الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السيسي يعرض مصر وجيشها للإيجار

السيسي يعرض مصر وجيشها للإيجار

29.11.2016
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاثنين 28/11/2016
كل التقييمات السياسية والاجتماعية الموالية للانقلابيين في مصر والمعادية لهم تؤكد على أن مصر على فوهة بركان حقيقي هذه المرة، شبهتها دراسة صهيونية قلقة على مصير عملائها هناك بأنها على أبواب ثورة خبز خطيرة شبيهة بثورة عام 1977، بينما كان قائد الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي يعرض البلد كله بما حمل للبيع؛ ولذا فلم يجد السيسي بُدّا يوم انقلب على حكومة شرعية إلا رهن البلد للرز وحين أدرك أن حسابات بيدره لم تتفق مع حسابات حقل الدول العربية المعادية للمشروع الإيراني والروسي، بدأ معها سياسة اللعب على الحبال، لكن حين أزفت الآزفة وطلب منه الخليج تحديد موقفه الواضح غير القابل للتأويل تجاه اليمن وسوريا والعراق، فكان أن هرع إلى موسكو من أجل عرض مصر للبيع مجدداً في سابقة تُذكر تماماً بما حصل للخديوي إسماعيل يوم القناة، فأرهق نفسه مالياً وسياسياً فما كان منه إلا أن رهن مصر كلها اقتصاديا للبريطانيين، اليوم تعود عقارب الساعة إلى ذلك اليوم.
كل التجارب التي خاضها الجيش المصري منذ جمال عبدالناصر مروراً بالسادات وانتهاءً بمبارك والسيسي تشير إلى أن هذه الأنظمة لم تعِ دروس التاريخ ولم تعِ الجغرافيا، فهي التي قادت بلادها إلى التمزيق حين كانت السودان جزءاً لا يتجزأ من مصر، وهي نفسها التي قادت بلادها إلى مستنقع اليمن فدمرت البلد هناك وقتلت معه الآلاف من المصريين، وحتى الآن لا نعرف حقيقة الكارثة التي ابتلعتها مصر في اليمن وربما حتى الآن لا تعرف بعض العائلات المصرية أن أبناءها الجنود قتلوا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وواصلت جمهورية الضباط كما أطلقت عليها دراسة أجنبية رائعة أصدرها معهد بروكينغز قبل سنوات، واصلت السير إلى حتفها يوم شارك الطيران المصري بقيادة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بقصف جزيرة أبا السودانية في تمرد إسلامي قاده الهادي المهدي عم الصادق المهدي فقتلوا المئات منهم وهم في المساجد ركعاً سجداً، اليوم يواصل السيسي سيرة أسلافه من العسكريين المستبدين بإرسال قواته وطياريه إلى بشار الأسد.
مصر التي كانت محل إشعاع وحضارة أيام الحكم الملكي فكان حضورها في إفريقيا وحضورها في المنطقة العربية وحضورها في الدائرة الإسلامية هي نفسها مصر التي وقفت اليوم مع حثالات الأرض من حوثيين وطائفيين في بغداد وطائفيين مجرمين استقووا بالاحتلالين الروسي والإيراني لتشارك في ذبح أهل السنة في كل هذه البلاد، ويسعى من خلال ذلك السيسي أن يكون الحاكم بأمر طهران والقرداحة وموسكو ويعيد بذلك جرائم الفاطميين المجرمين بحق أهل السنة، ولكن ربما جهل أو تجاهل أن أحفاد من أخضعوا أسلافه من الفاطميين لا يزالون أحياء، وللمفارقة أن الحواضر التي تقود المواجهة اليوم ضد الطائفيين في الموصل وحلب وغيرهما هي نفسها الحواضر التي انطلق منها الأجداد الزنكيون لكسر شوكة الفاطميين والقرامطة في بلاد الشام.
كل التقارير تؤكد انتشار قوات السيسي في منطقتين أساسيتين وهما القنيطرة السورية وما حولها وذلك لحماية حلفائه الطبيعيين بني صهيون بعد أن أثبت قدرته على تأمين حدودهم من الطرف المصري، واستطاع معها خنق إخواننا في غزة المُحَاصَرة، وبالتالي فإنه يريد أن يعيد سيرته بمواجهة غزة في القنيطرة وغيرها، والساحة الثانية التي انتشرت فيها قوات السيسي ساحة مطار حماة التي نشر فيها طياريه، وبكل تأكيد فإن الطيارين السيساويين لن يكونوا أكثر فاعلية من الروس والإيرانيين والأسديين، ولكنها الشرعية التي يبحث عنها الاحتلال المجرم في الشام، وتوزيع دم السوريين بين دول مجرمة لتضيع بنظرهم مسؤولية هدر الدم السوري على مدار الساعة.
ومع استماتته من أجل الحصول على قرض دولي بقيمة 12 مليار دولار، وهو رقم مع ديون مصر قد يلتهم النسبة الأعلى من ناتجها القومي، ما يهدد بثورة اجتماعية خطيرة مع استعداد السيسي لرفع الأسعار الأساسية.;