اخر تحديث
الثلاثاء-07/05/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ القدس معركة وعي لا معركة سلاح
القدس معركة وعي لا معركة سلاح
03.08.2017
د. طارق ليساوي
في خضم توالي الأحداث الراديكالية، التي اجتاحت المنطقة العربية ، والتي من أهم عناوينها حصار قطر و التغيير السياسي في هرم السلطة داخل الأسرة الحاكمة في السعودية، و ماسبق ذلك، من تجييش لوسائل الإعلام ضد حركة حماس و الإخوان المسلمين، والانصياع المكشوف من قبل العديد من الحكومات العربية و خاصة الخليجية للإرادة الأمريكية والإسرائيلية..في ظل كل هذه الأجواء المشحونة يفاجئ العالم العربي و الإسلامي بإغلاق المسجد الأقصى و منع الأذان به،من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ..
ولعل هذا السلوك الإسرائيلي هو نتاج لتحليل أبعاد الأحداث السالفة الذكر، و أن الشعوب و الحكومات العربية لا يعنيها ما يحدث على أرض فلسطين، بل أصبحت بعض الأصوات ترتفع من داخل السعودية وغيرها معلنة بأن العدو هو حماس و ليس إسرائيل ...و هو ما اعتبرته إسرائيل فرصة مواتية لتنفيذ أجندتها في المسجد الأقصى ..و العمل على فرض سياسة الأمر الواقع و إقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى..
و الواقع ان ما حدث في القدس يقتضي منا جميعا تحليله و فهم أبعاده، و ذلك لسببين :
الأول–أن الواقع العربي و الإسلامي بلغ درجة من العجز لا تحتمل بدليل أن أول القبلتين و ثالث الحرمين و مسرى رسول الله محمد صل الله عليه وسلم يتم غلقه و منع الصلاة به ، في ظل وهن عربي و إسلامي غير مسبوق..
الثاني- الحرب العشواء على الإخوان المسلمين وحماس الغرض منه تصفية القضية الفلسطينية وعلى رأس ذلك القدس الشريف ...
لكن بالرغم من هذا التكالب و الدعم الضمني للكيان الصهيوني من قبل حكومات باعت نفسها للشيطان مقابل الحفاظ على المناصب و المكاسب، إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت مرة أخرى أنه يستحق و صف "شعب الجبارين" ، فأهل القدس و الناصرة و غيرها دافعوا عن المسجد الأقصى ببطولة لانستغربها على هذا الشعب الأبي الذي خانه الأقارب و الإخوة الأشقاء ..
و ما يثلج الصدر بعد انتصار إرادة المقدسيين على إرادة الصهاينة وحلفاءهم ، أن شباب فلسطين و شيبها واعون بحجم المخاطر التي تحاك ضدهم ، ولعل ذلك نابع من أن القدس شكلت و لاتزال تشكل في الوجدان الديني أهم منطقة في العالم، فجمال القدس و عظمتها لم تستمدهما من بناياتها و لا جغرافيتها المتميزة أو موقعها الجيو-ستراتيجي، و إنما نابعة من كونها مهد لكل الديانات السماوية فهي الأرض المباركة التي بنا بها أدم عليه السلام ثاني مسجد بعد البيت الحرام، و هي المدينة التي هاجر إليها الخليل إبراهيم عليه السلام و هي الأرض التي اشتاق موسى عليه السلام لدخولها و قومه بعد الخروج من مصر،و ما دخلوها إلا في عهد داوود عليه السلام ..وهي المدينة التي ولد بها المسيح ابن مريم ..وبالاقصى الشريف صلى محمد عليه السلام بكل الانبياء و منها صعد إلى سدرة المنتهى..
هذا الإرث الديني للقدس جعل فلسطين أو أرض كنعان تتعرض للعديد من الغزوات الكبيرة .كغزو الفلسطينيين لساحل فلسطين أو كغزو الآشوريين و البابليين و الفرس و المقدونيين تم الرومان و ذلك قبل ميلاد المسيح عليه السلام، ثم غزوات الصليبيين و التتار في القرون الوسطى و بعد الفتح الإسلامي للقدس ..
ومن مؤشرات المكانة السامقة للقدس هو تضارب الروايات التاريخية حولها لاسيما في أوساط الباحثين الأوربيين و المستشرقين الذين عملوا منذ القرون الوسطى على تزييف الحقائق ودس روايات مجانبة للواقع التاريخي للمدينة و محركهم في ذلك:
1- العداء للإسلام و2- سيطرة الأساطير التوراتية على وجدانهم و3- تحريض شعوبهم على استعمار هذه الأرض و السيطرة عليها و هو ما تحقق فعلا من خلال الحملات الصليبية ،و تتحقق في عصرنا هذا بالاحتلال الصهيوني لعموم فلسطين و القدس الشريف ...
ولعل تركيز المقال على هذه المعطيات التاريخية و الجانب الديني هو عنصر أساسي في فهم الصراع العربي - الإسلامي من جهة و الصهيوني -الصليبي من جهة أخرى على أرض فلسطين عامة والقدس خاصة ، فالعرب و المسلمين تدعمهم الحقائق التاريخية منذ ما قبل ميلاد المسيح بآلاف السنين فمن استوطن فلسطين قبل أن يدخلها النبي إبراهيم عليه السلام، بعدما خرج من العراق هو و ابن أخيه سيدنا لوط في عهد الملك الطاغية "النمرود"، متجها إلى فلسطين و التي كان يحكمها الملك العربي "ملكي صادق"، هم العرب الذين هاجروا إليها من الجزيرة العربية ، ففلسطين لم تكن يوما أرض بلا شعب فأول من عمرها هم العرب و هو ما تدعمه الدلائل التاريخية..
بل إن ما تزخر به الأساطير التوراتية هو مجانب للصواب و اليهود لم يعمرو فلسطين إلا في فترات تاريخية متقطعة، و القران الكريم يعطي للمسلم سرد تاريخي لمراحل الوجود اليهودي في فلسطين..و لما كان المقال بطبيعته لا يسمح بسرد كل التفاصيل حول تاريخ فلسطين و القدس ..فان جوهر مايسعى إليه هذا المقال هو دفع المواطن العربي إلى قراءة تاريخ فلسطين بتمعن وعبر مصادر متعددة، تحترم مبدأ الموضوعية التاريخية و التسلسل الكرونولوجي للاحداث بعيدا عن الذاتية والهوى السياسي أو العقدي ، و تجنب الرواية الغربية والرواية الصهيونية التي زيفت عن عمد العديد من الحقائق التاريخية وصورت الباطل حقا و الحق باطلا ..
و للأسف خروج من يقول بأن القدس ليست في سلم أولوياتنا كمسلمين وعرب هو نتاج لعملية غسيل المخ و التي نجح فيها الصهاينة كما نجحوا في عملية الغسل السياسي و الاقتصادي و التاريخي و ذلك بتواطؤ مع أنظمة سياسية عميلة ضيعت الأوطان مقابل الحفاظ على الكراسي و المكاسب..
فلسطين والقدس هي قضية كل مسلمي العالم بل قضية كل الأحرار، و الحق العربي و الإسلامي لا يمكن إنكاره و من يفكر في غير ذلك فهو ينفذ أجندة الصهيونية ، لذلك المعركة حول القدس تحديدا ليست معركة يحسمها السلاح و إنما هي معركة وعي و إدراك لطبيعة النزاع فهو نزاع ديني بين عقيدتين إحداهما لازالت تحتفظ بصفائها الرباني، و أخرى حرفت و تحكم فيها الهوى البشري ، فنصرة القدس و الانتصار لها هو بخلاصة انتصار للعدل و للحق، و للأمل في غد تخرج فيه الإنسانية من ظلم الاستبداد و الهيمنة الاقتصادية والسياسية إلى عدل الإسلام..و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون..
*إعلامي مغربي و أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي .