الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الشّرق الأوسط: مرحلة تجميع الأوراق 

الشّرق الأوسط: مرحلة تجميع الأوراق 

17.01.2021
علي حماده


النهار العربي 
السبت 16/1/2021 
 في الأيام القليلة المتبقية من عهد الإدارة الأميركية الحالية، تكثّف إسرائيل ضرباتها الجوية ضد أهداف عسكرية إيرانية حساسة في سوريا، وعلى الحدود مع العراق. آخر الضربات كانت سلسلة عنيفة جداً من الغارات على قواعد الصواريخ ونظم الدفاع الجوي ومخازن تحتوي على أجزاء من الصواريخ الإيرانية التي يجري تهريبها عبر سوريا الى لبنان. 
 وتأتي الضربات الإسرائيلية بالتنسيق مع الطرف الأميركي الذي أعطى في الأيام القليلة الماضية ضوءاً أخضر لتل أبيب كي تكثّف ضرباتها قبل تسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن سلطاته الدستورية، مخافة أن يعمد هذا الأخير الى محاولة تقييد حركة الإسرائيليين في مواجهة التمدد الإيراني في سوريا، لا سيما أن كل المعلومات تشير الى تصاعد عمليات التسلل والتمركز الإيراني، المباشر أو عبر الميليشيات التابعة لطهران، في العديد من المواقع القريبة من خطوط التماس مع الإسرائيليين في الجولان، إضافة الى العنصر الأكثر خطراً في المدى المتوسط، عنينا وصول كميات أكبر من الصواريخ الإيرانية الدقيقة الى "حزب الله" في لبنان، ما قد يدفع، عند سقف معين، إسرائيل الى تجاوز الخطوط الحمر وتوجيه ضربات في لبنان حتى لو اضطرت الى القفز فوق الرغبات الأميركية، إن وجدت، والتي ينتظر أن تنحو في اتجاه تجميد الوضع في سوريا ولبنان والعراق مع الإيرانيين، في انتظار بلورة سياسة أميركية جديدة في الشرق الأوسط في الشهور القليلة التي ستلي تسلم بايدن السلطة.  
 لقد كان عنف الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية التابعة لـ"الحرس الثوري" والميليشيات التابعة له لافتاً جداً، إذ تعمّد الإسرائيليون توجيه رسالة قوية لطهران مفادها أن مستوى المواجهة يمكن أن يرتفع إذا ما اضطرت إسرائيل الى الوقوف بوجه التمدد العسكري الإيراني في سوريا الذي لم يتوقف يوماً بل استمر بوتيرة أكبر برغم الضربات الإسرائيلية والأميركية المؤلمة في السنوات الأربع الأخيرة. ومن هنا خشية الإسرائيليين من أن يستغل الإيرانيون المرحلة الرمادية الأولى في عهد بايدن، عندما تكون الإدارة في طور التكوين العملي، من أجل تسريع خطط التمدد في سوريا، ونشر منظومات صاروخية دقيقة بين سوريا ولبنان، بهدف الضغط على الأميركيين والشركاء في مجموعة 5السبت 16/1/20211 في الاتفاق النووي، للعودة الى ما قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بقرار من الرئيس دونالد ترامب، وذلك من دون ربط العودة بشروط يطالب بها الإسرائيليون وحلفاء الولايات المتحدة العرب.  
انطلاقاً مما تقدم، يمكن إطلاق تسمية "مرحلة تجميع الأوراق" على المرحلة المقبلة، مع مسارعة كل الأطراف الى تجميع عناصر القوة للجلوس الى الطاولة مع طواقم الرئيس بايدن، وخصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد تصدر الصراع العربي -الإيراني متلازماً مع الصراع الإسرائيلي – الإيراني جدول أعمال كل الدول المركزية في المنطقة. ومن هنا تسارع خطوات التطبيع العربي – الإسرائيلي على الصعد كافة وصولاً الى الأمن والدفاع، فضلاً عن تسريع خطوات المصالحة الخليجية التي باتت حاجة للجميع من أجل تحصين الموقف مع التغيير الجذري الذي ستشهده واشنطن بحلول بايدن مكان ترامب بعد أيام معدودة. وهنا لا يستبعد المراقبون المطلعون أن تستمر الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، وعلى الحدود مع العراق، وربما وسّعت إسرائيل مجال عملياتها الى بعض المناطق اللبنانية المتداخلة مع الأراضي السورية حيث ينشط "حزب الله" في إنشاء قواعد صواريخ في سلسلة جبال لبنان الشرقية. ولا تغيب عن "رادار " المراقبين القواعد التي أنشأها "حزب الله" في عدد من المناطق في السلسلة الغربية، حيث مخابئ الأسلحة التقليدية التي لا تهتم لها إسرائيل، وكذلك مخابئ صواريخ دقيقة تعتبرها إسرائيل عنصر تهديد استراتيجي لأمنها! 
 إنها "مرحلة تجميع الأوراق"، وهي تحصل على "صفيح ساخن"، وفي زمن التحولات الكبرى في التحالفات التي تشهدها المنطقة، وهي التي صار من الضرورة بمكان أخذها في الاعتبار في المديين القريب والأوسط. فكيف سيتعامل بايدن مع هذا المعطى الجديد في المنطقة؟