الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الصراع "الإسرائيلي" - الإيراني في سوريا

الصراع "الإسرائيلي" - الإيراني في سوريا

25.04.2018
حافظ البرغوثي


الخليج
الثلاثاء 24/4/2018
الأحاديث الكثيرة والمسجلة تلفزيونياً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ثروات العرب وحجم الاحتياطي النفطي في العراق، ووجوب أن تقتنص بلاده جزءاً منها، يشير إلى ذئبية استعمارية في التعاطي الدولي، تجعلنا نتأكد أن هناك سياسات ومخططات دارجة منذ عقود لاستنفاد النفط العربي إما كآبار، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا، أو كأرصدة على شكل سلاح وحروب وفتن وسلع استهلاكية. فالرئيس الأمريكي جاهر بهذه السياسة، وكأنه يمارس الابتزاز والتهديد معاً، ولهذا لا نخطئ إن تحدّثنا عن نظرية المؤامرة التي يتعرّض لها العالم العربي منذ أكثر من قرن، لمنع نموّه أو تسخير ثرواته في التنمية والنهوض والاستقرار.
القطب الدولي السابق، أي الاتحاد السوفييتي انهار، لأنه كان يصرف على دول منظومته وحلفائه، بينما الولايات المتحدة تأخذ من حلفائها باستثناء الكيان الاحتلالي الاستعماري "الإسرائيلي"، لأنه كما قال شارون في معرض حديثه عن المساعدات الأمريكية، إن "إسرائيل" تقدّم خدمات للولايات المتحدة أكبر من المساعدات التي تحصل عليها بأضعاف، فهو هنا يقصد أن "إسرائيل" عامل عدم استقرار في المنطقة العربية، وهي بالتالي تسهم في تجيير الموارد العربية نحو التسلّح والتعلّق بالحليف الأمريكي. ولعلنا لاحظنا أن كارثة "الربيع العربي" دمّرت دولاً عربية، سواء بمال عربي أو بدعم غربي خفي أو علني، ويريدون الآن تعريب الأزمات والفتن باقتراح نشر قوات عربية في سوريا، وهو ما اقترحه الأمريكيون سابقاً قبل انسحابهم من العراق عندما طلبوا من الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يوافق على نشر قوات مصرية في العراق، لأن موافقته كانت ضرورية لإقناع دول أخرى بنشر قواتها.
ففي كل مرحلة يختلق الأمريكيون و"الإسرائيليون" (بعبعاً) لتخويف الدول العربية. فمرة اخترعوا "العرب الأفغان" العائدين من أفغانستان الذين عاثوا فساداً وقتلاً في مصر والجزائر، ثم "القاعدة" و"داعش" وأخواتها.ولابد أن ندرك أن الصراع بين إيران و"إسرائيل" يمكن أن ينتهي خلال دقائق، مثلما كان يقول الرئيس "الإسرائيلي" السابق شمعون بيريز، لأن الصراع بينهما هو على مناطق النفوذ في المنطقة العربية، باعتبار أن العالم العربي يماثل تركيا في نهاية الحقبة العثمانية أي "الرجل المريض".
والحديث عن اقتراب يوم المواجهة العسكرية بين إيران و"إسرائيل" هو من قبيل الرجم بالغيب، لأن "إسرائيل" تتفادى الصراع العسكري الشامل إلا إذا ضمنت مشاركة أمريكية مباشرة، كما أن التدخل الأمريكي يبقى محفوفاً بالمخاطر، لأن الحليف الروسي قد يتدخل أيضاً، والقوتان العظميان ليستا في وارد حرب عالمية ثالثة إكراماً لإيران و"إسرائيل". كذلك فإن إيران قد تكون عاجزة عن الرد على "إسرئيل"، وهي في وضع داخلي مضطرب واقتصادي منهار. ولهذا تحاول واشنطن مع موسكو خفض التوتر في سوريا وإبعاد القوات الإيرانية عن الحدود السورية مع الاحتلال، وكذلك الامتناع عن التصعيد في جنوب سوريا، لأن روسيا حريصة على بقاء جبهة درعا هادئة. فالهدف من جانب موسكو وواشنطن هو تطويق الصراع حتى لا يتفاقم، ويبدو أن واشنطن غير معنية بنشوب نزاع مسلح بين طهران وتل أبيب، كما أن روسيا مهتمة أكثر بتهدئة الجبهة السورية، وهي غير معنية بحماية القوات الإيرانية وميليشياتها في سوريا. لكن الاقتراح الأمريكي بإرسال قوات عربية إلى سوريا، يعني ضمناً أن يكون الاشتباك مع إيران داخل سوريا، بينما الاحتلال "الإسرائيلي" يحصد الغنائم.
وكما أسلفنا فإن الصراع "الإسرائيلي" الإيراني هو حول تقاسم الكعكة في المنطقة وليس بسبب عداء تاريخي، وبالتالي يمكن للطرفين أن يتفقا في أية لحظة على تقاسم النفوذ في غياب أي مشروع تضامن.