الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التفاوض مع الاحتلال بين آل الأسد وثوار الشام

التفاوض مع الاحتلال بين آل الأسد وثوار الشام

09.05.2017
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاثنين 8/5/2017
يروي لنا معتقلو سجن تدمر السيء الصيت والسمعة، أنه مع بداية عام 1984 لم يعد لديهم قناعة بالخروج من غيابت الجب السوري، إلا ببدء مفاوضات بين العصابة الأسدية المغتصبة للشام، وبين الاحتلال الإسرائيلي، بمعنى حوار بين الاحتلالين يتخلله لجوء واضطرار عصابة الاحتلال الداخلية بإرخاء القبضة الأمنية في الشام، وقد حصل هذا مع بدء المفاوضات بين المحتلين الاثنين عام 1994، يوم إطلاق مفاوضات مدريد، ونزوع الاحتلال الأسدي الداخلي للإفراج عن المئات من معتقلي سجن تدمر..
مناسبة الحديث اليوم، أن ثوار الشام في الوقت الذي يذهبون فيه للتفاوض مع المحتل الروسي والإيراني ودميتهما المحتل الداخلي وهو العصابة الطائفية الأسدية في الأستانة، لم يتحلوا حتى بأخلاقية العصابة المحتلة التي يقاتلونها، ولم يدعوا أملاً للشعب السوري كما كان الأمل لمعتقلي تدمر بأن يكفوا عن إيذاء بعضهم بعضاً وقتل وسحل بعضهم بعضاً، فراح البعض يتوعد ويهدد ويزبد وكأن هذا الفصيل أو ذاك هو من اغتصب حرائر الشام، وأتى بالمصور قيصر ليصور عشرات الآلاف من ضحايا الهولوكست الطائفي المجرم في الشام، وكأن هذا الفصيل أو ذاك هو من دمر الشام واستخدم الكيماوي والصواريخ البالستية والطيران لدك مدنها الآمنة..
وحين كان الاحتلال الداخلي للشام والممثل بالعصابة الطائفية يفاوض الاحتلال الصهيوني كانت بعض الشخصيات الوطنية السورية المعارضة تدفع بالسؤال المنطقي يومها، لماذا يفاوض المحتل الصهيوني ولا يفاوض معارضيه وشعبه، لكن الحول السياسي والفكري يومها في أوجه ولا يزال، فهذه العصابة مستعدة أن تمشي إلى أقصى الأرض في تدمير كل مقدرات الأمة، وليس الشعب الشامي، لأنها لم تقتنع يوماً أنها جزء من هذه الأمة، والدليل هو جلبها لكل حثالات الأرض لسحق انتفاضة الشعب وتدمير ليس الشام فقط، وإنما كل من يقف في وجهها، وربما كل من لا يقف معها في سحق وقتل معارضيها...
الأستانة ومن قبلها جنيف وغيرها من أماكن التآمر والكيد للثورة الشامية لا تعني الشاميين شيئاً، كل ما يعنيهم هو أن ما تبقى من خبث في هذه الثورة الشامية العظيمة سيتم نفثه، ولن يبقى فيها، وإلا فهل قاتل السوريون وقدموا كل هذه التضحيات من أجل التفاوض مع الروسي والإيراني مع شرعنة قتل الثائرين الآخرين، وتصفية الفصائل الأخرى مهما كانت هويتها ما دامت ثورية، وهل قدم الشاميون كل هذه التضحيات من أجل مناطق يتم فيها تخفيف الصراع، بمعنى إن كنت تضرب بالأمس بمائة صاروخ فاليوم بخمسة وسبعين أو أكثر أو أقل...
ما تحتاجه ثورة الشام العظيمة شخصية إسلامية وطنية حقيقية تتعالى فوق الفصائل والتحزبات وتعمل للشام وثورتها، ولا تخشى غرباً أو شرقاً، وترفض نزع كل أسلحة تكتيكية أو استراتيجية للثورة، مهما كانت المغريات والمرهبات، ما تحتاجه ثورة الشام العظيمة نخب تنذر نفسها لهذا الشعب، ولا تصطف مع فصيل أو آخر، ولا تجتر ما يلوكه الغرب والشرق عن ثورتنا وعن فصائلنا، ما نحتاجه وقفة حقيقية نعرف العدو من الصديق، وندرك معه أن ما يعدنا به الغرب والشرق إنما هو وعد الشيطان، وما يعدهم الشيطان إلا غروراً..;