الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "الخوذ البيضاء" صناع الحياة من تحت أنقاض الموت

"الخوذ البيضاء" صناع الحياة من تحت أنقاض الموت

22.06.2019
فراس عزالدين


بلدي نيوز
الخميس 20/6/2019
اختاروا المخاطرة بأرواحهم ليصنعوا الحياة، تركزت أعمالهم على الجوانب الإنسانية، ويبلغ تعدادهم حسب الإحصائيات ما يزيد عن 2600 شاب وشابة من مختلف المناطق السورية تطوعوا ضمن فرق "الخوذ البيضاء" كما يطلق عليهم السوريون أو "الدفاع المدني السوري".
وفي حديث مع "سراج محمود" متطوع في الدفاع المدني، قال لبلدي نيوز، معرفاً أصحاب الخوذ البيضاء بأنهم؛ "شبان وشابات سوريون، من مشارب مختلفة من الحياة وخلفيات وأفكار مختلفة، جمعهم العمل التطوعي لحفظ حياة الإنسان في سوريا وفي كل أماكن وصولهم ضمن الأراضي السورية؛ فمنهم من كان نجاراً أو معلم مدرسة أو ممرضاً أو تاجراً، من خلال تطور العمل، شكلوا ونسقوا عملهم بمنظومة واحدة أصبحت تعرف للعامة بالخوذ البيضاء وتحمل الاسم الرسمي، "الدفاع المدني السوري".
يعرّف عناصر "الدفاع المدني" عن أنفسهم بعباراتٍ مختصرة؛ "العمل بحيادية وإنسانية من دون تمييز، ولا ندين بالولاء لأي حزب أو جماعية سياسية... نعمل لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح والحد من الإصابات بين الناس والضرر على الممتلكات".
قدموا توثيقاً لأعمالهم داخل قاعة مجلس الأمن الدولي خلال جلسةٍ تناولت البحث في استخدام "غاز الكلورين" بسوريا، وثقوا فيها لحظات استهداف طائرات نظام بشار الأسد المناطق المدنية في منطقة سرمين بإدلب السورية بالغاز السام وحالات اختناق عشرات الأطفال والنساء، وسجلت عدسات المصورين بكاء الحضور من المشهد.
وفي هذا الصدد، أجاب "محمود" عن سؤالنا، لماذا يهاجمهم بشار الأسد ويتهمهم النظام السوري بشكل عام بأنهم فرع من جبهة النصرة؟ بالقول "بشار الأسد ككل مجرمي الحرب يخاف من شهود العيان القادرين على فضح الجريمة، لذلك لا يتوانى عن قصفهم وقتلهم واعتقالهم، وذلك لحجب الحقيقة وقتل شهود العيان. وأفضل طريقة للانتقاص من رسالتهم والأدلة التي يملكوها هي اتهامهم بانتمائهم. العالم كله مجمع على أهمية بطولات متطوعي الدفاع المدني السوري في حفظ حياة المدنيين، لذلك يكرههم بشار الأسد، فهو مجرم حرب مثبت بالحقائق".
ويتعهد "الدفاع المدني" أنه "وبمجرد أن ينتهي القتال، ستلتزم المنظمة بالشروع في مهمة إعادة بناء سوريا كأمة مستقرة ومزدهرة ومحبة للسلام، التي يمكن فيها تحقيق تطلعات الشعب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".
ويتراوح أعمار عناصر الدفاع المدني بين 18 و40 عاماً، يخضعون لدورات تدريبية في الأراضي التركية عبر المنظمة العالمية للبحث والإنقاذ، بينما يتم "التدريب الأولي" في ثلاثة مراكز موجودة في إدلب وحلب.
كان للدفاع المدني 104 مراكز موزعة في ثماني محافظات سورية يتم التنسيق في ما بينها بشكل مستمر، ولا سيما بعدما توحّدت في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2015 بعد اجتماعات جمعت قادة المحافظات لتحويله إلى مؤسسة عامة تحت راية واحدة هي "الدفاع المدني السوري"، ومنذ ذلك الحين بدأ التنسيق بشكل أكبر بين كل المراكز ومحاولة توزيع المساعدات بشكل متساوٍ عليها، بينما بقي هذا الأمر صعب التحقيق في المراكز الموجودة في دمشق وريفها وحمص، المحاصرة والتي لا يسمح النظام بدخول المساعدات إليها.
وبقيت العوائق التي تواجه المسؤولين في "الدفاع المدني" والمتطوعين متمثلةً بضعف الإمكانات وقلةّ المساعدات التي تحول في أحيان كثيرة دون قدرة العناصر على القيام بواجباتهم.
يذكر أنّ نواة هذه المؤسسة الإنسانية تشكلّت بداية وبشكل أساسي في حلب في 15 آذار/ مارس 2013، من منشقين من "فوج الإطفاء السوري"، رفضوا تعليمات قوات النظام بمواجهة المتظاهرين. إذ أعلن نحو 55 عنصراً في مركز واحد الانشقاق دفعة واحدة وبدأوا العمل مع "الدفاع المدني" من مركزهم، قبل أن يعود النظام ويستهدفهم بالقصف، ما اضطرهم إلى نقله إلى مكان آخره، كما عمد أحد العناصر المنشقين من "فوج الإطفاء" بإدلب إلى نقل سيارة من المركز معهم.
وفي هذا الصدد، يقول "سراج محمود"؛ "بدأوا كأفراد بالركض نحو أماكن سقوط القذائف، مثل أي سوري تغمره المحبة لأهل حيه وجيرانه. ومع الوقت شكل هؤلاء الأفراد مجموعات متفرقة في المدن والقرى والأحياء، كانت هذه المجموعات تأخذ على عاتقها إنقاذ المدنيين بكل ما استطاعوا. اكتشفت هذه المجموعات لاحقاً تواجد مجموعات أخرى تحمل نفس المهمة في العديد من قرى وبلدات سوريا؛ فبدأوا بالتواصل فيما بينهم لتبادل الخبرات خصوصاً وأن هذه المجموعات تضمنت بعض المنشقين من فرق الدفاع المدني تحت كنف النظام الذين رفضوا الانصياع لأوامر النظام. كذلك شاركوا موارهم".
ومع كبر مساحة القصف والحاجة المتزايدة لأمثالهم، كان الاجتماع الأول الذي نتج عنه ميثاق مبادئ الدفاع المدني السوري، وكانت هذه نواة التأسيس للمنظومة التي نراها حالياً، والتي تتضمن أنظمة شفافية وانتخاب، طورناها مع الخبرة والوقت. كان التصويت الأول على الأدوار التي يلعبها كل متطوع في مركزه".
ولعل من أبرز مهامهم؛ السعي لتقديم مختلف الخدمات الإنسانية التي تسهم في إنقاذ المدنيين، كالتحذير من الهجمات والمخاطر، والبحث والإنقاذ في المناطق السكنية، وإخلاء السكان المدنيين من مناطق القتال التي فيها انتهاكات، وتوفير الخدمات الطبية -بما في ذلك الإسعافات الأولية- عند موقع الإصابة، وإطفاء الحرائق، وإدارة ملاجئ الطوارئ، إضافةً لمهمة الكشف ووضع علامات على المناطق الخطرة كتلك التي يوجد فيها ذخائر لم تنفجر، وتأمين المقابر في الحالات الطارئة، وإدارة تدابير التعويض الطارئ في حالات انقطاع الخدمات".
وأجاب محمود عن سؤالنا لمن يتبعون؟ بقوله؛ "ببساطة، للشعب السوري. وفقط للشعب السوري. التبعية هي شيء ضد مبادئ عمل الدفاع المدني، ولو كان هناك متبوع، لمنعنا من إنقاذ أشخاص بعينهم بسبب انتمائهم السياسي أو الديني. وكما نقول دائماً، ننقذ السوريين في أي مكان نقدر عليه، بغض النظر عن دينهم، جنسهم، عرقهم أو إيمانهم و انتمائهم السياسي".
وحول وجود مرجعية لهم يرجعون لها، قال؛ "المرجعية التي يعتمدها الدفاع المدني السوري هي القانون الإنساني الدولي ومبادئ الدفاع المدني العالمية".