الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجولان بعد القدس !

الجولان بعد القدس !

31.05.2018
نبيل سالم


الخليج
الاربعاء 30/5/2018
لم يمض وقت طويل على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة ل"إسرائيل" حتى أطل علينا وزير المخابرات "الإسرائيلي" يسرائيل كاتس بمفاجأة أخرى أو قنبلة سياسية جديدة، تندرج في إطار الدعم اللامحدود الذي تقدّمه الإدارة الأمريكية ل"إسرائيل"، ولا تقل خطورة عن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدويلة الاحتلال، ففي تصريحات أدلى بها في الثالث والعشرين من مايو الجاري أي بعد بضعة أيام من قرار واشنطن المؤسف بشأن القدس قال كاتس: "إن "إسرائيل" تضغط على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاعتراف بسيادتها على هضبة الجولان المحتلة، وأنها تتوقّع موافقة الولايات المتحدة على ذلك خلال الشهور القادمة".
ووصف الوزير "الإسرائيلي" في مقابلة مع "رويترز"، الإقرار بسيطرة "إسرائيل" على الجولان والقائمة منذ 51 عاماً، باعتباره الاقتراح الذي "يتصدر جدول الأعمال" حالياً في المحادثات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وأنه سينظر إلى أي خطوة من هذا القبيل على أنها متابعة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي مع إيران واعتراف ترامب بالقدس عاصمة ل "إسرائيل" وفتح سفارة أمريكية جديدة بالمدينة.
ووصف كاتس، وهو عضو مجلس الوزراء الأمني المصغر بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المقترح الخاص بالجولان بأنه جزء محتمل من نهج لإدارة ترامب الحالية. مشيراً إلى أن هذه المسألة طرحها نتنياهو في أول اجتماع له في البيت الأبيض مع ترامب في فبراير/ شباط 2017، وأنها قيد النقاش حالياً على مستويات متعددة داخل الإدارة والكونجرس في الولايات المتحدة. ومرتفعات الجولان، وكما هو معلوم هضبة استراتيجية، تبلغ مساحتها حوالي 1200 كيلومتر مربع. واستولت "إسرائيل" عليها من سوريا في حرب عام 1967. ونقلت وأقامت عليها الكثير من المستوطنات اليهودية، ثم أعلنت ضمّها إليها في عام 1981، في إجراء لم يلق اعترافاً دولياً.
وعلى الرغم من أن هذه التصريحات "الإسرائيلية" ليست جديدة بشأن الجولان، إلا أنها تقدّم دليلاً آخر على مستوى الأطماع "الإسرائيلية"، وعدم جدية المؤسسة العسكرية الحاكمة في "إسرائيل" في أية تسوية سياسية مع سوريا، بشكل خاص والعرب عامة.
وإن ما أقدمت على قبوله في هذا الإطار هو اتفاقيات منفردة مع هذا الطرف العربي أو ذاك، لم ولن يغير شيئاً في العقلية التوسعية "لإسرائيل" ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمناطق تزعم أنها حيوية "لأمنها" كما تدعي، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة الأغوار الفلسطينية، أو سرقتها للمياه الجوفية الفلسطينية في الضفة الغربية. وتمسكها بالمستوطنات، في الضفة الغربية والجولان، وحتى فيما يتعلق بالحدود البحرية مع لبنان ومطامعها في آبار الغاز المكتشفة في المنطقة.
والحقيقة المؤسفة هنا هي أن "إسرائيل" تعتمد في سياستها مع العرب على مبدأ تفجير قنابلها تباعاً في وجوههم، بحيث تنسي كل قنبلة سابقتها وهلم جرا.
وتعتمد في ذلك على قناعتها بأن الفورة العربية، ضد هذا الموقف "الإسرائيلي" أو ذاك، سوف تهمد ولن يكون لها أي مفعول، وأنها كما يظن قادة المؤسسة العسكرية الحاكمة في "إسرائيل" أو يحلمون، سرعان ما تصبح بحكم الأمر الواقع، لاسيما مع غياب موقف عربي واحد وقوي يستطيع لجم سياساتها العدوانية، وغياب موقف دولي ضاغط يرغمها على القبول بقرارات الشرعية الدولية.
وأخيراً، لا بد من التأكيد أن سيرورة الصراع العربي "الإسرائيلي"، أثبتت أن مطامع "إسرائيل" لا تعرف حدوداً، وأنها تستخدم ورقة العجز العربي لإقناع حلفائها وداعميها من القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالمضي قدماً في سياسة الانحياز إليها في هذا الصراع الوجودي بينها وبين الشعب الفلسطيني المقاوم بشكل خاص والعرب عامة.
وعليه فإن لجم العدوان "الإسرائيلي" وفرملة سياسة التوسع "الإسرائيلية"، لا يمكن أن يتما ما لم يكن هناك موقف عربي جدي، وثابت ومستمر، لا تتوقف مفاعيله مع الزمن، فيحول قفزات "إسرائيل" التوسعية، كخطوات متتالية في طريق توسيع الهيمنة على المنطقة بأسرها، وهو حلم "إسرائيلي" قديم ومتجدد باستمرار.