الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السياسة الأميركية في سوريا.. مستنقع روسي أم تعاون وتنسيق؟!

السياسة الأميركية في سوريا.. مستنقع روسي أم تعاون وتنسيق؟!

13.12.2016
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاثنين 12/12/2016
السياسة الأميركية في سوريا.. مستنقع روسي أم تعاون وتنسيق؟!السياسة الأميركية في سوريا.. مستنقع روسي أم تعاون وتنسيق؟!
التخبط والتلبك واللاقرار هو من يحكم السياسة الأميركية في سوريا، ذاك رأي فريق معتبر يحكم على السياسة الأميركية الراهنة منذ إعلان الرئيس باراك أوباما أن الأسد فقد شرعيته ومروراً بالتخلي عن الخط الأحمر، وغيره من التهديدات التي أطلقتها الإدارة الأميركية ثم تخلت عنها وما بينهما، ترك الساحة للروس يعبثون في سوريا وما حولها، ولكن بالمقابل ثمة فريق آخر يرى أن ما تفعله الإدارة الأميركية مخطط له بشكل مسبق يهدف إلى جرّ الروس إلى سوريا كما فعلوا من قبل في أفغانستان من أجل إغراقها بالوحل السوري لتلقينها درساً ما دام الروس بحاجة إلى مثل هذا الدرس كل ربع قرن تقريباً يزيد أو ينقص منذ اقتحامهم هنغاريا وأفغانستان وغيرهما...
لعل الغزو الروسي للشام كشف للأميركيين بشكل غير مسبوق دون الحاجة لقدرات استخباراتية لمعرفته، ألا وهو حجم القدرات العسكرية الروسية الحقيقية، وتجلى ذلك باستخدام الروس للصواريخ البالستية التي تبين أن معظمها لم يصل إلى أهدافه، فضلاً أن يصيبها، فضاع بين صحراء إيران وسهول العراق، وفشلت الغارات الجوية الروسية في تحقيق أهدافها بكسر إرادة الثورة والثوار في سوريا، فلجؤوا إلى استخدام الطائرات العملاقة التي أقلعت من قاعدة همدان الإيرانية، لكنها لم تحقق الغاية الروسية المرجوة، فسارع بوتين -وهو المهموم بفتل واستعراض عضلاته ونموره أمام الشاشات والضيوف- إلى إرسال حاملة الطائرات كوزنتسوف وهي الحاملة اليتيمة التي بحوزتهم، ولكن الحاملة فضحت وعرّت الصناعة العسكرية الروسية وما تختزنه روسيا في مخازنها الصدئة...
حاملة الطائرات لوحدها فضيحة من العيار الثقيل فقد تبين أنها تعود إلى عام 1985، وهي أبعد ما تكون عن عالم الديجتيل، عربون الدخول إلى حروب القرن الحالي، وبالتالي فقدت روسيا عنصر المنافسة والمناكفة مع الغرب في أن تكون بمصافه من حيث حاملات الطائرات، ولذا لم نر أي طائرة تقلع أو تهبط على هذه الحاملة كما كان الحال أيام حاملات الطائرات الأميركية التي تباهى بها الرئيس الأميركي جورج بوش خلال الحرب على العراق.
الظاهر أن واشنطن تدرك تماماً حجم القدرات الاقتصادية لروسيا، ومن قبله تعرف أن سباق التسلح والغطرسة والغرور الروسي هو الذي قاد إلى إفلاس اقتصادي روسي حين كان يحتل أفغانستان في الثمانيينات، وهو الأمر الذي أجبره على الهزيمة، ورفع الأيدي أمام العالم كله، ومعه تشظى الاتحاد السوفياتي إلى 15 دولة، اليوم يتكرر ذلك فأميركا على ما يبدو معنية بإضعاف روسيا، وإلا فماذا يعني الإعلان الروسي المباشر عن مقتل ضباط وأطباء روس لمشفى عسكري في حلب الغربية التي تسيطر عليه روسيا وعملائها وهو المشفى الذي أقيم على عجل من خيام وكيف تمكن الثوار من تحديد الهدف بهذه الدقة والسرعة، وهم الذين كانوا يلعقون جراحهم بسبب الانهيارات السريعة في حلب الشرقية، ولو حصل هذا بفعل الثوار، فلماذا اعترفت روسيا مباشرة بأن الهدف مشفى عسكري وضباط وهي المعروفة بنسج الأكاذيب والتلفيقات، لو لم تكن متيقنة من أن الاستخبارات الأميركية وعملاءها هم من سربوا هذه المعلومات للثوار..
لا تزال واشنطن قادرة على إفساد أي طبخة تسعى روسيا وتركيا على طبخها منفردتين، ولذلك رأينا كيف أفسدت واشنطن المفاوضات الأخيرة التي رعتها تركيا بين الثوار وروسيا، ورأينا كيف عجزت موسكو على مدى سنوات عن تشكيل كتيبة عسكرية ثورية موالية لها، وهي التي جهدت جداً من أجل ذلك لتلجأ اليوم إلى إقامة فيالق عسكرية سورية من داخل النظام السوري بحيث تكون تابعة لها، وكأن القسمة اليوم هي أن الثوار من حصة الإدارة الأميركية والجيش الأسدي من حصة روسيا...
هنا لا بد على الثوار وسياسيي المعارضة أن يتعمقوا في فهم التناقضات الروسية للعمل على الاستفادة منها وتطويعها لصالح مشروع وطني سوري،وتعزيز صفوف الثوار والإعلان عن وحدة اندماجية حقيقية والدفع بواجهة سياسية وعسكرية موحدة تنطق بلسانهم.;