اخر تحديث
الجمعة-26/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ القابليّة للعبَث : أشمَل وأخطَر، مِن القابليّة للاستعمار
القابليّة للعبَث : أشمَل وأخطَر، مِن القابليّة للاستعمار
11.11.2017
عبدالله عيسى السلامة
القابليّة للعبَث مرَض (نفسي..أوعقلي..أوخُلقي..أواجتماعي..أوثـقافي..) ! وهو يشمل الأفراد والجماعات والأحزاب والقبائل ، كما يشمل الدول والشعوب والأمم..!
1) القابليّة للاستعمارهي قابليّة للعبث ، لأن استعمار الدول والشعوب والأمم ، هو أخطر أنواع العبث بها..! / وهذا هو الصنف الذي تحدث عنه المفكر الكبير مالك بن نبي، يرحمه الله ، وعليه نتّكيء ، في استعراض أنواع القابليّات السلبية..!/.
2) قابليّة الفرد لعبث الآخرين ، بسبب ( حماقته ، أو كِبْره ، أو بَلادته ، أو ولَعه بالزعامة ، أو ادّعائه ماليس له أوماليس فيه ، أو تَطفّله على شؤون الآخرين ، أو سفاهته ، أو جرأته على النيل من كرامات الآخرين ، أو حِرصه غير الطبيعي ،على أن يبدو مُهمّاً ذا شأن..!)..هذه القابلية هي نوع من الاستعداد السلبي، لدى هذا الفرد، ليعبث به الآخرون..! فهو يعطيهم ، بنفسه ، المفاتيح التي يعبثون بها بشخصيته ، في أي جانب من جوانبها ..! والثقافات الإنسانية ـ لاسيّما الأدب والفنّ ـ مشحونة بأنواع العبث الذي مارسه كتّاب ، وأدباء ، وشعراء ، ورسّامون ، ومخرجون في فنّ الدراما..على شخصيات معيّنة ، وعلى صفات معينة تشمل شرائح من البشر..! ولو كان بحثنا هذا في مجال الأدب والفنّ ، لَعرضنا نماذج في غاية الطرافة والإمتاع ، ممّا خلّفه لنا الحطيئة ، والجاحظ ، وابن الرومي ، والمتنبي، وموليير، وبرناردشو، والمازني ، وغيرهم.. ! إلاّ أن لهذا مجالاً آخر.
والمشكلة الأخطر، هنا ، تكمن في مصير الناس المرتبطين بهذا الفرد ، سواء أكان الارتباط أسَرياً ، أم مالياً ، أم سياسياً ، أم عسكرياً ، أم اجتماعياً ، أم ثـقافياً ..! كأن يكون هذا الشخص ربّ أسرة ، أو مسؤولاً في مشروع مالي أو اقتصادي ، أو عضواً ذا شأن في تنظيم سياسي ، أو قائداً عسكريا ، أو زعيماً قبلياً ، أو مسؤولاً عن مؤسسة ثقافية ...! لأنه ، في هذه الحال ، يشكّل بلاءً أو كارثة ، على الناس المرتبطين به ، أو الواقعين تحت إمرته ، أو المقتدين به ، أو الخاضعين لتوجيهاته ..! ويشكّل ثغرةً ـ على سبيل اليقين ـ في الجدار الذي هو لبنة فيه ، أيّـاً كان هذا الجدار ..! وكلما ازدادت أهمية الجدار ـ سياسياً .. عسكرياً ـ وازدادت ضخامة هذه اللبنة فيه ، ازدادت الخطورة، وازداد حجم الكارثة ..! لذا ، تحرص الدول ، على العبث بأكبرالرؤوس ، في الدول الأخرى ، ممّن هم في المناصب العليا والحساسة ، بعد أن تبذل جهودها ، للوصول إليهم، والهيمنة عليهم ، من خلال نقاط ضعفهم، النفسية والعقلية والخلُقية..لتَعبث ،عَبرهم، بما يقع تحت مسؤولياتهم ، من بَشر، ومؤسسات ، ومصالح عامّة ، وأوطان ..! (ومعلوم أن اليهود ، هم أساتذة العالم في هذا الفنّ ، وإنجازاتهم فيه ـ لاسيّما في أمريكا ـ يعرفها كل من لديه اهتمام بهذا الموضوع ..!).
كما أن الحكومات تحرص على العبث بمعارضيها ، عَبر هذه الثغرات ـ أي: الشخصيات التي لديها قابليّة للعبث بها ـ فتَـشقّ بعض الأحزاب المعارضة ، وتشتري عناصر مهمّة من أحزاب أخرى ، بالمال ، أوالمنصب ، أو إسباغ الأهمية والشهرة على الشخص المشترَى .. أو مداعَبة إحساس غامض لديه ، بأنه حلاّل للعقد المستعصية ، التي لايستطيع حلّها أحد سواه .. أو نحو ذلك ، ممّا بَرعت أجهزة الدول في ممارسته ، والتـفنّن فيه ..!
3) قابلية الشعوب لأن يستبدّ بها حكّامها ، فينتهكوا حريّاتها وحرماتها ، وينهبوا أموالها، ويُبيحوا أوطانها لأعدائها .. هذه القابليّة هي من أشنع أنواع القابليّات ، وأشدّها فتكاً، بالشعوب والدول والأمم ، على مدار التاريخ الإنساني.. وهي لاتقلّ خطراً عن القابليّة للاستعمار ..! ومن أبرز نماذجها التاريخية المعروفة ، شعب فرعون الذي ( استَخفّ قومَه فأطاعوه) فنصّب نفسه عليهم إلهاً، وفرَض عليهم أن يقبلوا منه صفات لاتكون إلا لله ربّ العالمين ، مثل :( فعّال لِما يريد ) و ( لا يُسأل عمّا يَفعل)..! ولو لم يكن لدى الشعوب ، هذا النوع من القابليّة ، لَما عبث بها الحكّام هذا العبث..!
على أنا لاننسى ، أن الحكّام يحرصون ـ بكل مالديهم من قوّة ومكر وخبث ـ على صناعة هذه القابليّة لدى الشعوب ، لأنها هي وحدَها، التي تمكّنهم من رقابها ، أطولَ مدّة ممكنة .. وإذا ماتوا ، ورّثوا هذه الشعوب لأبنائهم ، على أنها تَركة تمثل مجموعة من العبيد ، يتصرف بها الورثة بالصورة التي تريحهم ..! وأيّة موازنة بين صورة الشعوب العربية قبل نصف قرن ، حين كانت تقارع الاستعمار، وتتصدّى لأخطاء حكّامها في الشوارع ، بالملايين ، في مظاهرات حاشدة .. وبين صورتها اليوم ، توضح الجهد ( الرائع النبيل !) الذي بذله هؤلاء الحكّام ( الرائعون!) في صناعة هذه القابليّة (السامية الجليلة! ) لدى شعوبهم ، التي يتغنّون بخدمتها صباحَ مساءَ..!
4) ومن المفيد أن نذكّرهنا ، بأننا في عصر دخلت فيه السياسة في كل شيء ، بما في ذلك الماء والغذاء والدواء.. ودخل التفكير السياسي ، في صميم التفكير الاقتصادي والاجتماعي للأفراد والجماعات ، فكثرت الأحزاب السياسية ، وتنوّعت مشاربها ومذاهبها ، وصارت الهيمنة على الشعوب ، تتمّ عبرَ الهيمنة على الكتل والأحزاب السياسية فيها ، وصار اصطياد الفرد الفاعل ، داخل الحزب السياسي المعارض ، جزءاً أساسياً من عمل أجهزة الاستخبارات ، لدى الحكومة التي تهيمن على مقدرات الدولة ..! ومن خلال اصطياد الأفراد الفاعلين ، في الأحزاب المعارضة ، تتمّ الهيمنة على هذه الأحزاب ، ثم تَجري عمليات توظيفها ، في الأهذاف التي تخدم مصالح الحكم القائم ..! أو تتمّ تَـشْظيتها والهيمنة على بعض شظاياها ، وتوظيفها في خدمة الحكومة وأهدافها..!
5) وأساليب الأجهزة الامنية ، في الهيمنة على الأحزاب المعارضة ، أو تشظيتها وتوظيف شظاياها .. كثيرة متنوعة ، منها إغراء الأفراد بمصالح خاصّة بهم ، ومنها إقناعهم ـ أو استغفالهم ! ـ إذا كانوا من أصحاب المبادئ ، أن السلطة الحاكمة ، تريد بسلوكها الفلاني ، خدمة وطنهم وأحزابهم ، وأنهم ـ أي الافراد المعبوث بهم ـ هم وحدهم ، المؤهلون لمساعدة السلطة في تحقيق أهدافها ( الخيّرة النبيلة !) التي تتحقّق بها مصالح الوطن ، بفئاته كلها ، وأحزابه كلها..! بينما الآخرون ، الذين يعارضون سياسات الحكومة ، جهلة متخلفون ، أو أصحاب مصالح شخصية ، يضحّون لأجلها بمصالح الوطن والشعب..!
( ومن أخبث الأساليب التي تمارسها الحكومات ، لشقّ صفوف معارضيها، أسلوب تقديم /العروض..!/ التي ظاهرها فيه الرحمة ، وباطنها من قِبَـله العذاب ..! فيُخدع بعض قادة الحزب المعارض ، بالبريق الذي يعكسه عرض السلطة ، ويتحمّسون لمحاورتها ـ أو مفاوضتها ـ على أساسه ، مردّدين القول الدارج : فلنتبع العيّار إلى باب الدار ! وينتبه قادة ـ أو نشطاء ـ آخرون من أعضاء الحزب ، إلى رغبة السلطة في العبث بالحزب ، عبر العرض الذي قدمته.. ويحذّرون المتحمّسين ، من الفخّ الرامي إلى شقّ الحزب وتَشظيته..! ويثور النقاش ، ثم الجدال ، بين مؤيّد لعرض السلطة ، ورافض له محذّر منه ! ثم يتطور الأمر ، إلى خلاف بين الفريقين ، يؤدّي في النهاية إلى انشقاق، أو إلى بلبلة شديدة داخل الحزب ، تسعى السلطة إلى تعميقها وتوظيفها ..! ثم يكتشف أفراد الحزب - بعد معاناة مريرة في دوّامات الجدل والشَحناء - مَدى ما يَتحلّى به بعض قادته ، من حنكة وذكاء..!).
ومن الجدير بالذكر، أن لعبة الصراع ، بين السلطات الحاكمة والأحزاب المعارضة لها ، هي ظاهرة عامّة ، منتشرة في العالم كله..! وهي تبدو أشدّ سخونة ، وـ ربّما ضراوةً ـ في الدول التي تحكمها سلطات دكتاتورية مستبدّة ، تَضيق ذرعاً بأيّ صوت مخالف ، وتسعى إلى خنقه ، دون هوادة أو رحمة ! وبلادنا العربية تحظى بالقسط الأكبر، من هذا الطرازالرائع من السلطات..!
6) قابليّة الحكّام لأن يعبث بهم أعداء أمتهم ( هم يسمّونهم حلفاء!)..هذه القابليّة لاتقلّ فتكاً وتدميراً ، للدول والشعوب ، عن سابقتها..! فالعبث بالحاكم ، الذي يهيمن على مقدرات شعب ودولة ، هو بالضرورة ، عبث بهذا الشعب وهذه الدولة ، وهو عبث بالواسطة ، عَبر الحاكم نفسه ! ـ وهذا العبث الخارجي ، عبرالحكّام وأصحاب القوة في الدولة ، يسمّى نفوذاً ! وهو ما تميل إليه الدول القوية اليوم ، بعد مضيّ عصر الاحتلال المباشر، الذي كان يسمى استعماراً ..! ـ وقد تحتاج الدولة العدوّة ، المسيطرة على الحاكم ، إلى التدخل المباشر ، للعبث المباشر ، بالأصالة لا بالوكالة ! فتعود إلى عهد الاحتلال والسيطرة المباشرة..!
وقد بدأت تباشير هذه السياسة تظهر ، منذ سنوات قليلة ، في سلوك الامبراطورية الجديدة (أمريكا).. ونماذجها في بلادنا ، أوضح من أن تحتاج إلى دليل ..!