الرئيسة \  تقارير  \  الذراع الطويلة للقمع الإسرائيلي

الذراع الطويلة للقمع الإسرائيلي

15.11.2021
يوسف منير


يوسف منير* – (فورين بوليسي) 5/11/2021
ترجمه (بتصرف): علاء الدين أبو زينة
الغد الاردنية
الاحد 14/11/2021
عندما تقوم إحدى الدول باغتيال معارض في الخارج، يستجيب العالم بالتعبير عن الرعب من هذه الجرائم البشعة. وفي الوقت نفسه، ترسل الدول التي تنفذ هذه الاغتيالات رسالة تقول: “سوف نحاول إسكاتك أينما كنت”.
وفي حين تؤدي مثل هذه الحوادث إلى زيادة التركيز على القمع العابر للحدود -الجهود التي تبذلها دول مختلفة لتوسيع نطاقها القمعي إلى ما وراء حدودها- فإن جهود الحكومة الإسرائيلية لإسكات منتقديها ظلت تطير إلى حد كبير تحت الرادار، من دون أن يلحظها أحد.
كان قيام وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الأخير بتصنيف ست مجموعات فلسطينية رائدة في مجال حقوق الإنسان كمنظمات إرهابية -والذي رفضته الحكومات الأوروبية وكُشف النقاب عنه مؤخرًا في الصحافة الإسرائيلية، باعتبار أنه جاء بناءً على أدلة مشكوك فيها -هو الخطوة الأحدث، وربما الأكثر شهرة فقط، في سياق حملة طويلة الأمد تهدف إلى إسكات منتقدي انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. وبسبب وجود نظام عالمي قوي لمكافحة تمويل الإرهاب، من المرجح أن يعرّض هذا التصنيف للخطر أي دعم مالي يتم تقديمه لمنظمات حقوق الإنسان هذه، ما يجعلها غير قادرة على القيام بعملها القيّم.
على مدى السنوات العشرين الماضية، مع ترسيخ إسرائيل لاحتلالها العسكري واستجابة للتقارير الدؤوبة والدعوات المستمرة من مجموعات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، بدأت المنظمات الدولية والمحاكم في اتخاذ خطوات غير مسبوقة في اتجاه محاسبة المسؤولين الإسرائيليين.
على سبيل المثال، في العام 2004، قضت محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الجدار الإسرائيلي. ونظرت لجان تحقيق دولية مختلفة في جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال الحروب الإسرائيلية المتتالية في غزة. وبدأت المحكمة الجنائية الدولية النظر في تهم بارتكاب جرائم حرب. وأفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” هذا العام بأن إسرائيل تمارس الفصل العنصري والاضطهاد، وكلاهما جريمتان ضد الإنسانية. واستجابت العديد من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني العالمي، من النقابات العمالية إلى الكنائس إلى المجموعات الطلابية، للدعوة الفلسطينية إلى التضامن من خلال استخدام المقاطعة الاقتصادية غير العنيفة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS) لمحاسبة إسرائيل.
أدركت الحكومة الإسرائيلية، ولا سيما مؤيدوها من اليمين، أن الانتقاد العالمي لانتهاكاتها سيجعل من أمر استمرار الاحتلال أكثر صعوبة. وبدأت الجماعات اليمينية في إسرائيل بمهاجمة منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ومع وصول حكومة نتنياهو إلى السلطة في العام 2009، أصبحت هذه المنظمات أهدافًا لسياسة الحكومة. وخضعت المنظمات المستهدفة للفحص والتضييق، وتم استهداف مموليها، وواجهت حملات تشهير لا هوادة فيها في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
بعد ذلك، في العام 2015، قررت الحكومة الإسرائيلية منح وزارة بأكملها التفويض لتنسيق الجهود الدولية لقمع الجهات الفاعلة المناهضة لسياسات إسرائيل في المجتمع المدني العالمي. هذه الوزارة، التي أطلق عليها اسم “وزارة الشؤون الاستراتيجية والدبلوماسية العامة”، والتي تم دمجها منذ ذلك الحين في وزارة الخارجية، وضعت نصب عينيها هدف قمع وإسكات منتقدي إسرائيل في جميع أنحاء العالم.
 
* *
من أجل حمل الحكومات الأخرى على اتخاذ إجراءات صارمة ضد منظمات الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وحقوق الإنسان في أوروبا وأميركا الشمالية، احتاجت الحكومة الإسرائيلية إلى وجود شركاء هناك. وكان أحد الأدوار الرئيسية لوزارة الشؤون الإستراتيجية -كما قال مديرها للتعاون الدولي، جوناثان نويبرغر- هو تنسيق وتمكين شبكات مختلفة من المنظمات العاملة في مختلف البلدان حول العالم. وشمل ذلك تكوين شبكة من حوالي 170 منظمة يهودية ومؤيدة لإسرائيل في جميع أنحاء العالم، مع شبكات محددة مخصصة للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي والساحة القانونية.
وتسعى هذه المنظمات المترابطة في شبكة إلى إسكات المعارضة بطرق مختلفة. أولاها هي إقناع الحكومات الأجنبية بتبني تشريعات تستهدف منتقدي إسرائيل. وتعد قوانين مكافحة حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات التي تُسنّ في الولايات المتحدة أحد الأمثلة على ذلك. وتنتهك هذه القوانين الحقوق التي أقرها “التعديل الأول” للنشطاء الذين يتعرضون للتمييز بسبب اتخاذهم موقفًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. وفي حين أصدرت محاكم مختلفة أحكامًا ضد هذه القوانين في الولايات المتحدة، حيث تم الطعن فيها، فقد أسهمت القوانين نفسها في إحداث تأثير مخيف على التعبير السياسي المحمي دستوريًا في ذلك البلد.
ولا يهم ما إذا كانت الادعاءات في هذه الدعاوى زائفة تمامًا، فالهدف هو وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في موقف دفاعي، وتشويه سمعتهم، ومهاجمة أو ترهيب الجهات المانحة، وتجفيف وقتهم ومواردهم واستنفادها في الدفاع القانوني.
وقد تم رفع دعاوى من أجل مضايقة منظمات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة، بما في ذلك ضد مجموعات مثل “مركز كارتر” و”أوكسفام” و”صندوق إسرائيل الجديد”. ويمكن ربط هذه الدعاوى مباشرة بشبكة القمع المنسقة التي نظمتها الحكومة الإسرائيلية. وسيسعى أعضاء هذه الشبكات الآن إلى استخدام التصنيف الإسرائيلي الجديد للمنظمات الفلسطينية كأحدث أداة لمناصرة إسرائيل في سياق جهودهم لإقناع الحكومات الأوروبية بإقصاء المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان.
وهناك تكتيك آخر يتمثل في الاستعانة بالقوانين الحالية أو اللجوء إلى تعديلها. وتسعى هذه الاستراتيجية، مثل التشريعات المناهضة لحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات، إلى استخدام القوة القسرية للدولة ضد المعارضين. ومع ذلك، وعلى العكس من التشريعات المناهضة لحركة المقاطعة وسحب الاسثمارات، تأمل هذه الجهود في إجهاض التحديات التي تشكلها حرية التعبير. وخير مثال على ذلك هو الجهد المبذول لنشر تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” لمعاداة السامية في جميع أنحاء العالم؛ ويصنف التعريف بعض الانتقادات الموجهة لإسرائيل على أنها معاداة للسامية. وبمجرد أن تتبنى أي حكومة هذا التعريف، فإنه يصبح بإمكان الجماعات الموالية لإسرائيل أن تطالب بفرضه على منتقدي إسرائيل الذين تريد إسكاتهم.
ولا يخجل المسؤولون الإسرائيليون من الاعتراف بوجود شبكة الرقابة هذه. في العام 2019، تفاخر وزير الشؤون الاستراتيجية أمام تجمع من حلفاء الشبكة بأنه تم إقرار قوانين قمعية في عشرات الولايات الأميركية وفي فرنسا والمملكة المتحدة، وبرفع أكثر من 50 دعوى قضائية “بسبب التزامكم وتفانيكم وجهودكم الدؤوبة، إلى جانب وزارتي وجميع الهيئات ذات الصلة في الحكومة الإسرائيلية”.
من المفترض أن تكون دينامية الدولة-المجتمع المدني من العوامل التي تدعم المعايير والأعراف الديمقراطية، وأن تحد من انتهاكات الدولة لحقوق الإنسان، وتضمن حكمًا أفضل. ومن خلال الشراكة مع مجموعة من المنظمات غير الحكومية لأغراض غير ديمقراطية بوضوح، فإن الحكومة الإسرائيلية تقلب هذه الدينامية رأسًا على عقب. وفي حين أن مثل هذه المخاوف تُثار عادةً حول القوى الاستبدادية -مؤخرًا حول النفوذ القمعي الصيني العابر للحدود- فإن إسرائيل تقدم نموذجًا للأنظمة الاستبدادية التي تسعى إلى إسكات الخصوم بطرق تكون مقبولة في الغرب.
* *
إن تصنيف إسرائيل الأخير لست من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني على أنها منظمات إرهابية هو مجرد الخطوة الأخيرة التي تتخذها الحكومة للقضاء على المعارضة من جماعات حقوق الإنسان. وكانت هذه المجموعات في طليعة المدافعين عن المطالبة بمحاسبة القادة الإسرائيليين الذين يقفون وراء هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان. وربما يكون غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أعلن المنظمات الست مجموعات واجهة إرهابية، قد فعل ذلك لأن دعوتها أمام المحكمة الجنائية الدولية قد تؤدي إلى محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب أثناء قصف غزة الذي ترأسه.
من المهم ملاحظة أنه كان بإمكان الحكومة الإسرائيلية اتخاذ خطوات لإغلاق هذه المنظمات في أي وقت؛ ففي نهاية المطاف، تتمركز هذه المنظمات في الأراضي المحتلة التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لكن الهدف هو القضاء على هذه المنظمات من دون الاضطرار إلى التعامل مع الإجراء السيئ المتمثل في جمع قادتها ووضعهم في السجن. في البداية، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى سلوك مسار مختلف. بالتنسيق مع شركائها في الشبكة، حاولت استخدام مزاعم كاذبة عن وجود صلات إرهابية لثني الحكومات الأوروبية والممولين عن تمويل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني الفلسطيني. لكن هذا لم ينجح.
ثم، في شهر أيار (مايو) من هذا العام، قامت الحكومة الإسرائيلية بمحاولة الضغط بكامل قوتها على الحكومات الأوروبية، فلفقت تهمة تآمرية شائنة لمهاجمة جميع المجموعات الست في ضربة واحدة، ودعت الأوروبيين إلى التوقف بشكل أساسي عن تمويل معظم منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الرئيسية. وقدمت الحكومة الإسرائيلية ما يسمى بالأدلة السرية على مزاعمها، لكن الأوروبيين رفضوها.
بعد مراجعة الملف الذي قدمه الإسرائيليون، أعلن وزير الخارجية الهولندي أن الملف لم يقدم أي “أدلة ملموسة على وجود الروابط”. وبالمثل، في تموز (يوليو)، أجرى البلجيكيون مراجعة للادعاءات نفسها التي قدمها الإسرائيليون، وخلصوا إلى أن الملف لا يحتوي على “أي دليل مادي ملموس على وجود احتيال محتمل”. وقالت المفوضية الأوروبية، في مناسبتين بعد أن أرسل الإسرائيليون مزاعمهم، إن الجماعات الفلسطينية تحوّل الأموال إلى منظمات محظورة، أنها لم تجد “أي دليل موثق على مثل هذا النوع من سوء الاستخدام أو الانحراف”.
ويُظهر تحقيق كبير في الملفات الإسرائيلية المسربة المقدمة إلى الحكومات الأوروبية بالضبط سبب عدم قبولها بهذه المزاعم. وقد وجد العديد من الصحفيين المقيمين في إسرائيل، من العديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك “مجلة 972الاحد 14/11/2021”، و”إنترسِبت” و”هآرتس” و”لوكال كول”، الذين اطلعوا على الوثائق التي قدمتها وزارة الخارجية الإسرائيلية وجهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك) إلى الأوروبيين، أنهم “فشلوا في تقديم أي وثائق تربط بشكل مباشر أو غير مباشر بين هذه المنظمات الست” وأن الادعاءات استندت إلى إشاعات تم تحريرها بشكل انتقائي وتلفيق اتهام واهن عن طريق الصلة. وكما اعترف المدير العام لوزارة الشؤون الاستراتيجية ذات مرة، “إننا لا نحارب بالحقائق. إننا لا نحارب بقول الحقيقة”.
بعد الفشل في إقناع الأوروبيين، قام الإسرائيليون أخيرًا بتصنيف هذه المنظمات بأنفسهم. والآن، يأمل الإسرائيليون في العمل مع حلفائهم المرتبطين بالشبكة لتسليح هذا التصنيف بدفعة جديدة من الضغط لحمل الأوروبيين على قطع التمويل عن المنظمات. وفي الواقع، ذكرت صحيفة “هآرتس” قبل أيام أن مصدرًا أمنيًا أقر بأن “الهدف الرئيسي من تصنيفها كمنظمات إرهابية هو عرقلة جمع الأموال” بهدف محدد هو إقناع الحكومات الأوروبية التي لم يتم إقناعها من قبل بفعل ذلك. ومن المؤكد أنهم يأملون أيضًا في أن تكون واشنطن أكثر تقبلاً لتقديم ما تسمى بـ”الأدلة” بعد سلسلة الرفض التي لقيتها في أوروبا.
أقر ممثل عن منظمة “مراقب المنظمات غير الحكومية، NGO Monitor، وهي مجموعة كانت محركًا رئيسيًا وراء المعلومات المضللة التي تستهدف مجموعات حقوقية فلسطينية، في بودكاست للمنتدى القانوني الدولي أن قطع الأموال عن هذه المنظمات هو “أمر ثانوي تقريبًا”. الأهم من ذلك هو حرمان المجتمع المدني الفلسطيني من “الوصول إلى صناع القرار… في البرلمانات في جميع أنحاء أوروبا والعالم، حيث يتم الاستشهاد بتقاريره واستخدامها كمراجع لرسم السياسات والتشريعات وتقرير كيفية انخراط الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية الأخرى في الشرق الأوسط”.
لطالما كان ضمان أن يسمع صانعو القرار في أوروبا وأميركا الشمالية أقل فأقل عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان هو الهدف الأسمى لشبكة القمع التي تديرها. وبعبارة أخرى، فإن التهديد الحقيقي الذي تشكله هذه المنظمات لإسرائيل هو أنها تكشف للعالم عن المعاملة المروعة التي يتلقاها الفلسطينيون وتطالب بمحاسبة مرتكبيها.
الآن، حان الوقت لإلقاء الضوء على هذه الجهود وفضحها وإظهار الممارسات غير الديمقراطية كما هي. في الآونة الأخيرة، دعت منظمة “مقاتلون من أجل السلام”، وهي منظمة إسرائيلية فلسطينية تعرضت للاستهداف بانتظام من اليمين في إسرائيل، الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استخدام عقوبات “ماغنتيسكي” Magnitsky ضد غانتس بسبب مساعيه لحظر جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية.
كما أعلنت وزارة الخارجية هذا العام عن سياسة جديدة للعقوبات، مصممة لفرض قيود على الأفراد الذين “يُعتقد أنهم شاركوا بشكل مباشر في أنشطة خطيرة خارج الحدود الإقليمية لمكافحة المنشقين، بما في ذلك تلك التي تقوم بقمع، أو مضايقة، أو مراقبة أو تهديد أو إيذاء الصحفيين والنشطاء، أو غيرهم من الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون بسبب عملهم”. وتقول وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة “ستواصل تسليط الضوء على أي حكومة تستهدف الأفراد، سواء محليًا أو خارج إقليمها، لمجرد ممارسة حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية”.
لطالما سعت إسرائيل إلى تصوير نفسها على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، لكن سياسات الفصل العنصري التي تتبعها في الداخل تجعل من هذه الديمقراطية أضحوكة، وجهودها القمعية التي تستهدف مجموعات المجتمع المدني ومموليها الأجانب تضعها في تحالف مع الأنظمة الاستبدادية في العالم -ما يوفر الكثير الأسباب التي تجعل واشنطن تستبعدها من حضور قمة بايدن القادمة للديمقراطية.
في الواقع، يبدو أن بعض أجزاء الحكومة الأميركية تدرك أن إسرائيل تضع نفسها بشكل متزايد ضمن جماعة القمع العابر للحدود. وقد أضافت وزارة التجارة الأميركية الأسبوع الماضي شركتين إسرائيليتين، “مجموعة إن. إس. أو” NSO Group و”كانديرو” Candiru، إلى قائمتها للكيانات المحظورة بسبب “الانخراط في أنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة”.
وقد نشأت هذه الشركات من وحدات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، التي صقلت مهاراتها في المراقبة على الفلسطينيين، وحصَلت على تصريح من وزارة الدفاع الإسرائيلية لبيع منتجاتها إلى دول عربية، إضافة إلى المجر، وأذربيجان، والهند، ورواندا… وأشارت وزارة التجارة إلى أن الشركتين “مكنتا هذه الحكومات الأجنبية من ممارسة القمع العابر للحدود… وهذه الممارسات تهدد النظام الدولي القائم على القواعد”.
يسعى المستبدون في جميع أنحاء العالم إلى إسكات المعارضة خارج حدودهم بطرق مختلفة. البعض يختار استخدام مناشير العظام أو وضع قطرات البولونيوم في الشاي. لكن شبكة القمع الإسرائيلية تسعى إلى تحقيق نتائج مماثلة بطرق أكثر تعقيدًا، مصممة لإنجاز المهمة من دون إلحاق ضرر كبير بسمعة الدولة في هذه العملية. ولا ينبغي للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين السماح لأي حليف بتطبيق مثل هذه السياسات القمعية من دون عواقب.
زميل غير مقيم في المركز العربي بواشنطن.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Long Arm of Israeli Repression
 
=============================
إسبانيا في عهد الإسلام
أندرياس كيلب* – (موقع قنطرة) 9/10/2021
الغد الاردنية
الاحد 14/11/2021
ممالك الإيمان – تاريخ جديد للعهد الإسلامي في الأندلس”، كتاب يقدم نظرة شاملة على 800 عام من تاريخ الأندلس، وفيه يستعرض مؤلفه الأميركي، براين أ. كاتلوس، تاريخ الأندلس بأسلوب سلِس، مفككا الخرافات حول استعادة الإسبان المسيحيين للأندلس والخزعبلات المنسوجة حول أعدائهم. وفي ما يلي عرض لهذا الكتاب.
* *
الأندلس هي منطقة جنوب إسبانيا في العهد الإسلامي، وتعد ساحة معترك تاريخي، حيث يُثني عليها البعض كمركز للتسامح الديني والازدهار الثقافي، ويُشدِّد البعض الآخر على دورها كمحرِّك لتجارة الرقيق على أيدي الأفارقة المسلمين وعلى تصلُّبها الأيديولوجي في عهد المرابطين والموحِّدين.
ازدادت حدة هذا النقاش منذ أن رفعت العقول الأيديولوجية المدبِّرة في تنظيمي “القاعدة” و”داعش” شعار إعادة فتح الأندلس، في حين تحوَّل السؤال عما إذا كانت خلافة قرطبة قد بلغت مستوى حضاريًا أعلى مما بلغه خصومها المسيحيون إلى مسألة إيمان لدى بعض المؤرِّخين. وقد تمخض هذا كله عن مبارزة ثقافية بين الغرب والشرق تدور بين أغلفة كتب أصبحت مرآةً لأحداث العصور الوسطى.
غير أن الباحث الأميركي، أستاذ الدراسات الدينيية براين أ. كاتلوس، يريد في المقابل إظهار أنَّ صراع الثقافات الأندلسي كان “أيضًا تاريخًا من التحالفات والصداقات” بين ملوك وخلفاء وبين كونتات نبلاء وأمراء وكذلك بين علماء وفنَّانين وأناس عاديين، مددلًا على ذلك بسرد كلّ سيرة الأندلس الممتدة لنحو ثمانمائة عام بعدسة تاريخية وغالبًا برؤية المشهد الكامل بعين طائر محلق من الأعلى وفي حالات نادرة من منظور الشارع.
وجميعهم يَظهرون في كتابه: الفاتح طارق بن زياد وكذلك آخر أمراء غرناطة أبو عبد الله، والمفكِّرون العظماء ابن رشد وابن وافد وأبو القاسم الزهراوي والقائد العسكري الحاجب المنصور وكذلك “السيِّد” الذي لا يمكن تجنُّبه (بطل إسبانيا القومي رودريغو دياث دي فيفار).
تكمن ميزة هذا الأسلوب السردي الخطِّي المدعوم بالخرائط والرسومات التوضيحية في تلاشي المراحل الفردية من حياة الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكأنها حلقات في سلسلة متدفِّقة: بدءا بالتوسُّع الإسلامي المُبكِّر والأمويين الأوائل والخلافة، مرورًا بممالك الطوائف والنهضة المرابطية وإمارة غرناطة ونهايتها، ثم إخراج الإسلام من إسبانيا.
ولكن الكتاب -من ناحية أخرى- لا يكشف سوى عن القليل عن العمليات والهياكل التاريخية التي تربط هذه المراحل ببعضها بعضا.
عشائر كانت تقاتل من أجل مصالحها الخاصة
من الواضح أنَّ نبلاء القوط الغربيين -الذين حكموا شبه الجزيرة الأيبيرية حتى العام 711 ميلادي- قد سارعوا إلى التعاون مع الغزاة، ولكن لماذا لم يستمروا في المقاومة، على عكس الكنيسة الإسبانية؟ وفي المقابل، لماذا كان من السهل على المسلمين -بعكس غيرهم- دمج المسيحيين واليهود في نظام حكمهم؟
من المعروف أنَّ جدة خليفة قرطبة الأوَّل عبد الرحمن “الثالث” الناصر لدين الله، كانت أميرةً من منطقة الباسك، وأمه امرأة مسيحية مَحْظِية. وبسبب لون بشرته الفاتح وعينيه الزرقاوين، كان يصبغ لحيته باللون الأسود حتى تبدو ملامحه أكثر عربية. وبالنسبة لأمثاله، لم يكن التسامح مصلحة وطنية فقط، بل كان مسألة عائلية أيضاً.
وقد يكمن أحد أسباب هذه الألفة بين السكَّان الأصليين والفاتحين في تشابه هيكل علاقاتهم الاجتماعية. إذ تم تنظيم القوط (الجرمانيين) والعرب والبربر في روابط أسرية عشائرية. ومن بين هذه الأسر “بنو قاسي” المنحدرون من نبيل روماني قوطي اعتنق الإسلام، اسمه كاسيوس.
شكَّلت منطقة بني قاسي حتى أواخر القرن العاشر الميلادي حاجزًا بين ملوك بامبلونا المسيحيين وأمراء سرقسطة، كما كانت السبب في إحدى الهزائم التي لحقت بجيوش الفرنجة بشكل منتظم في رونسيسفاليس. وهناك أسرة أخرى من أصل عربي هي أسرة “بنو السراج”، التي تنافست في القرن الخامس عشر مع أسرة “بنو نصر” الحاكمة (بنو الأحمر) على السلطة في إمارة غرناطة. ولم يكن يرد في تفكير أيّ من الأسرتين شن حرب من أجل تحقيق أهداف أسمى، وإنم كانت هذه الأسر تقاتل من أجل مصالحها الخاصة ضمن إطار المناخ السياسي السائد.
تحالفات الزواج لم تكن وسيلة مناسبة للسياسة
أما في المراكز الحضرية في منطقة الوادي الكبير، وخاصةً في العاصمة قرطبة فقد كانت الأمور مختلفة نظرا لأن الحاكم فيها منذ العام 756 ميلادي الفرع الأخير الباقي من أسرة الخلافة الأموية القديمة في هيكل سلطة مستقر بشكل متزايد وأيضًا متطوِّر حضاريًا من خلال استيراد العلوم الشرقية وثقافة الحياة اليومية.
وفي العام 929 وفي ظل تضاؤل سلطة الخلفاء في بغداد أخذ لقبَهم عبد الرحمن الناصر لدين الله وأعلن نفسه خليفةً، ولكن هذه الخلافة كانت قد انقسمت في عهد حفيده هشام إلى اثنتي عشرة دولة صغيرة هي ممالك الطوائف.
يكمن أحد أسباب ذلك في عدم نجاح قائد هشام العسكري الناجح وحاجبه المنصور بن أبي عامر في خلع الخليفة الضعيف عن العرش وتأسيس أسرة حاكمة جديدة. وفي القسطنطينية كان الأدميرال رومانوس لاكابينوس قد استولى على السلطة قبل ذلك بفترة قصيرة، من خلال زواج ابنته من الإمبراطور القاصر، وأنقذ الإمبراطورية البيزنطية من هجوم البلغار.
وفي المقابل لم تكن تحالفات الزواج في قرطبة وسيلة مناسبة للسياسة، وذلك لقلة قدرة حريم الحاكم على خلق شرعية على الرغم من قدرتهن غير المحدودة على الاستيعاب، وقد انهارت خلافة قرطبة لأنها لم تستطع الاستمرار في تطوير نفسها إضافة إلى تنازل نُخبها عن الخدمة العسكرية لمجموعات العبيد والمرتزقة، وهو ما جعل المنصور بن أبي عامر يستبدلهم بمحاربين بربر من شمال إفريقيا، ثم قام جيش البربر بعد موته بنهب العاصمة العزلاء.
تشير نظرة المؤلف براين أ. كاتلوس العامة إلى مثل هذه الاعتبارات الهيكلية من دون استخدامها، بل إنه يركّز اهتمامه بدلًا من ذلك على تفكيك الأساطير والخرافات التي تم بها تلوين الأحداث التاريخية فيما بعد. لم تصبح “الاستعادة” Reconquista، استعادة” إسبانيا من قِبَل المسيحيين، مصطلحًا (في اللغات الأوروبية) إلا عندما باتت ممالكهم الصغيرة هي صاحبة اليد العليا من الناحية العسكرية ابتداء من القرن الحادي عشر.
وهذا يشبه مسألة التسامح الديني في الإسلام الإسباني، والذي اختلف حول مداه إدوارد سعيد وبرنارد لويس. وهنا أيضًا كانت المصلحة السياسية تسبق التبرير الأيديولوجي. ففي القرن التاسع -على سبيل المثال- تمكن أمراء قرطبة من خنق حركة الشهداء المسيحية في دولتهم من خلال إجراءات قسرية معتدلة نسبيًا.
وفي المقابل، تقلص في عهد الطوائف استعداد الحكام للتسامح مع تقلص مجالات المناورة لديهم. ومع ذلك، لم تكن مذبحة يهود غرناطة في العام 1066 مذبحةً عرقية، بل كانت ذروة صراع على السلطة بين أتباع الوزير اليهودي يوسف بن نغريلة وأسرة البربر الزيريين. لم تحدث قط في الأندلس مذابح لليهود مثلما حدث لهم في أوروبا الوسطى قبل الحملة الصليبية الأولى وانتشار وباء الطاعون في العام 1349: فإرادة الإبادة هذه كانت من اختصاص المسيحية.
لا يدعم هذا الكتاب الألم الوهمي الموجود عند بعض المثقفين المسلمين بسبب غروب شمس الأندلس: إذ إن اللهجة التي يستخدمها رصينة للغاية على الرغم من كل الإسهاب في التفاصيل، ووجهة نظره إلى الأحداث خالية تمامًا من الأوهام. يبين براين أ. كاتلوس أن في استعادة المسيحيين الأندلس لم ينتصر الطرف الأفضل، بل الطرف المنظم تنظيمًا أفضل والمتفوق عسكريًا والمستقر أيديولوجيًا على مجتمع إسلامي أضعفته النزاعات العشائرية والخلافات الدينية.
وعلى الأرجح أن بريان كاتلوس لن يتمكن بكتابه هذا من إنهاء الصراع الثقافي حول الأندلس. ولكن قراءته قد تُسهل علينا قليلًا الاتفاق على قواعد عمل مشتركة.
*نشر أولاً في صحيفة “فرارنكفورتر ألغماينه” الألمانية، والترجمة العربية لموقع قنطرة.
=============================
ما مدى احتمالية عودة الديمقراطيين في العام المقبل؟
كايل كونديك
- مؤلف كتاب جديد عن تاريخ مجلس النواب.
- خدمة نيويورك تايمز
الشرق الاوسط
الاحد 14/11/2021
أكدت نتائج الانتخابات الفصلية التي جرت الأسبوع الماضي، حقيقة أساسية حول السياسة الأميركية مفادها أنه بالنسبة لأي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فإن الوجود في البيت الأبيض يعد ميزة وقوة كبيرتين، لكن في الانتخابات التي تجري في سنة غير سنة الانتخابات الرئاسية، غالباً ما يمثل الوجود في البيت الأبيض عبئاً.
يأمل الديمقراطيون أن يكون العام الجاري استثناء من تلك القاعدة. فمن خلال محاولة تركيز الناخبين على دونالد ترمب، سعى الديمقراطيون إلى إيقاظ القاعدة الديمقراطية. ومن شأن هذا النهج أيضاً أن يتجنب جعل الانتخابات استفتاءً على الرئيس بايدن وشهادات اعتماده، التي تراجعت بعد شهور من الصراع مع الخروج من أفغانستان، وكوفيد، وأسعار الغاز، والتضخم، والديمقراطيين في الكونغرس.
بعبارة أخرى، كان الديمقراطيون يأملون في ألا تنطبق القواعد المعتادة للجاذبية السياسية، لكن لا ينبغي أن نتفاجأ من استمرار القوة المعتادة.
كان أداء الجمهوريين جيداً في السباقات بجميع أنحاء البلاد - وعلى الأخص في سباقات الحكام في فيرجينيا ونيوجيرسي، حيث ذكر أن بايدن فاز بأرقام كبيرة في عام 2020. ولا يزال فرز الأصوات في صيغته النهائية، ولكن يبدو أنهم تحولوا بشكل مماثل تقريباً نحو الجمهوريين مقارنة بعام 2017 - وهي المرة الأخيرة التي شاركت فيها تلك الولايات في الاقتراع - بهوامش بلغت نحو 11 نقطة. تعرض فرجينيا مثالاً صارخاً على مدى ضعف أداء الحزب الرئاسي - فقد خسر مرشح حزب البيت الأبيض الآن سباق حكام الولايات في 11 من الانتخابات الـ12 الماضية.
ولسوء حظ الديمقراطيين، من المرجح أيضاً أن تعمل الجاذبية السياسية ضدهم في عام 2022، وهم يواجهون قيوداً حقيقية على ما يمكنهم فعله حيال ذلك.
كانت هناك علامات على تراجع الديمقراطيين في جميع الأماكن المختلفة. ومن الأمثلة على ذلك مقاطعة لودون والضواحي الواقعة في شمال فيرجينيا. خاض المنافسة هناك تيري ماكوليف، لكن منافسه الجمهوري في سباق الحاكم، غلين يونغكين، شن حملة قوية بشأن قضايا التعليم وخفض الهامش بشكل أساسي مقارنة بعام 2017 إلى النصف. فأماكن مثل لودون هي التي حقق فيها الديمقراطيون تقدماً خلال سنوات ترمب. ولتحقيق أمل في عقد مجلس النواب العام المقبل، يتعين على الحزب أن يؤدي أداء جيداً في مثل هذه المجالات.
ارتفعت نسبة الإقبال من حيث الأصوات الأولية المدلى بها مقارنة بسباق الحاكم لعام 2017 في جميع أنحاء ولاية فرجينيا، لكن بعض الأماكن التي كان نمو الإقبال فيها أصغر شملت المناطق الحضرية الديمقراطية والمدن الجامعية.
لكن الجمهوريين لم يواجهوا مثل هذه المشكلات، فقد كان إقبالهم ممتازاً. في نيوجيرسي، كانت المقاطعة التي شهدت أكبر نمو في إجمالي الأصوات مقارنة بعام 2017 هي أوشن، وهي ضاحية تطل على شاطئ جيرسي شور التي فاز بها منافس الحاكم الجمهوري فيها فيل مورفي ويدعى جاك سيترالي، بأكثر من 35 نقطة.
عانى الديمقراطيون أيضاً في المناطق الريفية، ولكن تشير النتائج الأسبوع الماضي، إلى أنهم لم يصلوا إلى القاع هناك بعد. ففي الدائرة التاسعة للكونغرس في المناطق الريفية بجنوب غربي فرجينيا، كان أداء يونغكين أفضل من أداء ترمب في عام 2020.
سيكون هذا المزيج وحتى الخسائر الأكبر في المناطق الريفية المرتبطة بالتداعيات في المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان كارثياً على الديمقراطيين، لا سيما في الغرب الأوسط التنافسي، حيث ساعد بايدن في عام 2020 في إيقاف تراجع الديمقراطيين في كثير من المناطق الريفية البيضاء، وحيث من الصعب تخيل استمرار الأداء الديمقراطي في الانزلاق.
وفي عام مثل العام الجاري، فإن القواعد الأساسية للانتخابات النصفية لعام 2022 ليست في صالح الديمقراطيين. فغالباً ما تكون الانتخابات الفصلية عامل تغيير في مجلس النواب. خسر حزب الرئيس أرضيته في مجلس النواب في 37 من أصل 40 فترة نصفية منذ الحرب الأهلية، بمتوسط خسارة 33 مقعداً (منذ الحرب العالمية الثانية، كان المتوسط أصغر، وإن كان لا يزال كبيراً، 27). منذ عام 1900، قلب مجلس النواب سيطرة الحزب 11 مرة، وجاءت تسعة من هذه التغييرات في سنوات الانتخابات النصفية، بما في ذلك السنوات الخمس الأخيرة (1954 و1994 و2006 و2010 و2018).
وبالنظر إلى أن الجمهوريين بحاجة إلى اختيار خمسة مقاعد فقط في العام المقبل، فقد باتوا في وضع جيد للغاية للفوز بالمجلس. ليس من المستغرب تماماً أن يحصل الحزب الرئاسي على مقاعد في مجلس النواب في الانتخابات النصفية. حدث ذلك في عامي 1998 و2002، على الرغم من أن ذلك يأتي مصحوباً بمحاذير كبيرة. ففي عام 1998، حظي الرئيس بيل كلينتون بتأييد قوي على الرغم من (أو ربما بمساعدة) معركة عزله مع الجمهوريين وتمتع البلاد باقتصاد قوي؛ فقد كان الديمقراطيون قد خسروا أيضاً كثيراً من الأرض في منتصف عام 1994 (ولم يحدث سوى تأثير في تلك الأغلبية الجمهورية الجديدة في عام 1996)، حيث حصلوا على أربعة مقاعد فقط.
في عام 2002، كان الجمهوريون يدافعون عن أغلبية ضئيلة، لكنهم استفادوا من معدلات التأييد المرتفعة للرئيس جورج دبليو بوش في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وإعادة التوزيع وإعادة تقسيم الدوائر كل عشر سنوات، ما أسهم في مكاسبهم الصافية بثمانية مقاعد.
إذن مقابل هذه الجاذبية السياسية، هل هناك أي شيء يمكن للديمقراطيين فعله؟ يمكن أن يساعد تمرير مشروع قانون البنية التحتية من الحزبين، بالإضافة إلى إمكانية تمرير حزمة الإنفاق الاجتماعي الخاصة بالحزب على إعادة البناء بشكل أفضل، على الرغم من عدم وجود مكافأة مباشرة كبيرة على الأرجح - القوانين الجديدة ليست رصاصة سحرية في الحملة الانتخابية. لكن بعد عام من الآن، يمكن أن يدخل الديمقراطيون الانتخابات في ظل وضع اقتصادي قوي ولم يعودوا غارقين في مأزق داخل الحزب.
قد تكون عوامل مثل أسعار الغاز ومسار كوفيد بعيدة إلى حد كبير عن تأثير الديمقراطيين، ولكن من الممكن تماماً أن يتحسن مزاج البلاد بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وهذا يمكن أن يرفع نسب الموافقة على بايدن.
عندما خالفت الأحزاب تاريخ الانتخابات النصفية، كان لديهم في بعض الأحيان تطور جيد بشكل غير عادي يظهر لصالحهم.
إذا كان هناك أي درس من نتائج الأسبوع الماضي، فهو أن الظروف كانت عادية وليست استثنائية. إذا استمروا على هذه الحال، فإن النظرة الديمقراطية للعام المقبل - كما الحال في كثير من الأحيان بالنسبة للحزب الرئاسي في انتخابات التجديد النصفي - قد تكون قاتمة.