الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التفكير في عودة العرب إلى سوريا واجهة مشرفة لقمة تونس

التفكير في عودة العرب إلى سوريا واجهة مشرفة لقمة تونس

01.04.2019
فاروق يوسف


العرب اللندنية
الاحد 31/3/2019
إذا كانت عودة سوريا إلى الجامعة العربية غير ممكنة في المرحلة الحالية لعدم التوافق العربي عليها، فإن الأولى بالقمة العربية أن تضع المسألة السورية في مقدمة الفقرات التي يجب أن تُناقش بطريقة مختلفة عن الطريقة التقليدية التي قادت سوريا إلى عزلتها كما أخرجت الدول العربية المهمة، مصر والسعودية من حلبة المتنافسين على الخوض في الأزمة السورية سياسيا والمساهمة في البحث عن حلول عادلة لها.
يوم عُلّقت عضوية سوريا في الجامعة العربية حكمت الدول العربية على نفسها بانقطاع الصلة بينها وبين الدولة السورية.
يومها كان من المؤكد أن مصر والسعودية تملكان من قنوات الاتصال بالحكومة السورية ما يؤهلهما للعب دور كبير يساهم في حل الأزمة عن طريق استعمال وسائل الضغط الناعمة على النظام، وليس من خلال ترهيبه. غير أن الدولتين للأسف لم تنتبها إلى خطورة الموقف وتركتا القرار للصغار.
وهو ما أضرّ بسوريا وما جعل عودة العرب إليها أمرا غاية في التعقيد.
بعيدا عن التهريج الإعلامي الذي يُراد منه تصفية حسابات جانبية تحت مظلة الدفاع عن حقوق الشعب السوري في إمكان القمة العربية أن تضع على الطاولة مصير الدولة السورية ومسؤولية العرب في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها سوريا. هل من الصواب أن يبقوا متفرجين بعد أن تم استبعادهم بطريقة لا تليق بهم في الوقت الذي تُستضاف فيه تركيا وإيران في مؤتمرات للبحث عن حل نهائي في سوريا؟
إذا كانت عودة سوريا إلى العرب غير ممكنة في المرحلة الحالية فإن التفكير في عودة العرب إلى سوريا سيكون واجهة مشرفة للقمة. من خلال تلك العودة سيتمكن العرب من كسر الحاجز الذي يقف بينهم وبين العالم الذي لا يثق بهم طرفا آمنا وواثقا من نفسه بالنسبة للأزمة السورية.
لقد آن الأوان لكي يستدرك العرب سوء الفهم الذي لحق بهم بسبب تصرف البعض القليل منهم. فسوريا التي هي واحدة من الدول المؤسسة للجامعة العربية، ليست نظامها السياسي الحاكم. لذلك فإن الاختلاف مع ذلك النظام ينبغي ألّا يكون له أثر على العلاقة مع سوريا الدولة والشعب معا. هناك دائما خيارات سياسية متاحة هي أكبر من الحلول المتشنجة التي تتسم بضيقها وقصر نظر من يتبناها.
ما حدث عام 2011 خطأ ينبغي ألّا يكون هو القاعدة. فعزلة سوريا لم تنعكس سلبا على حياة السوريين وحدهم بل أضرت بشكل أساس، لا بسمعة العالم العربي وحدها بل وأيضا بحيويته وقوته وامتداده الطبيعي وقدرته على الحركة.
ولنقلها بصراحة إن العرب عن طريق موقفهم السلبي حين تخليهم عن سوريا سلموها إلى إيران، هدية ثمينة ما كان لنظام الملالي أن يحلم بها. اليوم ينبغي أن تُعالج الأمور بطريقة مختلفة.
ليس المطلوب إعلان الصلح مع النظام. فذلك أمر لم يعد ذا قيمة بالنسبة للشعب السوري، إضافة إلى أن النظام نفسه سيشعر من خلاله بأنه انتصر على العرب الذين خذلوه في أوقاته العصيبة. غير أن الاعتراف بالخطأ كما يُقال فضيلة وهو ذو قيمة بالنسبة لمعنويات الشعب السوري.
المطلوب فعليا أن يستوعب العرب أهمية دورهم الخلاق في إعادة إعمار سوريا. وأن يقفوا موحدين عند خط الشروع في تعويض الشعب السوري عن الجزء المتيسّر من خساراته وهو الجزء المادي. أما الكارثة الإنسانية التي لحقت به فهي ما لا يمكن تعويضه.
العودة العربية إلى سوريا ستكون ممكنة عن طريق إعادة إعمارها. وهو ما ينبغي على القادة العرب أن ينظروا إليه انطلاقا من مصلحة الأمة العربية في أن تكون موجودة وبشكل رئيس وأساسي في سوريا.
وإذا كان النظام السياسي في سوريا قد انزلق إلى الحضن الإيراني لأسباب تتعلق بمصيره فإن شعب سوريا العربي لا يستحق أن يُترك نهبا لرغوة الوعود الإيرانية التي لن تهبه إلا الحسينيات والأضرحة والمدارس الدينية والميليشيات.
شعب سوريا العربي الأصيل ينظر إلى تونس بالعين التي يرى من خلالها مستقبله.