الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الضربات الإسرائيلية المُكثّفة لسوريا تدحض التقديرات الغربية عن قآني وتبعث برسالة للأسد وبايدن 

الضربات الإسرائيلية المُكثّفة لسوريا تدحض التقديرات الغربية عن قآني وتبعث برسالة للأسد وبايدن 

16.01.2021
النهار العربي



الخميس 14/1/2021 
لا يختلف المحللون العسكريون والسياسيون في إسرائيل على أن قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لأهداف في الأراضي السورية الليلة قبل الماضية، بدا مختلفاً عن الضربات والقصف خلال الأعوام السابقة، وأسهبوا في شرح وتوضيح طبيعة هذه الهجمات، وخلصوا الى أن الضربات الصاروخية للطائرات كانت هذه المرة أشد فتكاً وأن القصف كان أكثر كثافة وأطول مدة واتساعاً لنطاق الأماكن المستهدفة، خصوصاً للمقار الأساسية ومراكز الدعم اللوجستي الإيرانية في منطقتي دير الزور والبوكمال على الحدود العراقية والتي تجاوزوت الـ18 موقعاً، والهدف منها دفع طهران لمراجعة حساباتها، إذ إن إيران تغتنم فرصة التغيير بين إداراتين في الولايات المتحدة وتزيد من نقل الأسلحة المتطورة الى سوريا. 
اللافت أن مصادر أميركية كشفت أن هذه الضربات جاءت بناءً على معلومات استخبارتية أميركية، قدمها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لرئيس جهاز الموساد الإسرائيلي خلال لقائهما في مقهى في واشنطن قبل أيام. 
العلاقة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعود إلى زمن بعيد، لكنها شهدت تقارباً واضحاً وملموساً خلال عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وفقاً لرونين بيرغمان المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، حيث كتب في تحليله عن عملية إغتيال أبو محمد المصري، قائلاً: "إن العلاقة الاستخباراتية بين إسرائيل والولايات المتحدة هي أفضل من أي وقت مضى، ودرجة الثقة والتقارب والتعاون عالية، وأن الموساد يقوم بتصفية حسابات لأقوى دولة في العالم". 
 ويشير بيرغمان إلى أنه "ليس في وسع اسرائيل أن تقوم بجزء كبير من العمليات المنسوبة اليها ضد إيران، سواء في سوريا ولبنان أو العراق أو في إيران نفسها، من دون تغطية الولايات المتحدة ومظلتها عليها، فيتم استقبال رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين بحفاوة كبيرة، وتقدير عميق من قبل المسؤولين الذين يتواصل معهم الموساد في البيت الأبيض، ووكالة الاستخبارات المركزية وأركان الدولة". 
لكن يبدو أن اسرائيل تسعى لما هو أبعد من لجم تنامي قدرات إيران العسكرية والحد من تمركزها في منطقة الشرق الأوسط، وفق رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" فعلى الرغم من اغتيال قاسم سليماني، لم تتوقف مساعي إيران عن ترسيخ قواعدها في سوريا، وإقامة جبهة ضد إسرائيل، لكنها فعلت ذلك بتكتم هذه المرة، وغيرت انتشارها في سوريا والعراق لتقليل قدرة القوات الجوية الإسرائيلية على إلحاق الضرر بالبنية التحتية العسكرية التي تبنيها في سوريا". 
ويشير بن يشاي الى "أن الغرب اخطأ بتقديراته تجاه قآني من أنه يواجه صعوبات في خلافة سليماني، فقد استمر بعملية التوسع الإيرانية في الشرق الاوسط، بتكتم وبعيداً من الإعلام وبحذر أكثر من سلفه. التغييرات التي أجراها قآني في التعامل مع الميليشيات والقواعد ونقل الأسلحة كشفت ضوءاً للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وعلى افتراض انه نجح في تنفيذ خطته، فمن المرجح أن يجعل هذا الوضع صعباً على الجيش الإسرائيلي وعلى التعامل مع الجبهة السورية وربما الجبهة اللبنانية في الحرب المقبلة... إن حدثت". 
 وبحسب المحللين العسكريين في الإعلام الإسرائيلي، فقد جاء قصف الخط الخلفي الإيراني شرق سوريا، وعلى ضفاف نهر الفرات قرب الحدود العراقية أكثر فتكاً، وبدقة كبيرة، وأدت عمليات القصف الجوي الى مقتل عسكريين وعناصر ميليشيات شيعية أجنبية، فيما قامت الطائرات الإسرائيلية من نوع "أف 35" بالتحليق على بعد مئات الكيلومترات في المجال الجوي السوري، وتم استخدام الأسلحة الموجهة بدقة لقصف ما لا يقل عن عشرة أهداف، كما أن توقيت الهجمات تم تحديده وفقاً لاعتبارين أساسيين، الاول الطقس الصافي خلال الأسابيع الأخيرة والذي يسهل القيام بأي هجوم نظراً لاتضاح الرؤية، أما الثاني، فهو استباق تغيير الإدارة السياسية في واشنطن.  
وتشير التقديرات السياسية في إسرائيل، الى أن إدارة الرئيس جو بايدن المرتقبة ستحد من حرية إسرائيل السياسية في تحريك جيشها، بعد أن كانت إدارة ترامب قد منحتها الحرية الكاملة للعمل، كما منحتها الكثير من المعلومات الاستخباراتية والتعاون والمجال لتنفيذ عمليات عسكرية، لذلك فإن لقصف الاراضي السورية رسالة أيضاً إلى الرئيس السوري بشار الأسد ولإدارة بايدن بأن إسرائيل ستعمل من دون انقطاع وستستمر في وقف التمركز الإيراني في المنطقة، ولن تسمح للمشروع الإيراني بالتموضع في سوريا. 
 هنغبي 
الوزير الإسرائيلي في حكومة بنيامين نتنياهو، تساحي هنغبي، رد على سؤال للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، عما اذا ما كانت إسرائيل وراء الهجمات الجوية على سوريا، وكان لافتاً أنه برر الضربة الإسرائيلية لسوريا من دون أن يجيب صراحة عن مسؤولية إسرائيل عن القصف بقوله: "إن أكثر ما يقلق إسرائيل هو المشروع النووي الإيراني، خلال إدارة الرئيس ترامب الذي قام خلالها بإلغاء الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية على إيران للحد من تطويرها لمشروعها النووي، لكن الإيرانيين نجحوا بالاستمرار خلال السنوات الأربع الماضية، كما نجحوا ايضاً في تحويل سوريا إلى نسخة عن "حزب الله" اللبناني، وتشكيل ميليشيات مع جنود مدربين وأسلحة وقواعد عسكرية. إسرائيل قامت بقصف القوة العسكرية الإيرانية مرة تلو الأخرى، لم يستسلم الإيرانيون او يتوانوا عن الاستمرار بمشروعهم، لذلك نقوم في كل فرصة سانحة بضرب هذه القواعد مرة تلو الأخرى. 
وأكد هنغبي أن الإيرانيين لم يستسلموا بعد وفي كل مرة يحاولون من جديد، وبعد نجاح هذه الضربات في تدمير القواعد، فإن هدف إسرائيل الآن هو إقناع الإدارة الأميركية الجديدة ألا تعود إلى البنود القاسية في الاتفاق النووي السابق والصادم الذي أبرمته ادارة الرئيس باراك أوباما، وكان الرئيس بايدن أحد المخططين له. الاتفاق النووي ساعد إيران على تطوير مشروعها وتوسيع طموحها ونحن نسعى الى أن لا يحدث ذلك. اذا لم يقتنع الرئيس بايدن بذلك فإن إسرائيل ستكون وحيدة أمام إيران والمشروع النووي الإيراني. لن نسمح بذلك، لقد قمنا مرتين بما يلزم أمام المشاريع النووية في المنطقة... عام 1981 المفاعل النووي العراقي، وفي 2007 المفاعل النووي السوري. ونحن عازمون على فعل ما يلزم اذا كان هذا هو المطلوب".