الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجولة 13من محادثات أستانا: مشروع حل سياسي يتوافق مع مصالح الدول الثلاث بعد تقارب مصالحها

الجولة 13من محادثات أستانا: مشروع حل سياسي يتوافق مع مصالح الدول الثلاث بعد تقارب مصالحها

21.07.2019
هبة محمد


القدس العربي
السبت 20/7/2019
دمشق ـ "القدس العربي": لم يعلن أحد انتهاء فاعلية الاتفاقات الروسية – التركية حول خفض التصعيد، في ادلب شمال غربي سوريا، إلا ان الوضع في المنطقة بقي متأرجحا، حول الحلول الدموية، ما حوّل الأرض إلى مستنقع دماء، في انتظار التفاهمات العالقة في الميدان السياسي بين الفاعلين والمؤثرين الدوليين، لاسيما مع توافق المصالح بين الدول الثلاث، وفي الاثناء أعلنت وزارة الخارجية الكازخستانية استضافة مباحثات "أستانا 13" في العاصمة نور سلطان، في 1 و2 أغسطس/آب المقبل.
وسيشارك في المباحثات إلى جانب الدول الثلاث الضامنة روسيا وتركيا وإيران، ووفدا النظام والمعارضة السوريين، فيما اشارت وزارة خارجية كازاخستان الى مشاركة العراق ولبنان لأول مرة.
ويعتقد ان تأخذ الأمور بين ثلاثي أستانة، منحى إيجابي بعد التطورات الأخيرة، ووصول منظومة الصواريخ اس 400 الى تركيا، ووقف البرنامج المشترك بينها وبين الولايات المتحدة، اذ يعتبر ذلك خطوة مهمة بالنسبة لروسيا في تعزيز تقاربها مع تركيا، والذي من المفترض ان تظهر نتائج هذا التقارب في معارك ريف حماه الشمالي وادلب، فضلا عن الجانب الإيراني الذي هو بأمس الحاجة لشركاء استانا في مواجهة العقوبات الامريكية التي تخنقه تدريجيا.
وفي هذا الإطار يقول المعارض السوري سمير نشار لـ"القدس العربي"، ان تطور مهم جدا قد طرأ مؤخرا ويعكس تحولا بالتحالفات الدولية، وهو وصول منظومة الصواريخ الروسية الى الاراضي التركية، بعد رهان بقي الى الحظة الاخيرة حول تأجيل وصولها خشية انعكاساتها المتوقعة من قبل الولايات المتحدة تجاه تركيا.
إنجاز كبير
روسيا حققت انجازا كبيرا بتوريد تلك المنظومة المتطورة الى اهم حليف للولايات المتحدة والناتو في منطقة الشرق الأوسط، بحسب نشار، الذي اضاف أن "تركيا تملك جيشاً قوياً يعتبر الثاني بحلف الناتو بعد الولايات المتحدة، الان المعادلة التي كانت قائمة بدأت تتغير ببطء، الولايات المتحدة ألغت مشاركة تركيا في برنامج طائرات اف35، وهي الطائرة التي تعتبر الأكثر تطورا بالعالم، وألغت ايضا الصفقة المقررة سابقا وهي حوالي 130 طائرة الى تركيا".
وتحدث المعارض السوري عن التنافس المحموم بين الروس الذين سيحاولون تعزيز مواقعهم وعلاقاتهم مع تركي لمحاولة ابعادها عن العالم الغربي عموما والولايات المتحدة خصوصا، وبين أمريكا التي تحاول المحافظة على تحالفها مع تركيا للحاجة الماسة الى دورها بهذا التوقيت لمنع روسيا وايران والنظام السوري من الهيمنة على محافظة ادلب والإمساك بالورقة السورية بشكل شبه كامل، من خلال دعم الموقف التركي في معارك ريف حماه الشمالي وادلب، والامر الاخر الذي لا يقل أهمية هو الدور التركي في حصار ايران اقتصاديا لان تركيا هي الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد الإيراني.
وعلى ضوء ما تقدم، علينا مراقبة الانعكاسات عن هذا التحول والذي أظهر ارتباكا اميركيا واضحا في التعاطي مع تركيا بعد إصرارها في المضي بشراء منظومة الدفاع الجوي، رغم التحذيرات الامريكية المتكررة بفرض عقًوبات اقتصادية مدمرة. الإصرار التركي في تقدير المعارض السوري نشار، يعود الى شعور صانع القرار التركي انه متواجد في بيئة متحالفة لكنه غير مرحب به ولا توحي له هذه البيئة المتحالفة بالثقة به، لذلك اعتقد انه سيبدأ تدريجيا بالتحول نحو الشرق، وسيجد نفسه موضع تقدير فقده في تحالف مع الغرب عموما، خاصة ان هناك ألغاما آتية في علاقاته مع الاتحاد الأوربي الذي رفض انضمام تركيا اليه، والخلاف القادم حول التنقيب عن الغاز في شواطئ شرق المتوسط وتحديدا مقابل قبرص. استنتج خبراء ومراقبون، ان يفضي التقارب الهام بين ضامني استانا، الى إعطاء تركيا المزيد من الوقت لإعادة هيكلة هيئة تحرير الشام بعد التطورات الاخيرة التي جرت داخل التنظيم المنصف أمنيا، وايضاً العودة الى محاولات دمجها ضمن الجبهة الوطنية للتحرير، على ان تنتهي استانا بالذهاب الى حل سياسي استنادا على الوضع الراهن. ورجح نشار تجميد الوضع بشكل ملحوظ، وتبريد جبهات ريف حماه، في محاولة الإبقاء على الوضع الراهن، الا ان "اجتماع استانا مطلع الشهر القادم سيحاول إنجاز مشروع حل سياسي يتوافق مع مصالح الدول الثلاث التي تزداد تقارب مصالحها ليس في سوريا فقط، وانما على صعيد المنطقة في ظل المواجهة التي أصبحت قائمة بين الدول الثلاث والولايات المتحدة الامريكية". فروسيا قد حققت انجازا كبيرا كانت تشك بتحقيقه وهي تريد الان تعزيزه لان تركيا بالنسبة اليها اهم من سوريا على الصعيد الاستراتيجي.
وسيبحث المجتمعون، حسب وزارة الخارجية الكازخستانية، الأوضاع في سوريا وعلى رأسها المستجدات في إدلب وشمال شرقي سوريا، كما سيتخلل المباحثات اجتماعات ثنائية وثلاثية، على أن تعقد الجلسة الرئيسية في 2 أغسطس/آب.
كليشيهات مكررة
فيما يقول البعض إن المحادثات المقبلة، لن تخرج مقرراتها عن النصوص المكررة، في إطار مسار أستانة، والحديث عن الاجتماعات التقنية، وتشكيل اللجنة الدستورية، وملف إدلب ما يدوره في فلكه من تثبيت الاتفاق ومنع الخروقات، مرورا بزيادة الثقة بين أطراف القتال، الانتهاء عند تناول الأوضاع الإنسانية وعقدة اللاجئين، فضلا عن التطرق اليسير الى أعمال المجموعة المكلفة بإطلاق سراح المعتقلين.
كما يتوقع الحديث عن انتهاكات النظام السوري لحقوق المدنيين في المدن والبلدات التي يسيطر عليها، ويزج بآلاف الشباب من أبنائها ممن يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية في معارك الشمال التي يقتل فيها السوريون على ضفتي النظام والمعارضة، عند كل كر وفر.
ويشهد الميدان تواصلا في عمليات القصف والقتل، وهو ما أكده مدير الدفاع المدني السوري في ادلب مصطفى الحاج يوسف لـ"القدس العربي"، حيث قال ان حملة قصف عنيفة بالطائرات الحربية والمروحية التابعة لقوات النظام استهدفت منطقة خان شيخون يوم الجمعة، وسط مواصلة قصف المنطقة بالصواريخ الفراغية والعنقودية والبراميل المتفجرة بالإضافة الى قصف مدفعي و صاروخي.
وبلغ عدد الغارات التي استهدفت الأحياء السكنية لمدينة خان شيخون والطريق الدولي، حسب فريق الخوذ البيضاء، 26 غارة جوية بالصواريخ الفراغية شديدة الانفجار و غارتين بـ4 صواريخ تحمل قنابل عنقودية، فيما ألقت الطائرات المروحية 20 برميل متفجر ايضاً، بالإضافة الى قصف مدفعي و صاروخي من قبل حواجز قوات النظام.
وتسبب القصف بإصابة رجلين بجروح ودمار كبير جداً في منازل المدنيين والبنى التحتية للمدينة، حيث عملت فرق الدفاع المدني المتواجدة في المنطقة بعمليات البحث والإنقاذ في الأماكن المستهدفة وإسعاف المصابين.
إلى ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الانسان عن عدد الغارات ارتفع الجمعة الى 62 غارة نفذتها طائرات النظام مستهدفة مناطق في كل من أطراف معرة النعمان وخان شيخون وترملا جنوب إدلب، وكفرزيتا واللطامنة والزكاة وحصرايا شمال حماة، كما ارتفع عدد البراميل الى 35 برميلا ألقاها الطيران المروحي على مدينة خان شيخون، بينما وصل عدد الغارت إلى 29 غارة شنتها طائرات حربية روسية على مناطق في كل من محيط كفرسجنة والركايا ومعرزيتا ومعرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، ومحور ودوير الاكراد شمال غرب حماة، فضلا عن استهداف المنطقة بـ 585 قذيفة صاروخية ومدفعية، استهدفت قوات النظام كل من ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، بالإضافة لريف إدلب الجنوبي وجبال الساحل.
وشهدت الفترة ذاتها مقتل 962 عنصراً من المعارضة على الأقل جراء ضربات الروس والنظام الجوية والبرية وخلال اشتباكات معها، بينهم 606 من الجهاديين، بالإضافة إلى مقتل 904 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في استهدافات وقصف وتفجيرات واشتباكات مع المجموعات الجهادية والفصائل.