الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الصراحة الروسية وتحالف الأقليات.. ممنوع للسنّة أن يحكموا سوريا

الصراحة الروسية وتحالف الأقليات.. ممنوع للسنّة أن يحكموا سوريا

03.08.2019
منير الربيع


سوريا تي في
الخميس 1/8/2019
في آذار العام 2015، أجرت قناة روسيا اليوم مقابلة مع الملحق العسكري الروسي في دمشق بين العامين 1998، و2001. كانت تلك الفترة بالغة الأهمية في سوريا وتاريخها، حيث كان الوضع الصحي لحافظ الأسد يتدهور، بينما يتم البحث عن بديل له. بعيد فقدان نجله باسل، فقد حافظ الأسد الأمل وأصيب باكتئاب جديد، ووفق حديث الملحق العسكري الروسي، فهو لم يكن يراهن على بشار ولا يرى فيه الخلف الصالح لنهجه. ولكن في العام 1997، تلقى الأسد نصيحة روسية بوجوب العمل على تهيئة بشار الأسد لحكم سوريا. هذه النصيحة هي التي حمّست حافظ الأسد لإعداد بشار لتولي الحكم.
هذا الكلام يدلّ على أن بشار كان خياراً روسياً في الأساس، وهذا ما تكشّف لاحقاً من خلال اهتمام موسكو بالدفاع عن النظام وحمايته
وهذا الكلام يدلّ على أن بشار كان خياراً روسياً في الأساس، وهذا ما تكشّف لاحقاً من خلال اهتمام موسكو بالدفاع عن النظام وحمايته، وصولاً إلى التدخل العسكري في أيلول العام 2015، وأساساً كانت إطلالة الملحق العسكري الروسي في دمشق من أسلحة الدعاية الروسية البارزة الممهدة لعملية دخول روسيا بعسكرها لسحق الثورة السورية. وأخطر ما يكشفه الملحق العسكري، هو العمل الخفي الذي يقوم به المجلس العلوي الذي لديه ارتباطات واسعة إقليمياً ودولياً، يوظفها جميعها في خانة حفاظ العلويين على حكم دمشق.
والأخطر من ذلك كلّه، هو ما يكشفه الرجل من خفايا أيام المشاورات للبحث عن بديل لحافظ الأسد، حينها كان الموقف الروسي واضحاً، بأنه لا يمكن لسوريا أن تخضع لحكم رجل سنّي، خاصة إذا ما كان يتمتع بحيثية شعبية. هذا الجواب أطلقه الملحق العسكري بوضوح تام رداً على سؤاله إذا ما كان هناك احتمال أن تؤول الرئاسة السورية إلى عبد الحليم خدام أو مصطفى طلاس. وهو يضع القضية في سياق مصلحة روسيا بأنها تريد الاستمرار بالعلاقة ذاتها مع "سوريا الأسد" لتلبية مصالحها، إذ كان لديها تخوف من أن تتحول السياسة السورية بحال وصل إلى سدة رئاستها سنّي.
هذا الكلام، يوضح مدى الاستقتال الروسي في الدفاع عن النظام، والدخول في لعبة دموية تهجيرية غايتها سحق الحاضرة الاجتماعية صاحبة الأكثرية على كل الجغرافيا السورية. ولا ينفصل هذا الكلام، عن مواقف كثيرة أطلقها وزير الخارجية سيرغي لافروف في اجتماعات مغلقة عديدة مع وفود كانت مهتمة للبحث في الملف السوري، ولعلّ أبلغ موقف سرّي أطلقه لافروف كان في العام 2013، حين توجه لملتقيه قائلاً" لا تظنّوا بأنه سيكون هناك أي إمكانية لأن يحكم السنّة في سوريا".
الخيار الروسي كان واضحاً من اللحظة الأولى، وهو ليس بعيداً عن نظرية تحالف الأقليات التي يعود العمل على إحيائها بشكل فاضح هذه الأيام، علماً أن مسارها كان قد انطلق في سحق الثورة السورية وتمزيق جغرافيا المناطق السورية وتهجير الأكثرية من حواضنها الأساسية. 
تغيرت روسيا وحساباتها، هي اليوم أرثوذكسية ولم تعد الاتحاد السوفييتي الذي خبر أيضاً أشهر عمليات التغيير الديمغرافي أيام ستالين
ولذلك وجد السنّة أنفسهم مستهدفين، وقد حققوا في سجلات تاريخهم قرناً من الهزائم منذ الحرب العالمية الأولى، وإسقاط السلطنة العثمانية التي كانت نظرية تحالف الأقليات من أساسيات إسقاطها، وبعدها غرقوا في النكبة الفلسطينية، وصولاً إلى الهزائم التي تعرضوا لها من جراء الانقلابات العسكرية، التي أيضاً منيت بهزيمة الـ 67، وصولاً إلى اجتياح العراق، وإعادة إنتاج الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، وتجديد حكم العسكر.
عنوان ممنوع لسوريا أن يحكمها سنّي، تجلّى في كل مسار المجازر وعمليات التهجير التي شهدتها المدن السورية، في مقابل استمرار موسكو بإعادة إنتاج شخصيات سياسية سنية مشابهة لقاديروف، بمعنى أن تكون مطواعة في يد الكرملين، ولا تخرج عن النص المكتوب أو الطريق المرسوم، ولا تشكّل أي عائق أمام تحالف الأقليات الذي يعاد العمل على تدويره للوصول إلى عنوان صفقة القرن. والتي لن يكون الوصول إليها إلا عبر طريق واحد، وهو توقيع اتفاق إيراني أميركي روسي، يلتقي مع تصاعد نزعات اليمين الأوروبية، التي تبرر بكليتها تأبيد القومية اليهودية للدولة الإسرائيلية والقضاء ليس على حلّ الدولتين فقط بل على القضية الفلسطينية برمّتها. وتحالف الأقليات هذا، لا يقتصر على سوريا، بل لبنان أصبح من ضمنه، ولا حاجة للتذكير بموقف رئيس الجمهورية اللبنانية خلال لقائه فلاديمير بوتين شاكراً إياه على حمايته للأقليات، وهذا لا ينفصل أيضاً عن الحروب التي يتعرض لها وليد جنبلاط الزعيم الدرزي البارز الذي يرفض السير بهذا التحالف، ويتمسك بالخيار العربي وحماية الثورات العربية، وهذا يفسّر كل محاولات الضغوط التي تتعرض لها محافظة السويداء لإخراجها من ثوبها العربي وضمّها إلى لعبة هذا التحالف الجهنمية. كل ذلك، ليس بعيداً عما يجري في الخليج العربي والذي تقوم به إيران بلعبة تقاطع المصالح مع الأميركيين، لابتزاز دول الخليج، وتهديدها بأمن نفطها وأنظمتها، لتدفعها إلى الانهماك في الدفاع عن العروش ولو كان ذلك على حساب الشعوب.