الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الخطة "ب" والخديعة الأمريكية في سوريا

الخطة "ب" والخديعة الأمريكية في سوريا

23.02.2016
د. بدر حسن شافعي



الشرق القطرية
الاثنين 22/2/2016
الخطة "ب" للتدخل البري في سوريا هي الخطة الأمريكية البديلة لوقف تنظيم داعش وتغوله في شمال سوريا عبر قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.. وقد أعربت كل من تركيا والسعودية وبعض دول الخليج الأخرى مثل قطر والإمارات عن استعدادهما للمشاركة تحت المظلة الأمريكية. ورغم أن هذه الخطة تم الاتفاق عليها سلفا، إلا أن ثمة "ذرائع" قانونية، وأخرى "سياسية"، قد تؤجل تنفيذها، أو إلغاؤها بالكلية.
بداية نقول إن أي تدخل بري يتطلب "نظريا" ومن الناحية القانونية صدور قرار من مجلس الأمن في هذا الشأن باعتباره الجهة المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين، في حين أن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن الأمر يتطلب أيضا موافقة نظام بشار الأسد. وبالطبع هناك صعوبات في صدور قرار من مجلس الأمن بسبب الفيتو " الروسي"، كما أن بشار الأسد لن يسمح بذلك لأن هذا التدخل في غير صالحه.
لكن السؤال الذي يسبق الحديث عن هذه العقبات هو: هل الولايات المتحدة عازمة بالفعل على القضاء على داعش،لاسيَّما أن تدخلها البري لم يؤت النتائج المرجوة، وهو ما جعل روسيا تتحجج بذلك في تبرير تدخلها لمواجهة التنظيم؟
أغلب الظن أن الولايات المتحدة غير متحمسة لفكرة التدخل، أو حتى إقامة منطقة عازلة لحماية المدنيين في شمال سوريا على غرار ما حدث في المناطق الكردية في العراق عام 1998 إبان حكم صدام حسين.. وإذا كانت واشنطن لديها الرغبة في ذلك، لكان يمكن لها أن تقوم بهذا التدخل، أو إقامة هذه المنطقة دون صدور قرار مجلس الأمن على غرار ما فعلته إبان تدخلها في العراق عام 2003 بدعوى امتلاك صدام أسلحة نووية، كما أن اشتراط موافقة نظام الأسد على هذا التدخل قد يتم الرد عليه قانونا بأن الأمم المتحدة حددت حالات للتدخل الدولي الإنساني في الصراعات الداخلية دون موافقة النظم "المستبدة" حال ارتكاب هذه النظم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، أو الإبادة الجماعية، حيث يتم اعتبار هؤلاء المواطنين مواطنين دوليين ينبغي التدخل لحمايتهم.
لكن وكما سبق القول فإن واشنطن ليست لديها الرغبة في القضاء على تنظيم الدولة، لأن هذا التنظيم يفت في عضد المعارضة المسلحة، وليست قوات الأسد، وهو نفس ما تقوم به القوات الروسية.. ومعنى هذا أن هناك شبه اتفاق روسي – أمريكي على إضعاف المعارضة المسلحة المدعومة خليجيا- لصالح نظام الأسد الذي هو الأفضل بالنسبة لأمن إسرائيل. ولعلنا نتذكر التعهدات الأمريكية للأسد إبان غاراتها الجوية في سوريا، وكيف أنها تستهدف التنظيم وليس قوات النظام!
ويبدو أن الموقف الأوروبي يسير على نفس النهج الأمريكي، رغم أن القصف الروسي في شمال سوريا يساهم في زيادة عملية نزوح المدنيين صوب أوروبا، مما يسبب لها معاناة كبيرة.. ولعلنا نتذكر أن ألمانيا التي احتفت في البداية باستقبال هؤلاء اللاجئين، هي التي منعت في بداية الثورة السورية تدفقهم إلى دول الجوار، بل قامت ببيع السلاح لبشار!
إذن سوريا ليست كأوكرانيا التي تعد معقلا مهما لروسيا، ومع ذلك تدخلت واشنطن والدول الأوروبية لإسقاط النظام الموالي لروسيا وحليف إسرائيل، والأمر نفسه تكرر في السابق في كوسوفا والبوسنة.. لكن الوضع في سوريا مختلف.. فلن تتدخل واشنطن بريا، بل لن توافق على تدخل خليجي- تركي بري لوقف داعش وقوات الحماية الكردية.. وبالتالي يصبح التساؤل المطروح حول البدائل التركية والخليجية لمواجهة تمدد داعش والأكراد في سوريا؟