الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب القادمة

الحرب القادمة

13.02.2018
د. عبدالله السويجي


الخليج
الاثنين 12/2/2018
حكومة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، وهو شخصياً، يتعرضان لأزمة كبيرة يتوقع كثيرون لهما السقوط، فهناك مظاهرات يومية، وحملات مستمرة ضد فساد الحكومة، وضد التخبط في التعامل مع الفلسطينيين، وهناك فضائح طالت ابن نتنياهو؛ لضبطه في محلٍّ للعري، وسعيه للخروج مع إحدى نساء الليل، وهناك رِشى تطوله وزوجته، وجارٍ التحقيق معهما منذ فترة، إضافة إلى الأزمة التي تعيشها الحكومة؛ بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، والتهليل الذي قوبلت به، والتي يعتقد عدد من الكتاب "الإسرائيليين" أن تصريح ترامب ليس لصالح "إسرائيل"؛ لأنه سيطالب بعد قليل بتنازلات من الحكومة. ونضيف إلى ذلك استعداد الشرطة "الإسرائيلية" لتوجيه تهم ضد نتنياهو بسبب تصريحاته شديدة اللهجة ضد المفوض العام للشرطة الجنرال روني الشيخ، ما جعل رئيس حزب "المعسكر الصهيوني" آفي غباي يقول، إنّ نتنياهو يتصرف كمجرم بهجومه غير المسبوق على المفوض العام للشرطة، وفي ظل هذه الأزمات، يبحث نتنياهو عن مخرج، ولم يجد سوى تهديد قطاع غزة بحرب طاحنة تقضي على حركة حماس.
منذ أكثر من أسبوعين والصحف "الإسرائيلية" تبعث برسائل مزدوجة وأحياناً متناقضة، منها ما يتحدث عن ضرورة حل الأزمة الإنسانية الطاحنة التي يعيشها سكان قطاع غزة، وهدد رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي" أن عدم حل أزمة القطاع ستؤدي إلى نشوب حرب وإعادة العنف، ومنها ما يتحدث عن الخطر الذي تشكله حركة حماس بسبب تطويرها لصواريخ قادرة على ضرب المدن والمستوطنات، ومنها ما يحرض على حرب مزدوجة ضد حركة حماس و"حزب الله" اللبناني، وتعلو الأصوات بشأن الأخير؛ نظراً لمزاعم تقول إن إيران تقوم ببناء مصانع للصواريخ المتطورة جداً في لبنان، ولهذا يجب ضرب قواعده في لبنان وسوريا، وهدد وزير التربية "الإسرائيلي" أن أي حرب مع "حزب الله" ستؤدي إلى إعادة لبنان إلى العصر الحجري، وفي الوقت ذاته يقوم الجيش "الإسرائيلي" ببناء جدار طوله ستة كيلومترات على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وأي خطأ في مسار هذا الجدار سيشعل حرباً ضروساً بين الطرفين قد تمتد إلى الجبهة السورية، ويسعى الكتاب "الإسرائيليون" إلى تشجيع حكومتهم لوضع حل جذري للتهديدات من قبل حركة حماس و"حزب الله".
ويبدو أن الاتجاه العام سائر نحو التصعيد الفعلي، أو هكذا تقول المعطيات والمؤشرات، فقد تناقلت بعض الصحف معلومات وردت في وثيقة "إسرائيلية" رسمية تم توزيعها على موظفي وعمّال بلدية مدينة أشدود (أسدود) في جنوب "إسرائيل"، والتي تقع في مرمى صواريخ حركة حماس، تتضمن تعليمات صارمة لجميع السكّان بالاستعداد لفترة الطوارئ، والتزوّد بجميع اللوازم، والعمل بهدوء على تطبيق التعليمات الواردة في الوثيقة، التي قام بإعدادها قسم الأمن في البلدية، والذي يعمل بتنسيقٍ كاملٍ مع قيادة الجبهة الداخليّة في الجيش "الإسرائيليّ".
ويعتقد المحللون أن هذه الحرب لو وقعت لن تكون كسابقاتها، وستعمل على تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من دورهم باتجاه الحدود المصرية؛ تمهيداً لتنفيذ ما تسمى "صفقة القرن"، التي يشاع أنها تهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية على قطاع غزة وجزء من سيناء، وقد سبق أن نفت الحكومة المصرية هذه الأخبار جملة وتفصيلاً، إلا أن النفي لا يعني دائماً عدم وجود صفقة أو خطة، وحتى لو لم تكن هذه التحركات تهدف إلى تطبيق "صفقة القرن"، فإنها ستخلق مناخاً جديداً، يخلط الأوراق ويعيد ترتيبها من جديد، بحيث تؤدي إلى كيان فلسطيني هش في قطاع غزة، أما بالنسبة للضفة الغربية، فإن الحديث جارٍ على إصدار قرار أو قانون من الكنيست "الإسرائيلي" يسمح بضم الضفة، أو على الأقل المستوطنات "الإسرائيلية" فيها.
أما بالنسبة للحرب على لبنان، فمن الممكن جداً حدوث مفاجآت كبرى، من حيث فتح جبهة جديدة من الحدود السورية بنوايا "إسرائيلية"، تهدف إلى ضرب سوريا وحلفائها، وإحياء التنظيمات الإرهابية المتطرفة من جديد، وهذه المرة، ستجد هذه التنظيمات فرصة للعمل على الأراضي اللبنانية.
السيناريو خطِر جداً، وتؤيده الولايات المتحدة، التي تستكمل خطتها لبث الفوضى والخراب في مفاصل العالم العربي، وحماية أمن "إسرائيل"، وضمان تفوقها لعشرات السنين القادمة، ولكن إلى أي مدى سينجح هذا المخطط، وما هي المفاجآت التي قد تحدث عسكرياً ضد "إسرائيل"!