الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الانسحاب الأمريكي.. الرابحون والخاسرون

الانسحاب الأمريكي.. الرابحون والخاسرون

27.12.2018
خوان كول


الخليج
الاربعاء 26/12/2018
هز الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، العالم السياسي في واشنطن، وكذلك الشرق الأوسط، وحتى السياسات العالمية، بإعلانه فجأة يوم 19 ديسمبر/‏كانون الأول عن انسحاب "فوري وكامل" للقوات العسكرية الأمريكية من شمال شرق سوريا.
من الصعب دائماً سبر أغوار دوافع الرئيس ترامب لما يقرر ،ويفعل. والدافع وراء قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا قد يكون استرضاء قاعدته الشعبية التي هزتها نجاحات الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب في 6 نوفمبر/‏تشرين الثاني.
ولا بد أيضاً من تذكّر أن ترامب وعد خلال حملة انتخاباته الرئاسية في 2016 ب" إعطاء سوريا الى بوتين" إذا كان باستطاعة الرئيس الروسي إنزال الهزيمة بتنظيم "داعش".
وهناك عامل مهم آخر، هو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أخذ يهدد في الآونة الأخيرة باجتياح عسكري لمناطق في سوريا، بما فيها مدينة منبج التي انتزعتها القوات الأمريكية والكردية من "داعش". ويعتبر أردوغان مناطق غرب الفرات في سوريا منطقة أمنية تركية. والقوات الأمريكية المنتشرة في سوريا تتمركز في مناطق الأكراد، وتقوم بدوريات منتظمة في منبج، الأمر الذي يثير إمكانية اصطدام عسكري بين الولايات المتحدة وتركيا - الحليفتان في حلف الأطلسي.
كما أن تركيا كانت تهدد بشراء أنظمة دفاع جوي من روسيا بدلاً من شراء صواريخ "باتريوت" الأمريكية، الأمر الذي أغضب واشنطن. ومما له دلالته هو أنه فور إعلان ترامب عن سحب القوات الأمريكية من سوريا، قررت تركيا شراء صواريخ "باتريوت" التي ستكلفها مليارات الدولارات.
ومن الممكن أن الرئيس ترامب قرر أنه لا ضرورة لتصعيد مع تركيا. ومن الممكن أيضاً أن يكون الرئيس أردوغان عرض على واشنطن مقايضة تقضي بأن تشتري تركيا الصواريخ الأمريكية، مقابل موافقة الولايات المتحدة على إعطاء تركيا حرية التحرك ضد الأكراد في سوريا.
إذاً، من هم الخاسرون من قرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا؟
1 - "إسرائيل" تعتبر خاسرة. فهي كانت تأمل في أن يكون الوجود العسكري الأمريكي في سوريا حاجزاً أمام نفوذ إيران في هذا البلد (وهذا على كل حال لم يكن أبداً أملاً واقعياً). وتبقى "إسرائيل" قادرة على توجيه ضربات عسكرية مباشرة لقوات "حزب الله" المتواجدة في سوريا، ولكنها سوف تواجه في وقت قريب بطاريات صواريخ مضادة للطائرات.
2 - الأكراد سوف يصبحون طبعاً في وضع خطر نتيجة للانسحاب الأمريكي، حيث سيكونون وحدهم في مواجهة تركيا.
3 - العراق يمكن أن يكون هو أيضاً خاسراً. إذ إن الحكومة العراقية تشعر الآن بقلق من عودة بروز "داعش" في شرق سوريا، وبعض مناطق العراق.
وإذا كان هناك خاسرون من الانسحاب الأمريكي، فإن هناك أيضاً رابحون:
1 - تركيا رابح كبير، لأنها ستصبح الآن طليقة اليدين لشن هجمات عسكرية على القوات الكردية في سوريا.
2 - إيران أيضاً يمكن أن تكون رابحة. إذ إن الصقور المتشددين ضد إيران في الإدارة الأمريكية كانوا يريدون أن تكون القوات الأمريكية في سوريا حاجزاً أمام إيران والميليشيات الموالية لها في سوريا. أما الآن، فمن الممكن أن تعزز الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق قوتها ونفوذها نتيجة للانسحاب الأمريكي.
3 - روسيا هي رابح كبير. فهي تسعى إلى أن تكون سوريا كلها دائرة نفوذ لها، ولهذا هي تدعم النظام السوري لكي يستعيد سيطرته على جميع مناطق البلاد. علاوة على ذلك، تريد روسيا إظهار أنها قوة كبرى، وأنها قادرة على أن تصبح لاعباً رئيسياً فاعلاً في الشرق الأوسط.
4 - بطبيعة الحال، يعتبر رئيس النظام السوري بشار الأسد رابحاً كبيراً. وفي الوقت الراهن، يمكن أن يستغل الأسد وضع الأكراد الخطر بمواجهة تركيا لكي يقيم نوعاً من التحالف معهم.
نتيجة لكل العوامل الآنفة الذكر، أصبح من الممكن الآن أن يلعب النظام السوري، بدعم من روسيا، دوراً أكبر في القضاء على بقايا تنظيم "داعش"، وأن يعيد تأكيد سيطرته على جميع مناطق سوريا.