الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العالم العربي استثناء من العالم

العالم العربي استثناء من العالم

09.11.2017
د. رحيل محمد غرايبة


الدستور
الاربعاء 8/11/2017
كل شعوب العالم تزحف صوب الحرية، رغم التفاوت الواضح بين الشمال والجنوب في حجم الانجاز في هذا المسار، لكن ما يسترعي الانتباه أن المنطقة العربية ما زالت تشكل استثناء بالنسبة لبقية الأمم، فربما يكون العالم الغربي  قطع شوطاً متقدماً إلى الأمام منذ فترة طويلة، ولم تعد المسيرة الديمقراطية حكراً على العالم الغربي فهناك دول آسيوية قطعت شوطاً معتبراً فيها مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، وهناك دول كثيرة من العالم الاسلامي التحقت بركب التقدم والديمقراطية مثل ماليزيا وتركيا وباكستان وغيرها.
الملاحظة الأخرى تتعلق بالدول الأفريقية التي تتقدم بتدرج واضح نحو الحرية والديمقراطية وهي مرشحة لتحقيق بعض الانجازات المعتبرة في هذا الشأن وما زالت  بعض الدول العربية غارقة في ظلام الاستبداد   ، وما زالت كثير من دعاوى الاصلاح فارغة من المضمون الحقيقي، ولا تعدو أن تكون شكلاً من أشكال التدليس ومحاولة بائسة لتزيين حكم الاستبداد القائم على تغييب الشعوب ومصادرة إرادتها الجمعية.
لا يكون الاصلاح حقيقياً إلاّ إذا كان معبراً عن إرادة شعبية حقيقية، ويمثل تقدماً واثقاً على طريق تمكين الشعوب من تقرير مصيرها واختيار حكوماتها وبناء مؤسسات الدولة المنبثقة من المبدأ القاطع القائل: "الأمة مصدر السلطات" ، لأن الاصلاح ليس تعبيراً عن إرادة فرد ورغبته في تمكين نفسه أو محاربة خصومه.
لقد تم اهدار وقت طويل في مخادعة النفس، وتم إهدار كثير من مقدرات الشعوب العربية على مذبح فئة قليلة استأثرت بالسلطة والمقدرات مما أدى إلى التخلف الحضاري المزري، وحوّل الشعوب إلى مجاميع تائهة ضائعة في الجهل والظلم، وأصبحت عبئاً على البشرية، بينما كانت كثير من شعوب العالم تصنع مجدها وتشق طريقها في بناء ذاتها ومستقبلها.
ربما سيقول بعضهم أن الدول صاحبة المصالح الكبرى في منطقتنا هي التي تعيق تحقيق الديمقراطية وترسيخ معاني الحرية، بدليل دعم الولايات المتحدة الأمريكية للأنظمة الاستبدادية والأنماط القبلية المتخلفة في عالمنا العربي، وتبذل جهداً كبيراً في ضرب التجارب الديمقراطية ووأدها، وهذا ينطبق على دور روسيا وكثير من الدول الكبرى في رعاية مصالحها في الإقليم من خلال رعاية زبائنها المتسلطين على حساب الشعوب المقهورة.
هذا الكلام له وجه من الحقيقة والواقع، لكن الحقيقة الأكبر والأكثر وضوحاً أنه لا أحد يستطيع الوقوف أمام إرادة الشعوب الجمعية في التحرر، وجميع الشعوب الأخرى التي نالت حريتها كانت بذلت من الجهود والتضحيات ودفعت من الأثمان ما جعلها أهلاً للتقدم وأهلاً للتحضر وأهلاً للتحرر.
العالم العربي سوف يتحرر ولن يبقى استثناء في الكرة الأرضية خارج دائرة الديمقراطية، لكن ذلك يحتاج إلى عزيمة ويقين وجهود منظمة على طريق الأخذ بالأسباب وقوانين الحرية الكونية.