الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العدالة في الحرب السورية 

العدالة في الحرب السورية 

25.03.2021
رضوان زيادة



سوريا تي في 
الاربعاء 24/3/2/2021 
ليس لدي شك أبداً في أن العدالة في سوريا ستتحقق لكن ربما سيطول الوقت، هذا الشهر كان حافلا بالعديد من المؤشرات التي تؤكد إصرار المجتمع الدولي على المحاسبة للمتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري وعلى رأسهم نظام الأسد ورؤساء الأجهزة الأمنية الذين فتكوا بالشعب لسوري قتلا وتعذيبا. 
وربما نحتاج إلى سنوات حتى نحصد نتائج المبادرات الدولية التي تم تأسيسها لضمان المحاسبة والعدالة للضحايا في الحرب السورية، وأهمها إنشاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق ومحاكمة الأشخاص المسؤولين عن أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبت في الجمهورية العربية السورية. "حيث اعتمد القرار في 21 ديسمبر 2016. هذه الآلية التي يطلق عليها بالإنكليزية International, Impartial, and Independent Mechanism (IIIM) تهدف لوضع قضية المساءلة عن سنوات الفظائع في سوريا ضد المدنيين أولوية لها. 
هذا القرار يعتبر الخطوة الأكثر عملية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اتخذت منذ بداية الصراع في سوريا في عام 2011. فالحكومة السورية تتحمل المسؤولية النهائية لحماية المدنيين، لكنها فشلت عاما بعد عام وأصبح حجم جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية يفوق الوصف. وبالتالي فهذا القرار يضمن احترام القانون وتوفير العدالة للضحايا، ويتطلب تقديم معلومات موثقة تمهد الطريق لتحقيق العدالة الجنائية وبناء مستقبل مختلف في سوريا. 
بنفس الوقت وجدنا في ألمانيا في محكمة كوبلز تفعيل ما يسمى الولاية القضائية العالمية لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب في سوريا وهناك قضايا أخرى مرفوعة في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإن كانت محاكمات فردية وخارج سياق محاسبة الجرائم الأكثر خطورة في الحرب السورية إلا أنها ترسل رسائل حاسمة أن ملف العدالة ربما سيكون مفتوحا في سوريا لعقود طويلة مقبلة فهذا النوع من الجرائم لا يسقط بالتقادم وطالما هناك ضحايا مؤمنون بتفعيل قضيتهم والوصول بها حتى تحقيق العدالة سيظل رفع الدعاوى القانونية في كل فرصة يشكل خطوة للأمام. 
تهدف المحاكم المختلطة والمقترحة بشأن سوريا إلى تعزيز ملكية الضحايا السوريين من الأفراد لعملية الإجراءات الجنائية 
وبنفس الوقت يجب ألا نحيد عن الهدف بضرورة إنشاء محكمة خاصة مختلطة تتكون من قضاة سوريين مع الاستعانة بقضاة دوليين بإشراف الأمم المتحدة لمحاسبة مرتكبي الجرائم في فترة الثورة، وتكون هذه المحكمة خاصة بتوقيتها وآلياتها وتقوم بتطبيق كل من القانون الدولي والوطني السوري (المحلي). ويمكن الاستعانة بقوانين ونصوص المعاهدات الدولية التي وقعت عليها سوريا من أجل تطوير الإجراءات الخاصة بالمحكمة ونظامها القضائي. تهدف المحاكم المختلطة والمقترحة بشأن سوريا إلى تعزيز ملكية الضحايا السوريين من الأفراد لعملية الإجراءات الجنائية، وفي الوقت ذاته ضمان النزاهة الخاصة بالمحاكم الدولية. 
في صلب العدالة الانتقالية تكون المساءلة وتحقيق العدالة والتي تشمل اتخاذ الإجراءات القضائية ضد مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي جرت في سوريا خلال فترة الثورة، ويمكن لهذه المحكمة استهداف المرتكبين لهذه الجرائم أو التركيز على العاملين بالمستويات القيادية العليا في هيكلية نظام الأسد المسؤولين عن إصدار أوامر بتلك الانتهاكات والجرائم أو الذين لديهم صلاحيات إدارة نافذة على مرتكبي تلك الجرائم، ولا يستثنى من ذلك من ارتكب الانتهاكات ضد المدنيين من قبل المعارضة المسلحة، ويتعين إجراء هذه المحاكمات بما يتفق مع معايير المحاكمات العادلة في إجراءاتها وذلك لتجنب أي طعون في مشروعيتها. 
يجب أن نبدأ التفكير في آليات دولية أخرى وجديدة لإنهاء دورة العنف وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي كانت عقيدة نظام الأسد 
علينا أن نفكر كيف يمكن تجاوز هذا الاستعصاء القانوني في عدم محاكمة نظام الأسد على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق الشعب السوري يوميا، ولما كانت محكمة الجنايات الدولية تبدو بعيدة المنال بسبب عدم توقيع سوريا على اتفاق روما الأساسي المنشأ للمحكمة ورفض روسيا واستخدامها حق النقض الفيتو في منع إحالة هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية بقرار من مجلس الأمن، هنا يجب أن نبدأ التفكير في آليات دولية أخرى وجديدة لإنهاء دورة العنف وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي كانت عقيدة نظام الأسد خلال حكمه لسوريا على مدى خمسين عاماً.