الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التسليم بتدخل روسيا في انتخاب ترامب ينسحب على قيادة تعددية ومكاسب لموسكو

التسليم بتدخل روسيا في انتخاب ترامب ينسحب على قيادة تعددية ومكاسب لموسكو

10.01.2017
روزانا بومنصف


النهار
الاثنين 9/1/2017
ثمة مراقبون يقدمون تفسيرات كثيرة لما يعتقد انه يجري من اعادة صياغة غير صارخة ومعلنة لاتفاق سايكس - بيكو الذي كان قسم قبل قرن دول المنطقة بين النفوذين البريطاني والفرنسي وذلك لجهة اعادة توزيع النفوذ بين روسيا ودول اقليمية كايران وتركيا بعد استبعاد اوروبا في شكل خاص وكلي على وقع محاولة هندسة حل للحرب السورية اضافة الى الاقتناع بأن التقارب الروسي مع تركيا لا ينفصل عن اعادة الصياغة هذه خصوصا ان الملاحق التي اتبعت بهذا الاتفاق لحظت حقوقا لروسيا للمرور في مضيق البوسفور تود روسيا المحافظة عليها بعد اقتراب مرور مئة عام على هذه الملاحق التي اتبعت بالاتفاق او ألحقت به . وذلك في الوقت الذي تسعى تركيا الى اللوذ بروسيا وصياغة اتفاقات تحمي مصالحها في ظل انعدام الثقة بان الولايات المتحدة يمكن الاعتماد عليها وانعدام اليقين بان السياسة الخارجية الاميركية ستكون اكثر انخراطا في المنطقة من سياسة الادارة التي تأفل بقيادة باراك اوباما . فما يجري في اميركا على صعيد عدم قدرة الرئيس الاميركي دونالد ترامب على ان يحوز ثقة الاميركيين او لجهة الاقرار بان فوزه كان جزءا من قرصنة روسية للانتخابات الاميركية في ظل اتكال مرتقب لترامب على روسيا وتعاونه معها لا يترك خيارات كبيرة سوى اعطاء دفع اكثر للدول في المنطقة في الاتجاه نحو روسيا او على الاقل عدم مناصبتها الخلاف والعداء حتى لو ان دول المنطقة لا ترتاح لما تعده روسيا من حلول لسوريا مثلا. فالاقرار بالتدخل الروسي في مسار الانتخابات الاميركية وتأثيرها المباشر في ترجيح كفة مرشح على مرشح آخر يساهم في تبرير آليات تدخل دول مؤثرة او مهيمنة في دول عدة في العالم تحت الذرائع او الاعتبارات نفسها وتبريرها ما دامت الولايات المتحدة قبلت بهذا الواقع واقرت به. فلن يجد رئيس النظام السوري بشار الاسد حرجا مثلا في ان يكون التدخل العسكري الروسي والايراني والميليشيوي في سوريا ضمن بقاءه في السلطة وسيبقون الى جانبه للمحافظة على استمرارية بقائه وضمانها او ان يتدخل هؤلاء ايضا لترجيح فرص بقائه في اي انتخابات مقبلة وكذلك الامر بالنسبة الى ايران مع الرئيس العراقي حيدر العبادي او سوى ذلك من الدول . وربما يهون اكثر على اللبنانيين دعم محور اقليمي لفريق سياسي او ما شابه ذلك. خلاصة هذه الوقائع بالنسبة الى هؤلاء المراقبين انفسهم هي ان الخشية من انتظار تنصيب الرئيس الاميركي المنتخب من اجل تبين سياسته الخارجية لم يعد مهما في ظل اتضاح الكثير من معالم ادارة جديدة ترسم المخاوف وعدم اليقين وتبرر او حتى تدفع في اتجاه تطبيع اكبر مع موسكو ما دام ذلك سيكون الاتجاه السائد من جانب الولايات المتحدة نفسها وادارتها الواضحة الرؤية في التعاون مع روسيا وعدم مناصبتها العداء او الخصومة . فما حصل خلال نهاية الاسبوع المنصرم من اقرار الرئيس الاميركي المنتخب بحصول قرصنة للانتخابات الاميركية ولو انه لم يقر بان ذلك يمكن ان يغير في نتيجة الانتخابات يعزز موقع الرئيس الروسي ولا يضعفه لا في داخل روسيا ولا خارجها بصرف النظر عن التحديات التي يواجهها هذا الاخير. يقول المراقبون انه فيما استطاعت روسيا ان تنتزع دورا محوريا لنفسها في الشرق الاوسط من خلال تدخلها العسكري في سوريا ونتيجة التراجع الاميركي في المنطقة فان ثمة مكاسب تحصدها من وقائع اخرى. فما جرى في الايام القليلة الماضية على صعيد تثمين قيادات دينية مسيحية ابان الاحتفال بعيد الميلاد لدى الارمن الارثوذكس ما اعتبرته انقاذا لحلب وللمسيحيين كما زيارة وفد نيابي فرنسي برر زيارته لحلب ثم انتقاله للقاء الاسد تحت هذا العنوان اي دعم المسيحيين انما يصب في خانة تسجيل النقاط لمصلحة روسيا ( كما يستفيد منها النظام ايضا الذي حظي طوال الحرب بمهادنة الرؤساء الروحيين المسيحيين في ظل المخاوف من تصاعد الاصولية الاسلامية) علما ان روسيا رفعت في مرحلة من المراحل عنوان المحافظة على الوجود المسيحي في المنطقة بصرف النظر عما اذا حصل ذلك في سوريا ام لا وما هي اعداد المسيحيين الذين لا يزالون في سوريا او هل سيعود من هاجر منها من هؤلاء بنوع خاص . ووقف النار في سوريا في حال نجاحه ولو على نحو غير كامل انما يمهد للانتقال الى مفاوضات سياسية بين النظام ومعارضيه وسيسجل ايضا لمصلحة روسيا . وقد ادى الفراغ الاميركي وعدم اليقين الذي يمكن ان تقود اليه الادارة الاميركية المقبلة الى مراجعة عدد من دول المنطقة حساباتها ومواقعها بناء على المعطيات الجديدة نظرا الى خيبة امل استباقية محتملة من جانب هذه الادارة ورئيسها او في ظل ثنائية ان لم يكن تعددية مرتقبة في قيادة العالم في ظل تخلي الولايات المتحدة طوعا عن قيادتها الاحادية له لا بل افساحها في المجال لان تتولى روسيا موقعا متقدما انطلاقا من المنطقة لا يتوقع ان تنجح فيه بمفردها بطبيعة الحال اي من دون الولايات المتحدة على غرار ما هي الحال في اضطرار واشنطن في كل المراحل السابقة للتعاون مع موسكو حتى لو كانت هي من تقود المبادرات. لكن اليوم انقلبت الادوار في ظل رغبة واشنطن للاكتفاء من الدور الذي قامت به خصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة ، ما يترك دولا او مناطق عدة ايضا مربكة وضائعة حتى اشعار آخر.