الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السوس ومنسأة العصابة الأسدية في الشام

السوس ومنسأة العصابة الأسدية في الشام

12.06.2018
د. أحمد موفق زيدان


العرب اللندنية
الاثنين 11/6/2018
تترى الأخبار والمعلومات عن حجم المأزق الذي تواجهه العصابة الأسدية في الشام ومعها الاحتلال المزدوج، وكانت آخر الأخبار عن تحرّك لنشطاء علويين في الساحل السوري، بعد أن رفض أهالي طرطوس طلب مندوب العصابة الطائفية إرسال مزيد من شباب المدينة إلى ساحات القتال الجديدة المتجددة، لكن هذه المرة في درعا؛ حيث يتوعد أهالي حوران بمقبرة حقيقية لكل من تسوّل له نفسه مهاجمة المناطق المحررة، يزيد من إصرارهم التباين والخلاف الروسي والأميركي تجاه استعادة العصابة لمناطق الجنوب المحرر.
ويأتي ذلك مع تواتر التقارير عن تصاعد موجات التذمّر والامتعاض العلويين في الساحل ضد استمرار مطحنة ومقتلة أبنائهم في معارك الثورة السورية، والتي وصلت إلى مستويات خطيرة تهدد الجيل الشبابي العلوي برمته..
يأتي هذا أيضاً مع صورة تم تداولها بقيام طالب في كلية الإعلام بجامعة دمشق وهو يُحيي الثورة السورية العظيمة، ويدوس على صورة بشار الأسد، وبغضّ النظر عن كونها حالة فردية منعزلة فقد رأينا أخيراً لافتات من مدن سورية عدة تتضامن مع الغوطة وتهاجم العصابة والمحتلين، ومثل هذه الحوادث مهما كانت فردية إلا أنها تعكس حالة مزاج حقيقية للشارع السوري الذي يعيش تحت وطأة العصابة والمحتلين، ويؤكد أن الموجة الثانية من الثورة قادمة مهما طال الزمن، لا سيّما إن شعر المواطن بضعف قبضة العصابة الأمنية عليه..
هذه القبضة بدأت تهتزّ بشكل كبير بعد أن رأى الشعب السوري في ببيلا بالغوطة جنود العصابة وهم ينبطحون أرضاً، استجابة لأوامر قوات الاحتلال الروسي نتيجة تشبيحهم وتعفيشهم بيوت الأهالي في مخيم اليرموك. كما اهتزت هذه القبضة أكثر وأكثر بعد تهديد قاعدة حميميم الروسية -الحليفة للعصابة- لطلال دقاق أحد رموز شبيحة الأسد وهو يُطعم فرساً عربياً أصيلاً لأسود يربيها في مزرعة بيته. وبغضّ النظر عن ممارسات الاحتلال إلا أنّ مثل هذه الوقائع تضع العملاء في ظروف صعبة للغاية وتزيد فجوة ثقتهم برئيس العصابة.
ثمة مضايقات وملاحقات كبيرة تجري ضد الشبيحة ورموزها في دمشق وحمص وحماة من قِبل الاحتلال الروسي، وتُوج ذلك بالذل اليومي الذي يتعرّض له حلفاؤه من الميليشيات الطائفية تحت ضغط القوات الإسرائيلية والأميركية ومطالبتهم لها بالابتعاد عن حدود الصهاينة، وجاء انتشار القوات العسكرية الروسية في القصير على الحدود مع لبنان ليزيد من حالة توتر حزب الله، كون الانتشار سيعرقل خطوط إمدادته الممتدة من إيران فالعراق ولبنان عبر سوريا، وهو الذي استثمر دماً ومالاً وجهداً كبيراً خلال السنوات الماضية في تلك المنطقة..
جاء قبول بشار الأسد في لقائه مع الرئيس الروسي بوتن بتعيين أعضاء لجنة الدستور، تراجعاً كبيراً عن موقفه السابق الرافض لإقرار -عملياً- دستوراً نصت عليه روسيا وصادقت عليه إيران، وهو ما يُفقده الكثير من السيادة الذي كان -ولا يزال- يتحدث عنها، فضلاً عن تآكل سيادته في الشمال والغرب السوريين، سواء أكان بتعزيز التعاون والتنسيق التركي- الأميركي تجاه المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية، أم بتعزيز الحضور التركي في إدلب وما حولها وانتشار أبراج شركات الهاتف التركي؛ مما يعني أن الوجود لآماد بعيدة وليس لفترة قصيرة كما تسعى العصابة الأسدية إلى ترويجه..
السوس نخر منسأة العصابة إلى العظم، ولم يبقَ لها إلا الإعلان عن وفاة من يتكأ عليها، الذي تحوّل في الواقع والحقيقة إلى بيدق، وذريعة شرعية لوجود المحتلين والميليشيات الطائفية، ورحيله يعني أن هذا الوجود غير شرعي، ولعل هذا ما يجعلهم يتمسكون به حتى الآن.;