اخر تحديث
السبت-04/05/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ الحركة الإسلامية : بين قوس الكُسَعي ، وغفلته ، وندامته !
الحركة الإسلامية : بين قوس الكُسَعي ، وغفلته ، وندامته !
21.07.2018
عبدالله عيسى السلامة
يُروى أن الكسعي – وهو محاربُ بن قيس ، من قبيلة كُسَعة - كان له إبل يرعاها ، في واد ، فيه شجر، وبينما هو سائر، لفتت نظره شجرة ، راقت له ، وقال في نفسه: لأصنعنّ ، لنفسي ، قوساً، من تلك الشجرة . وظلّ يتعهّدها ، ويرصدها ، في كلّ يوم ، حتى استوت ، فقطعها ، وبعد ذلك جفّفها ، وصنع منها قوساّ شديدة، ثمّ دهنها ، وألحق بها وترًا، وصنع خمسة سهام ، وضعها في جعبته !
وأراد الكسَعي ، أن يجرّب قوسه الجديدة ، فخرج إلى مكان ، تسعى به الحُمرُ الوحشية ، وسدّد قوسه ، ورمى سهمه ، فأصاب حماراً وحشياً ، ومن قوّته امتدّ إلى الجبل ، وقدح فيه شرراً ! فلمّا رآه ، ظنّ أنه لم يُصب بغيته ، فرمى السهم الثاني ، ثم الثالث والرابع والخامس..وفي كلّ مرّة يرى الشرر، في سفح الجبل، فيظنّ أنه يخطيء الهدف !
ومن فرط ضيقه ، جاء بالقوس إلى صخرةٍ ، فضربها ، حتى كسَرَها ، ثمّ نام إلى جانبها! حتى استيقظ في الصباح ، فمشى ، إلى حيث كانت سهامه ، فإذا الحمُر الخمسة مسجّاة على الأرض ، غارقة في دمائها ! وكلّ منها قد اخترقه سهم ، ونفذ من جسمه ! فندم على كسره قوسه ، أشدّ الندم ، إلى درجة أنه عَضَّ إصبعه ، فقطعها ، ثمّ أنشأ يقول:
ندمتُ ندامـة ، لو أن نفســي تُطَاوِعُنِي، إِذَن ، لَقَطَعْتُ خَمْسِي
تَبَيَّـنَ لِي سـَفَاهُ الـرَّأْيِ مِنِّـي لَعَمْرُ اللهِ ، حِينَ كَسَرْتُ قَوْسِـي
لقد صارت ندامة الكسعي ، مضرب أمثال ؛ فيقال : أندمُ مِن الكُسعي !
قال أحد الشعراء : ندمتُ ندامة الكُسَعيّ لمّا = رأتْ عيناه ، ماصَنعتْ يَداهُ !
فبمَ يختلف ، مايفعله بعض أبناء الحركة الإسلامية ، اليوم ، عن فعل الكسعي ، قبل كسر قوسه ، وبمَ سيختلف، عنه ،غداً- كما هو متوقّع- بعد كسر قوسه ، التي عزا إليها ، إخفاقه المتوهّم ، في إصابة أهدافه.. ثمّ قطعِ إصعه ، ندماً ، على كسر القوس !؟
تسعون عاماً ، هو عمر الحركة الإسلامية ، اليوم ، وهي امتداد ، لعقود سبقتها ، من جهود الدعاة والمصلحين : من جهود محمد عبده ، ورشيد رضا ، وغيرهما !
تسعون عاماً ، انتشرت فيها ، الحركة الإسلامية ، في العالم ، انتشاراً ، لم تحقق مثله حركة ، في العصر الحديث ! وصار لها أتباع ، بالملايين ، في العالم ، كلّه ، في قارّاته ، كلّها : صار لها فروع ، في سائر القارّات ، وأنشأت كوادر مميّزة ، وطاقات مبدعة ، في سائر المجالات : العلمية والفكرية ، والثقافية والاجتماعية ، في أكثر مدن العالم ، ودوله .. وصارت أملاً ، لمئات الملايين ، من البشر، في العالم الإسلامي ، وفي غيره !
وقد أثارت اهتمام العالم ودهشته، من ناحية، وأثارت الرعب، في صدور شياطين البشر، من ناحية ثانية.. حتى تألّب عليها الشياطين ، فطفقوا يحاربونها ، حرباً شعواء ! وهي الحرب التي يعرفونها ، منذ بداية انطلاقهم ، في بلادهم ، والتي حدّثهم عنها مؤسّس حركتهم ، الذي قضى شهيداً ، في هذه الحرب !
ويأتي ، اليوم ، بعض أبناء هذه الحركة ، ليقدّموا نظريات عجيبة ، في: تحديثها، أو تمدينها، أو تطويرها، أوتغييرها ، أو تبديلها ، أو تبديل أشياء منها ، وفيها ؛ لتتلاءم مع روح العصر، ومع عصرية العصر، وتتقي محاربة الشياطين ، الذين يرصدون كلّ تغيّر فيها ، بدءاً بالاسم ، وانتهاءً بالعقيدة ، مروراً بالمنهج ، وبسائر تفصيلاته !
لقد غيّر بعض أبناء الحركة ، في بعض الدول ، بعضَ الأشياء ، في الحركة ، ابتداء من الاسم ، ومرورا ببعض الأوصاف .. حتى صار ينطبق عليها ، أحد الأمثال ، بصورة عكسية ، وهو المثل الوارد ، في بعض كتب تاريخ الأدب : لو خرجتَ من جلدك ماعرفتك ! أمّا عكسُه ، فهو : لو بدّلتم جلودكم ، كلّ يوم ، لما أخطأناكم ، أو جهلناكم ، أو تغاضينا : عنكم ، وعن نشاطكم ، وعن أهدافكم !
وإذا كانت مصطلحات : التطوير، والتحديث ، والتعديل ، والتحسين .. كلّها ، مطلوبة ، ومتفقاً عليها ، فإن دلالاتها مختلفة : بين عقل وعقل ، وبين بيئة وبيئة ، وبين جيل وآخر.. وتتراوح : بين التطوير الحسن ، في الإطار العامً ، وبين التدمير التامّ ، بصورة فنية ، عبر جمل مزركشة ، نابعة من نظريات ، أقلّ مافيها، أنها تحقق للشياطين، أهمّ مايطمحون إليه، وبأيدي أبناء الحركة، أنفسهم ! مع أن الكثير، ممّا يراه أبناء الحركة ، من خلل ، في واقع حركتهم ، إنما هو ناجم ، عن: تقصير بعضهم ، أو أخطاء بعضهم ، أو عجز بعضهم ، أو سوء فهم وعلم ، لدى بعضهم ، في أنواع العمل الإداري ، أو السياسي .. أو في فهم حركة السياسة العالمية ، أو الإقليمية..!
والسؤال هو: ألا يفكّر أبناء الحركة ، هؤلاء ، بقوس الكسعي ، التي كسرها ، نزقاً وغباء ، بحجّة أنها ، لم تصب الأهداف ، التي رماها !؟
وإذا كان الكسعي ، قد رمى سهامه ، في الظلام ، فتوهّم عدم إصابتها الأهداف ؛ فهل يرمي بعض منظري الحركة الجدد، اليوم ، أهدافهم ، في النور، أم في ظلام دامس، هو: ظلام العقول، أو ظلام التضليل الإعلامي ، أو ظلام الخوف من المجهول، أو ظلام السجون الظالمة، التي زُجّ بالألوف، من أبناء الحركة، في أعماقها..أو ظلام التخبّط الفكري ، في التيه ، وهم يبحثون ، في سماوات خيالاتهم،عن نموذج ناجح ، يقلّدونه ، ولو كان : في بيئة غير بيئتهم ، ونسق اجتماعي وسياسي، غير نسقهم..وبقدرات غير قدراتهم!؟
وإذا كان الكسعي ، قد قطع إصبعه ، ندماً ، على قوسه ، أفلا يخاف المخلصون ، من أصحاب النظريات الحديثة ، أن يقطعوا أيديهم وأرجلهم ، ونياط قلوبهم ..حرقة وندماً وحسرة ،على حركتهم ، حين يحققون، لشياطين الإنس ، ماتريد ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً !؟