الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب السورية مستمرة حتى تقاسم النفوذ الأميركي  الروسي

الحرب السورية مستمرة حتى تقاسم النفوذ الأميركي  الروسي

19.12.2016
ثريا شاهين


المستقبل
الاحد 18/12/2016
تؤكد مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، أنّه بحسب ما يظهر بعد سقوط حلب، فإن هذا السقوط لا ينهي الحرب، بل ان الحرب مستمرة، وان الأزمة السورية ستستغرق سنوات لاتضاح صورة الحل.
لكن من بين أهم نتائج سقوط حلب، هو أن الحل السياسي بات بعيداً، وأن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن ما حصل لن يسرّع الجلوس الى طاولة التفاوض. فالمعارضة لن تقبل المجيء الى التفاوض لإحراز حل سياسي وفق شروط النظام الذي وفر له الدعم الروسي بنجاح معركة حلب. والنظام سيتمسك بشروط عالية ولن يقدم شيئاً جوهرياً للمعارضة.
كل ذلك سيصعّب الحل السياسي في المرحلة المقبلة. هذا إلا إذا حصل اتفاق بين روسيا وواشنطن ما بعد تسلّم الرئيس الجديد دونالد ترامب الحكم، حول تقاسم النفوذ بشكل معين.
وليس أمر التقاسم مسألة قريبة، لا بل ان مراحل دموية أخرى متوقعة لسوريا، وهي ستسبق الحل السياسي. كان يهم الروس حلب تحديداً، لأسباب رمزية ولا سيما لقربها من تركيا ولموقعها الاستراتيجي. ومعركة حلب جرت بتوافق روسي – تركي. ومثلما دخلت تركيا الى الأراضي السورية بتوافق مع روسيا، كانت مهمة الروس في حلب سهلة من جراء التوافق مع تركيا.
بعد حلب، ستستكمل روسيا لعب دورها الضاغط، بحسب المصادر، لتأكيد مصالحها، ولن تتخلى عن سوريا وعن مصالحها هناك. وأي معارك في مناطق أخرى سترى روسيا أنها مهمة استراتيجياً لها وتثبت هذا الواقع، ستلجأ أيضاً الى الطريقة العسكرية نفسها التي اتّبعتها في حلب، وستعمل وفق ما تراه مناسباً.
والروس، وفقاً للمصادر، لم يتعبوا من التكلفة الاقتصادية، ومصالحهم الاستراتيجية أهم من التكلفة المالية.
فأسعار النفط الى تحسن، وهذا ما يساعد، أو يسمح لموسكو بالاستمرار بدورها في سوريا على المدى البعيد. بحيث تصبح لروسيا قاعدة في سوريا، لفترة طويلة.
المواقف الغربية وغير الغربية لم يكن لها تأثير في تطورات حلب. والأوروبيون ليس لهم دور أساسي، في حين لدى الأميركيين مصالح معينة تقع في سياق المصالح الكبرى الاستراتيجية. وهناك العديد من المسائل ستتبلور في مستقبلها، بين واشنطن وموسكو بعد تسلم ترامب مهمته. هناك وقت ضائع يمتد نحو ثلاثة أشهر، لذا كل الأنظار متجهة الى السياسة التي ستعتمدها الادارة الجديدة في الولايات المتحدة، والوقت سيوضح تطورات الأمور.
وترى المصادر، انه من الممكن أن يشن الروس معارك أخرى، اذا وجدوا أن ذلك ضروري لمصالحهم. وهم لم يروا أن تدمر مهمة لهم استراتيجياً، فسمحوا ل"داعش" بالعودة إليها، واحتلالها من جديد. والموقف الروسي كان بمثابة رسالة الى العالم، حول أن الارهاب في سوريا بات أقوى، والوجود الروسي هناك بات أكثر من ضروري، من أجل محاربته. مع الإشارة الى أن تنظيم "داعش" دخل تدمر مكشوفاً وعلى بيّنة من الطيران الروسي الذي كان يمكن أن يدمّر القوافل قبل وصولها الى تدمر. إنها ورقة الارهاب التي تستعملها موسكو تجاه الغرب وأميركا. فكان أن احتل "داعش" مدينة كبيرة، وحيث جرى التنسيق مع الجيش النظامي الذي انسحب بسرعة من دون معارك.
هناك رغبة روسية بدعم النظام لتوسيع سيطرته على المناطق المحيطة بدمشق والتي هي قريبة من ادلب. اما في الرقة، فإن واشنطن عبر الأكراد و500 خبير أميركي في المنطقة، ستدير المعركة هناك.
هناك أمر واقع جديد، لم تعمل أي جهة على مقاومته. لكن الأكيد أن الوضع السوري متروك للإدارة الأميركية – الروسية المشتركة ما بعد اتضاح صورة السياسة الأميركية. الآن الكل سلّم بالدور الروسي الأساسي. لكن واشنطن لاحقاً لن تقوم بأي حل من دون تأمين مصالحها، فهل ستعمل على وضع حدود للسلوك الروسي، أم أن الأمر سيستمر كما هي الحال عليه الآن؟
من انعكاسات سقوط حلب أن اللاجئين السوريين الى الدول المضيفة لهم، سيبقون فيها، ولن يعودوا الى بلادهم ما دامت الأوضاع على ما هي عليه.