الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرية لرجاء الناصـر ورفاقه

الحرية لرجاء الناصـر ورفاقه

24.11.2013
عريب الرنتاوي


الدستور
السبت 23-11-2013
فيما يشبه عمليات الاختطاف التي تقوم بها المليشيات والعصابات الإجرامية، أقدمت أجهزة الأمن السورية على “اختطاف” المناضل، الأخ والصديق رجاء الناصر، أمين سر هيئة التنسيق الوطني (معارضة الداخل) واقتادته كما فعلت من قبل مع عبد العزيز الخيّر ورفاقه، إلى أقبية سجونها المكتظة والمجهولة، والتي تشبه إلى حد كبير، معسكرات الاعتقال الجماعي.
“التهمة” كما فهمنا، حديثٌ صحفي للناصر طالب فيه بالإفراج عن عشرة آلاف معتقل تكتظ بهم السجون السورية، الأمر الذي لم تحتمله عقول أركان النظام وصدورهم، فما كان منهم إلا أن عمدوا إلى محاولة “إسكات” صوت الحرية الذي تلهج به ألسنة المناضلين السوريين وضمائرهم، الذين لم يتخلفوا عن نظرائهم في “ربيع العرب” مطالبين بالحرية والكرامة لشعبهم.
الناصر، ابن مدرسة سياسية وطنية سورية، اتخذت منذ اللحظة الأولى وحتى لحظة الاعتقال، موقفاً صلباً مناهضاً للعسكرة والتسلح والتدخل الدولي، داعية لـ”حل سياسي وطني” للأزمة السورية، ودفع أنصارها جرّاء ذلك، الكثير من “سمعتهم” و”رصيدهم الكفاحي المديد والمرير”، من دون أن يخضعوا لابتزاز أصحاب العقول الحامية ورعاتهم .. وكان الناصر ورفاقه الكثر، فرس الرهان لكل دعاة الحلول السياسية والوطنية للأزمة السورية، بعد أن تورط “كثيرٌ من المعارضة” في أجندات وارتباطات خارجية، لا تروم لسوريا/ الدولة والوطن والمجتمع والدور/ أي خير.
قبل الناصر، كانت أجهزة النظام قد اعتدت على الفنان والمثقف السوري الكبير يوسف عبدلكي، واعتقلته لعدة أسابيع قبل أن تضطر للإفراج عنه تحت ضغط النداءات والحملات الدولية المناصرة لعبدلكي ... وقبلها كانت أجهزة النظام قد اختطفت على طريق المطار، وفد هيئة التنسيق العائد من جولة دولية، برئاسة الخيّر وعدد من صحبه، وما زالت مصائر هؤلاء مجهولة، برغم النداءات المتكررة الصادرة عن محبي الشعب السوري، بمن فيهم أصدقاء النظام.
ومثل الناصر وعبدلكي والخيّر، ثمة ألوف مؤلفة من معتقلي الرأي والضمير في السجون السورية، رجال وشباب ونساء، لم تتلوث أياديهم بدماء أبناء شعبهم ولا قواتهم المسلحة، وكل ما قارفته أيديهم وألسنتهم، هو الهتاف والتلويح بالشعارات المنادية بالحرية والكرامة ... هؤلاء يجب أن يُخلى سبيلهم فورهم، وكشرط مسبق لالتئام مؤتمر “جنيف 2” ... فلا معنى للمؤتمر ولا لأي حل سياسي، إن كان صدر النظام يضيق ذرعاً بمثل هذه النوعية من المناضلين الشرفاء.
نحن لا نتحدث عمّن تلطخت أيديهم بدماء السوريين من الإرهابيين والقتلة، هؤلاء مكانهم السجن والقصاص العادل ... ومن بينهم من تورط من أجهزة النظام ومسؤوليه بدماء السوريين الأبرياء كذلك ... لكن هذا الملف برمته، يجب أن يُرحّل “للعدالة الانتقالية” حين تأخذ مجراها، وفي سياق الحل السياسي وكشرط له، ومرحلة من مراحله الآتية.
إن اعتقال الناصر ورفاقه، ينهض كدلالة على “عودة ريما لعادتها القديمة”، فالنظام ما أن تنشّق رائحة الانتصار والتفوق، حتى عاد يتصرف بيدين طليقتين ضد السوريين الشرفاء، وحتى عاد لممارسة عاداته المرذولة في قمع الآخر ومصادرة الحريات وتكميم الأفواه.
مثل هذا السلوك القمعي المدان، يجب أن يُطلق صيحات الإنذار والتحذير عند الأطراف الصديقة للنظام، والتي طالما تولت أمر الدفاع عنه، والترويج لـ”تغيير في سياساته” ... موسكو مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حرية الناصر ورفاقه ... إيران مسؤولة عن ذلك، وحزب الله لديه المسؤولية الأخلاقية الأكبر في العمل سريعاً على إطلاق سراح من رأى فيهم، ممثلين شرفاء للمعارضة الوطنية المخلصة والمسؤولة ... إن بقاء هؤلاء خلف القضبان، هو شهادة إدانة لكل هذه الأطراف، وعليها أن تتحرك بقوة لإعادة الاعتبار لخيار الحل السياسي الوطني، قبل أن يكفر من تبقى من السوريين بهذا الحل، ويجد مناهضوه من أصحاب الأجندات المشبوهة، ما يسوغون به أعمالهم الإجرامية ويبررها.
كما وندعو أصدقاء النظام من قوميين ويساريين وغيرهم، أن لا يجعلوا من حماستهم للنظام، سدّا يُغشي أبصارهم عن رؤية الحق والحقيقة، فالمعتقلون هم يساريون وقوميون كذلك، أي أبناء جلدتهم الفكرية والإيديولوجية، وليسوا من “مثقفي الناتو” ولا كتاب السلاطين، ولم نعرف عنهم ركوعهم وسجودهم على عتبات “البترودلار” أو “الباب العالي” ... هؤلاء مناضلون تخرجوا من هذه المدارس، ومن حقهم على زملائهم ورفاقهم الانتصار لهم، إن كانوا فعلاً صادقين فيما يقولون، وإن كانت سوريا، الموقع والدور، المقاومة والممانعة، هي ما يتصدر جداول أعمالهم.