الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السيادة السورية على الطريقة الروسية

السيادة السورية على الطريقة الروسية

13.01.2020
د. أحمد موفق زيدان



العرب القطرية
الاحد 12/1/2020
لم يسبق أن تعامل احتلال مع عملائه كما يتعامل الاحتلال الروسي مع النظام السوري، إذ لم يقتصر التعامل كما كان في السابق على استدعائه على عجل وشحنه بطائرة شحن روسية ولقائه الرئيس الروسي في موسكو، ولا على لقائه في قاعدة حميميم الروسية على البحر المتوسط، وهو الحلم الذي طالما داعب أسلاف بوتن من القياصرة والبلاشفة، لقد وصل الأمر إلى أن تبثّ وسائل الإعلام الروسية الرسمية وصول بوتن بنفسه إلى مطار دمشق، ليستقلّ سيارة روسية مع وزير دفاعه دون أن يكون أحد في استقبالهما، فضلاً عن أن يكون لديهم علم بمن يصل وفي أي ساعة يصل إلى مطار دمشق.
لقاء بوتن مع الأسد كان في مركز لتجميع القوات الروسية بدمشق، وكان المشهد الأبرز في اللقاء وزير دفاعه الذي جلس على كرسي أخفض من كراسي كل من حضر، إمعاناً في الإذلال والإهانة، ولكن الإهانة الكبرى باعتقادي بدأت مع بداية عام 2015، يوم عجزت القوات الإيرانية عن هزيمة قوى الثورة السورية، وباتت الأخيرة قاب قوسين أو أدنى من تحقيق تقدم كبير على قوات العصابة الطائفية، فما كان من قائد فيلق القدس قاسم سليماني إلا أن يطير بنفسه إلى موسكو، ويلتقي مباشرة بوتن ليشرح له الواقع على الأرض، ويقنعه بالتدخل البري والجوي والبحري وقد كان له ذلك، بمعنى أن السيادة التي طالما صدّع رؤوسنا بها الأسد ومؤيدوه وزبانيته قد تبخرت تماماً، وتولاها منذ البداية الإيرانيون، ليأتي الروس لاحقاً ليقوموا بها.
المضحك أن تجد بعضاً من ديناصورات القومجية واليسارية لا يزالون يدعون إلى إبادة إدلب تحت مسمى خشبي ديناصوري "سيادة الدولة"، ولا يدرون أن بوتن كان يتعامل مع الطاغية على أنه هو صاحب الدار والبيت والحديقة وكل شيء، أما صمود إدلب والشمال المحرر بوجه احتلالات متعددة الجنسيات وميليشيات طائفية عابرة للقارات لا يراها رموز القومجية والعلمانية واليسارية وبعض الإسلاميين، الذين هللوا وكبروا لمن يسوم السوريين والعراقيين سوء العذاب على مدى سنوات وسنوات، لكن كيف يرى ويبصر من به عمش.
الشمال السوري المحرر الصامد والصابر المصابر لسنوات يرفض الركوع والاستسلام، بينما طائرات الاحتلال الروسي تصبح وتمسي على مدار الساعة قصفاً وإبادة للشام ومدنها، وسط صمت عالمي، والأحقر منه صمت قوى تدعّي الوطنية والإسلامية، وكأن من يقتل في الشام لا علاقة له بالإنسانية، فضلاً عن العروبة والإسلام، ما دام البعض آثر أن يشغل نفسه بمسرحيات ومهازل تتكرر لأربعة عقود دون أن يملّ من متابعتها، بل ويكابر ويصرّ على أن يُلدغ آلاف المرات من الجحر الذي جرّبه نفسه.
النظام السوري الذي يتم التعامل معه بهذه الطريقة المهينة والمذلة، كيف يريد الاحتلال أن يسوّقه للشعب السوري على أنه صاحب السيادة وصاحب الأرض، فإن كان المحتل ذاته لا يحترم "السيادة وصاحبها"، فكيف يريدون من الشعوب والعالم أن يحترموا سيادة كانوا هم أنفسهم أول من خرقوها وعلى مدار الساعة؟