي يشهدها. 
وفيما يخص المعلومات المتعلقة بزراعة الحشيش يوضح "أبو عدي" المقيم في عرسال إلى أن الزراعة تتركز في منطقة غرب العاصي المحاذية للحدود اللبنانية. 
ويقول "أبو عدي" لموقع "الحرة": "منطقة القصير تنقسم إلى مناطق غرب العاصي ومناطق شرق العاصي. الأولى تحاذي لبنان وتعرف بتربتها الخصبة". 
المخدرات أصبحت من أبرز آثار الحرب الدائرة في سوريا، إذ انتعشت تجارتها وترويجها بين الشباب في مناطق مختلفة من البلاد، فيما اعتبرها المرصد السوري لحقوق الإنسان ظاهرة تنمو تدريجيا حتى باتت تنتشر بشكل واسع وملحوظ في مناطق الشمال السوري التي تديرها "حكومة الإنقاذ" بالتحديد. 
ويضيف الشاب السوري أن أغلب الأشجار المثمرة في مناطق غرب العاصي تم قطعها من قبل أشخاص نافذين على صلة بـ"حزب الله"، ومن ثم أقدموا على تحويلها إلى أراض فارغة تصلح فقط لزراعة نبتة "الخشخاش. هذه النبتة تحب الأرض وتنمو فيها بشكل عجيب مع وفرة المياه الموجودة بالأصل من العاصي".