الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب السورية تبدأ عامها العاشر والمدنيون يدفعون الثمن الأكبر

الحرب السورية تبدأ عامها العاشر والمدنيون يدفعون الثمن الأكبر

17.03.2020
الشرق الاوسط


لندن - بيروت: "الشرق الأوسط"
الاثنين 16/3/2020
بدأت الحرب السورية عامها العاشر أمس الأحد، مخلّفة مأساة إنسانية هائلة ودماراً واسعاً، فيما لم تفلح كل الجهود الدولية المبذولة في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين.
حين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف مارس (آذار) 2011. لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديمقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع، سيتحول لحرب مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصاً مع صعود نفوذ التنظيمات الجهادية.
وبعد مرور تسع سنوات، ما زال الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة. وباتت قواته، التي تدخّلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015 وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على سبعين في المائة من مساحة البلاد، وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وآخر ما حققته تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.
وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، وخلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.
وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية بينما بات أكثر من 5.6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "يدفع المدنيون الثمن الأكبر" في سوريا حيث "لم يجلب عقد من القتال إلا الدمار والفوضى".
وفي مدينة الدانا في إدلب حيث تقيم حلا إبراهيم (35 عاماً) مع عائلتها بعد محطات نزوح عدة أعقبت فرارها من مسقط رأسها في مدينة حلب، إثر سيطرة قوات النظام عليها بالكامل نهاية عام 2016. تقول لوكالة الصحافة الفرنسية: "تسع سنوات من الثورة كانت كافية لإيضاح عمق الألم الذي مرّ بنا من تهجير قسري ونزوح وقصف وشهداء".
وتضيف وهي أم لأربعة أطفال وتعمل في متابعة ملف مفقودي الحرب "فقدنا كل شيء في لحظة واحدة". موضحة أن الحرب حرمتها الكثير: "تركت جامعتي وعملي ومنزلي الذي قصف ولا أعلم حتى اللحظة شيئا عنه".
وألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والأبنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.
وترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى "الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم (...) وخلق وظائف ومصادر دخل والحفاظ عليها". وأوردت في تقرير أخير، أن "الناس بحاجة إلى المساعدة للتعامل مع التداعيات النفسية والعقلية التي نجمت عما مروا به خلال سنوات الحرب". وفي مخيم للنازحين في ريف إدلب الشمالي، تقول سهام عبص (50 عاماً) للوكالة: "لم أر أصعب من هذه الأيام"، مضيفة بحسرة "لم أر ولديّ وهما في الغربة منذ عشر سنوات". وتسأل "لماذا فعلوا بنا هذا؟ (...) الثورة تعني أن نبقى في منازلنا لا أن نتشرّد"، مضيفة "الطيران فوقنا وروسيا وإيران والدول كلها علينا".
مع دخول الحرب عامها العاشر، تحوّلت سوريا ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة، فيما ذهبت هتافات صدحت بها حناجر مئات الآلاف من أبنائها المنادين بإسقاط النظام بدءاً من محافظة درعا جنوباً، أدراج الرياح. وتنشط في سوريا اليوم خمسة جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الصغيرة الموالية لهذه الجهة أو تلك. ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها الخاصة. فينتشر إيرانيون من قوات "الحرس الثوري" ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكرييها في مناطق سيطرة قوات النظام. وتنتشر في شمال شرقي البلاد قوات أميركية في مناطق سيطرة الأكراد، الذين أنشأوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة بعد شنّ تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم في أكتوبر (تشرين الأول).
ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم. وتسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة في سوريا. وتنشر قواتها في إدلب.
ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها بالقوة أو عن طريق المفاوضات، فيما فشلت جهود المجتمع الدولي في تسوية النزاع سياسيا. وقال الأمين العام للأمم المتحدة الخميس "لا يوجد حل عسكري. حان الوقت الآن لإعطاء الدبلوماسية فرصة للعمل".