الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الشرق الأوسط.. رقعة فوضى وصراع

الشرق الأوسط.. رقعة فوضى وصراع

25.02.2015
كولبرت كينج



كاتب أميركي
الاتحاد
الثلاثاء 24-2-2015
يبدو الوضع في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً مما يظن المراقب العادي، بحيث تختلط الأمور وتتداخل إلى حد العجز عن الفهم أحياناً، فنحن إزاء تنظيم "داعش" الذي لا يخفي رغبته في الإطاحة بالحكومة في بغداد التي يغلب عليها الشيعة، لكن إذا نظرنا إلى الخريطة الطائفية للعراق نجد أن الشيعة لم يتمكنوا عبر تنظيماتهم السياسية المختلفة من الوصول إلى السلطة إلا بعد الإطاحة بنظام صدام حسين والغزو الأميركي الذي قلب معادلة الحكم في بغداد، ولا بد أننا نتذكر كيف كان سقوط صدام خبراً ساراً لإيران التي تنظر إلى العراق باعتباره منشأ التشيع في العالم الإسلامي، والأصل الذي تهفو إليه قلوب الشيعة، غير أنه حتى تكتمل الصورة، وربما حتى تزيد حالة الضبابية وتختلط الأمور، يجب الإشارة إلى أن صدام نفسه خلال الثمانينيات دخل حرباً ممتدة مع إيران بعد قيام "الثورة الإسلامية" خشية تصدير تلك الثورة إلى العراق، وهو ما يعيدنا مجدداً إلى تنظيم "داعش" وفظاعاته في العراق وسوريا.
فقد تمكن هذا التنظيم من بسط السيطرة على المناطق السُنية في العراق، بما تزخر به من حقول نفط وأسلحة تركها الجيش العراقي وراءه وهو يولي الأدبار، ولأن التنظيم الإرهابي لا يقيم وزناً للحدود التي يراها مصطنعة ومن عمل الاستعمار، فقد توسع في سوريا، التي ولمزيد من التشابك في الخريطة المذهبية في المنطقة، يحكمها نظام الأسد المحسوب على العلويين، ما يجعله أيضاً في مرمى نيران "داعش" التي ترى المذهب خروجاً عن الدين. لكن الأسد نفسه ليس من دون حلفاء في المنطقة، فقد سارع "حزب الله" الذي تعتبره أميركا تنظيماً إرهابياً إلى تقديم العون للنظام في دمشق، مرسلاً المقاتلين إلى ساحات المعارك، ومانعاً سقوط النظام ليدخل في مواجهة مباشرة مع "داعش" والتنظيمات المتطرفة الأخرى التي أيضاً تحاربها أميركا والتحالف الدولي، يضاف إلى ذلك أن "حزب الله" وحسب بعض التقديرات يتلقى ما لا يقل عن 200 مليون دولار من إيران، علاوة على السلاح، كل ذلك قد يساهم في تفسير لماذا الأنظمة السُنية في المنطقة تنظر إلى إيران بعين الريبة.
وفيما لا يمل أوباما من التأكيد بأن الولايات المتحدة ليست في حرب مع الإسلام، كما صرح بذلك في قمة محاربة التطرف الديني خلال الأسبوع الماضي، لكن أليس الأولى القول أنه في ظل الصراع الدموي والاحترام الداخلي في الشرق الأوسط يعيش الإسلام نفسه حرباً داخلية، وأخيرا ماذا يمكن لأميركا أن تفعل وسط هذا التشابك؟ بالطبع لا تستطيع الانسحاب تماماً من المنطقة رغم تضاؤل الاعتماد الأميركي على نفط الشرق الأوسط، ففي جميع الأحوال ما زال العالم يعتمد على الطاقة القادمة من هناك، ومهما كانت تصريحات أوباما بشأن المنطقة سواء فيما تعلق بمحاربة الإرهاب، أو منع الانتشار النووي تبقى يده مغلولة بكونجرس يسيطر عليه الجمهوريون الذين أبوا إلا أن يناوروا بتوجيه دعوه إلى نتنياهو للحديث أمامهم، رغم غضب أوباما ومعارضته الشديدة.
-------
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"