الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الشام بين ثورتي الثمانينيات والآن

الشام بين ثورتي الثمانينيات والآن

27.07.2017
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاربعاء 26/7/2017
خلال ثلاثة عقود شهدت الشام ثورتين عظيمتين لإسقاط العصابة الطائفية التي اختطفت الشام ومسارها، ومع أن ثورة الثمانينيات تميزت بنخبوية عملها، كما تميزت العصابة الطائفية بالافتقار إلى البعد الطائفي الإقليمي والدولي الذي مكنها من الصمود أمام ثورة شعب بكافة شرائحه وأطيافه، إلاّ أنها زادت على ذلك كله بقدرتها على حشد قوى دولية روسية وأميركية وغربية بدعم سرديتها، فداست تلك القوى على كل شعاراتها، وجلبت كل ما تملك من خيل القوة والبطش لإخماد ثورة الشام الحالية...
ينقل عالم الاجتماع والسياسة الفرنسي المعروف ميشال سورا، والذي لقي مصرعه على أيدي خاطفيه من حزب الله عام 1984 بدعم وتوجيه من حافظ الأسد، نظير تشريحه للنظام السوري يومها، ينقل عن الأخير قوله بعد أحداث حماة، إنه لا بد من توفير دعم لبقاء النظام السوري، دعم يمتد من دمشق إلى بيروت فطهران فباكستان لمواجهة الثقل السني مستقبلاً في حال انتفاضه، ويبدو أن حافظ وضع المداميك الحقيقية لهذا الحلف، فكان أن أثمر إجراماً وحقداً وبطشاً على الشاميين في ثورتهم الحالية..
تميز شباب الثمانينيات من الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين الذين كانوا رأس الحربة في قتال العصابة الطائفية بذكاء وفهم واقعيين، مع الابتعاد عن طرح تفاصيل مشاريع لا تخدم إسقاط العصابة الطائفية، فكان أن ضمت تشكيلاتهم السلفي الجهادي مع الصوفي وما بينهما، وعلى الرغم من كل الخلافات التي كانت تعتمل بينهم وبين الإخوان المسلمين إلا أنهم حرصوا كل الحرص على دفنها وعدم إظهارها للعلن، أملاً في حشد كل الطاقات من أجل إسقاط العصابة الطائفية، وقد تجلّى ذلك بكل وضوح في افتقارهم إلى المشروع السياسي، إذ إنهم على ما يبدو آثروا أن يكونوا مشروعاً عسكرياً تاركين لغيرهم المشروع السياسي...
يصدر أخيراً كتاب مميز بعنوان "على ثرى دمشق" لكاتبه المهندس أيمن الشربجي، والذي كان مسؤولاً لتنظيم الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين في دمشق حتى عام 1987 يشرح فيه ما حصل في تلك الفترة، والخلافات بينه وبين الإخوان المسلمين، ويؤكد ما ذهبنا إليه من أنهم لم يودوا طرح خلافاتهم وسط صراعهم المرير مع عصابة طائفية يعرفون أن أي صراع هامشي مع غيرها سيضعفهم ويقويها...
كل من شارك في مفاوضات 1984، ومفاوضات 1986 من الإخوان المسلمين مع العصابة الطائفية التي قادها يومها علي دوبا وحسن خليل يؤكد أن هذه العصابة لا يعنيها شيء سوى بقائها على جماجم الشاميين، وبالتالي فكل من يفاوض الطائفيين اليوم ينبغي أن يعرف ذلك، ويعرف أن مصيره سيكون أسوأ من مصير صائب عريقات وحنان عشراوي، فالعصابة الطائفية لن تكون إلاّ أسوأ من الصهاينة في ممارساتها العسكرية كما في الممارسة السياسية...
أخيراً ثورة شعب انتفض ضد عصابة طائفية مدعومة من كل أشرار الأرض، يليق بها أن تبقى كذلك، وحري بكل الفصائل والكتل أن تتقي الله في دماء من سكبت ومن ستسكب في المستقبل، وتترفع عن كل الجراحات والمصالح الفئوية الضيقة من أجل دماء شهداء وأنات ثكالى وأيتام.;