الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السياحة في سوريا.. خطر محدق ودعاية سياسية

السياحة في سوريا.. خطر محدق ودعاية سياسية

29.07.2019
أحمد دعدوش


الجزيرة
الاحد 28/7/2019
أفرج النظام السوري عن سائح أميركي قرر خوض المغامرة بدخول سوريا، وذلك بعد وساطة لبنانية رسمية، مما يعيد إلى الذهن قائمة بالسياح المغامرين الذين تجاهلوا التحذيرات من دخول إحدى أكثر الدول خطرا في العالم، والذين ما زال الكثير منهم في عداد المفقودين.
وقال والدا السائح الأميركي سام غودوين (30 عاما) لوسائل إعلام أميركية إن "سام بصحة جيدة وهو مع عائلته"، كما وجها الشكر للمدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم الذي أتاحت وساطته الإفراج عن نجلهم بعد فقده في مايو/أيار قرب القامشلي ذات الغالبية الكردية بشمال شرق سوريا.
وكان غودوين يسعى لزيارة كل دول العالم، وهو هدف يحاول تحقيقه قلة من المغامرين بسبب الاضطرابات التي تعصف ببعض الدول، وعندما قرر زيارة سوريا لم يمهله النظام السوري سوى بضعة أيام ليعتقله.
وفي مطلع العام الجاري، كشفت الحكومة الكندية أن سائحا كنديا اعتقل في سوريا بعد دخوله بلدة قريبة من الحدود اللبنانية تخضع لسلطة النظام.
وقالت وزارة الخارجية الكندية آنذاك إنها لا يمكنها أن تفعل الكثير من أجل كريستيان لي باكستر (44 عاما)، حيث سبق للحكومة أن حذرت رعاياها من زيارة سوريا، وليست هناك علاقات دبلوماسية بينها وبين النظام.
سياحة الحرب
وكان السائح الياباني توشيفومي فوجيموتو (45 عاما) قد حقق شهرة حول العالم عندما تناقل ناشطون على مواقع التواصل الصور التي يبثها عن رحلته السياحية بين جبهات القتال في حلب عام 2014.
وكان توشيفومي يعتبر نفسه "سائح حرب" فر من روتين الحياة الممل كسائق شاحنة في اليابان، ليجد الإثارة في مناطق التوتر، حيث سبق له أن انخرط في مظاهرات حمص الأولى نهاية عام 2011، ثم زار صنعاء في 2012، والقاهرة في 2013.
واحتفى عناصر الجيش السوري الحر (المعارضة) بضيفهم في حلب آنذاك، فكان يرافقهم مرتديا ملابس عسكرية حصل عليها من الجيش الياباني، ويركض معهم كلما استهدفتهم رصاصة قناص أو قذيفة طائرة، ثم ينشر صوره ومغامراته على مواقع التواصل.
ومع أن توشيفومي نجا من خطر الموت الذي كان يتربص به في كل زاوية من حلب، التي كانت على رأس قائمة أخطر مدن العالم وفقا لمجلة "لايف واير" الأميركية عام 2014، لم ينجُ الكثير من السياح الذين قرروا الدخول بطرق شرعية إلى مناطق النظام، حتى بعد انتهاء مظاهر الحرب في الأشهر الأخيرة.
فبعد فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قرر مئات الأردنيين العبور إلى الجارة الشمالية التي تربطهم بها علاقات اجتماعية وعشائرية واقتصادية منذ قرون، فكان رد النظام هو اعتقال العشرات.
وفي أبريل/نيسان الماضي، اضطرت الخارجية الأردنية للخروج عن صمتها إثر اعتصام أهالي المعتقلين الأردنيين في سوريا، وقالت إنها استدعت القائم بأعمال السفارة السورية في عمان أيمن علوش للمطالبة بالإفراج الفوري عن أكثر من ثلاثين أردنيا محتجزين هناك.
دعاية النظام
عانت سوريا طوال ثماني سنوات من إحدى أكثر الحروب وحشية في القرن الحالي، وكان أحد طرفيها هو النظام الحاكم نفسه. ومع ذلك حرص النظام طوال تلك المدة على إقناع العالم بأن المناطق التي يسيطر عليها، والتي تقلصت نسبتها في مرحلة سابقة إلى 15% من مساحة البلاد، كانت تعيش في سلام.
وبما أن سوريا كانت قبل اندلاع الثورة عام 2011 من أهم الوجهات السياحية في المنطقة، فكان من الضروري للنظام أن يبرز احتفاظه بجاذبيته السياحية كأحد أوجه البروباغندا (الدعاية) التي يروجها في الخارج.
وبنظرة سريعة على موقع وزارة السياحة التابعة للنظام، يبدو للزائر أن مسؤولي الوزارة يعيشون في مرحلة ما قبل الحرب، فما زالت العشرات من مدن سوريا وقراها مدمرة بالكامل، وما زال الوضع الأمني في المدن الكبرى -التي انتزعها النظام بمساندة الجيش الروسي- هشا للغاية، حيث لا يأمن المغتربون السوريون على أنفسهم إذا قرروا زيارة وطنهم خشية التعرض للخطف من عصابات الشبيحة، فضلا عن الاعتقال من قبل أجهزة الأمن.
مع ذلك، ادعى وزير السياحة رامي مارتيني في مقابلة صحفية مؤخرا أن مليوني سائح زاروا سوريا العام الماضي، وقال إن وزارته تقدم كل التسهيلات لأي وفد سياحي يتقدم بطلب لزيارة البلاد، معتبرا أن "كل ما يشاع عكس ذلك هو غير صحيح".