الرئيسة \  تقارير  \  الضيف الأميركي

الضيف الأميركي

16.07.2022
تسفي برئيل


الغد الاردنية
الخميس 14/7/2022
هآرتس - تسفي برئيل
السجاد الاحمر سيتم فرشه كالعادة وسيتم عزف السلام الوطني للدولتين والايدي ستلوح بالترحاب والرئيس الاميركي سيهبط في زيارة تاريخية في البلدة. ليس امامنا سوى الأمل بأن الاجندة قد تم الاتفاق عليها بدون مفاجآت اللحظة الاخيرة. على سبيل المثال، ألا يقرر الضيف فتح القنصلية الاميركية في شرقي القدس وألا يتحدث بشيء عن الاحتلال أو أن يتذكر فجأة بأنه الرئيس الذي وضع حقوق الانسان على رأس سلم اولوياته. باختصار، أن يضع اكليل زهور في “يد واسم” وأن يبارك الرياضيين في المكابية وأن يرحب بتجفيف المستنقعات وتعبيد الطرق وأن يثني على قائمة الطعام وأن يدقق بعناية في البطاقة التي قاموا باعدادها له والتي كتب فيها بأنه في اسرائيل لا يوجد من يمكن التحدث معه الآن.
رغم السعادة والتقدير الذي تستحقه هذه الزيارة إلا أنه يجب الاعتراف بأن هذه زيارة غريبة. من المدهش أن جو بايدن جاء بدون خطة سياسية وبدون نية لطرح مثل هذه الخطة. هو الرئيس الاميركي الاول في العقود الاخيرة الذي لم يقم بتعيين مبعوث خاص لمعالجة النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، ونجح في احباط الفلسطينيين، الذين ادركوا بأنه يجب عليهم تأييد التطبيع بين الدول العربية واسرائيل، وبهذا يقومون بقطع الغصن الاخير الذي يبقي فوق الماء المشكلة الفلسطينية. وحتى التمثيل الاميركي الرمزي، القنصلية الاميركية، لن يقوم بفتحها.
سلفه في المنصب، ترامب، على الاقل عرض اقتراح معين ملموس، “صفقة القرن”، وكان فيها أسس ما ربما كانت ستغري الفلسطينيين. بايدن اكتفى بتحرير بضعة عشرات ملايين الدولارات، اموال المساعدات الاميركية للسلطة الفلسطينية ولوكالة غوث اللاجئين “الأونروا”، ويمكن أن يعلن عن مساهمة لاقامة مشتشفيات في شرقي القدس.
من الغريب أن الرئيس الذي تعود على الاشارة الى أن “الفلسطينيين يستحقون التمتع بنفس الدرجة من الحرية والامن والازدهار مثل الاسرائيليين”، لن يكلف نفسه عناء السفر عبر عشرات الحواجز التي تدمر حرية الحركة. الفقر الكبير الذي يعيش فيه ملايين الغزيين داخل السجن سيحاول مستضيفوه أن يطمسوه بمساعدة تقارير عن عدد تصاريح العمل التي اعطتها اسرائيل بكرمها لسجناء العمل هؤلاء. في الليلتين اللتين سيقضيهما بايدن في فندق الملك داود لن يقوم بالتجول مع قوات الجيش الاسرائيلي التي تقتحم بيوت الفلسطينيين ولن يطلب التحدث مع آباء الفلسطينيين الشباب والطلاب والعمال الكادحين الذين قتلوا على يد الجيش الاسرائيلي بدون أي ذنب.
بؤر استيطانية؟ مستوطنات؟ سرقة اراضي؟ صحيح أن الولايات المتحدة لا تعترف بقانونية جميع نتاج الاستيطان اليهودي الواقع وراء الخط الاخضر. ولكن ما العمل، بايدن جاء بالضبط عندما تبنت اسرائيل استراتيجية “لا توجد أي فرصة سياسية”. لا لحل سياسي وايضا لا لتأسيس بنية تحتية للتعايش وحتى لا لتحسين وضع حقوق الانسان. هذا حائط حديدي، الذي حتى الولايات المتحدة لا تستطيع تدميره.
بشكل عام، كيف يمكن لبايدن أن يلوح بعلم حقوق الانسان في اسرائيل. ربما سينجح بايدن في أن يكثف قليلا التطبيع غير الرسمي لدول عربية مع اسرائيل، وايضا أن يصوغ بيان لاعلان النوايا عن التعاون الامني الاقليمي، الذي ايضا اسرائيل ستكون عضوة فيه.
الخطر الحقيقي، الذي حتى في اوقات الهدوء يقضم اسس اسرائيل، يكمن على بعد بضع عشرات الكيلومترات عن تل ابيب، ومن الشرق ومن الجنوب. ولكن رغم أن اسرائيل كان يمكنها الاستعانة بالرئيس الاميركي، ليس فقط من اجل أن يشرح لها ما هو حجم هذا الخطر بل ايضا أن يجرها ولو بالقوة عن شفا الهاوية، إلا أنها نجحت في اقناع بايدن بأنه توجد امكانية سياسية لانشاء حلف اسرائيلي مع جميع الدول العربية، لكن ليس حلف مع الفلسطينيين. هذا أمر غريب.