الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الانتخابات الأميركية والسيناريوات المقلقة 

الانتخابات الأميركية والسيناريوات المقلقة 

01.11.2020
هشام ملحم


واشنطن
 النهار العربي 
السبت 31/10/2020 
انتقلت معركة الرئاسة الأميركية، قبل أربعة أيام من موعد الانتخابات الى ولايات الوسط الغربي في البلاد، مع وصول عدد المصابين بفيروس كورونا الى90647 يوم الجمعة الماضي، وهو رقم قياسي عكس حالة التخبط التي يعاني منها بعض الولايات في مكافحة الجائحة، حيث تعتبرها أكثرية من الأميركيين القضية الطاغية على الانتخابات. وساهم الخوف من الجائحة في رفع عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم مباشرة أم عبر البريد، الى أكثر من 83 مليون نسمة وهو رقم قياسي لم يكن متوقعاً قبل جائحة كورونا. ويوم الجمعة زار كل من الرئيس دونالد ترامب ومنافسِه جوزف بايدن ولايات مينيسوتا وويسكونسن وميتشغان وآيوا، بينما زار نائب الرئيس مايك بنس ولاية أريزونا الغربية، في اليوم الذي قامت فيه المرشحة الديموقراطية لمنصب نائب الرئيس السيناتور كامالا هاريس بزيارة ولاية تكساس الجنوبية المهمة، والتي تعتبر تقليدياً في المعسكر الجمهوري، وإن بدأت بالاقتراب أكثر من المعسكر الديموقراطي في السنوات الأخيرة. 
وبينما يواصل الرئيس ترامب تجاهل الجائحة، أو الاستخفاف بها او القول للناخبين إن اللقاح سوف يتوفر خلال أسابيع، وهو إدّعاء غير صحيح، يركز المرشح بايدن انتقاداته على إخفاق ترامب في معالجة الجائحة، كما يحمله مسؤولية الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الأميركي وتحديداً قطاع الزراعة الحيوي لولايات الوسط الغربي للبلاد بسبب اجراءات الحماية التي فرضها على التجارة مع الصين. 
 وسوف يشارك المرشح بايدن والرئيس السابق باراك أوباما، اليوم (السبت)، في مهرجان انتخابي مشترك في مدينة ديترويت في ولاية ميتشغان. وتركز حملة بايدن على جذب تلك الفئة من الناخبين الديموقراطيين الذين صوتوا لأوباما وبايدن في 2008 و2012، ولكنهم تخلفوا عن التصويت لهيلاري كلينتون بالنسب العالية نفسها في 2016، ما ساهم في خسارتها الانتخابات. وأعلنت حملة الرئيس ترامب انه سيشارك يومي غدٍ الاحد والاثنين بعشرة مهرجانات انتخابية، سوف ينهيها في ولاية ميتشغان التي فاز بها في الانتخابات السابقة، والتي يجد نفسه فيها متخلفاً هذه المرة. 
ويلتقي المحللون على القول إن السباق الرئاسي سوف تحسمه ولايات الوسط الغربي للبلاد، إضافة الى بنسلفانيا وفلوريدا وأريزونا. استطلاعات الرأي في هذه الولايات تضع بايدن في المركز المتفوق، وإن كانت نسب تقدمه تتراوح بين ولاية وأخرى وأحياناً لا تزيد على 4 نقاط، ما يعني انها تبقى في هامش الخطأ. 
 ومع اقتراب الموعد النهائي للانتخابات يوم الثلثاء المقبل، يواصل الرئيس ترامب الدعوة لإعلان الفائز بالانتخابات مساء الثلثاء، في إشارة الى الاعتماد على فرز أصوات الناخبين الذين صوتوا مباشرة وليس بالبريد، كما يستمر في رفضه الالتزام مسبقاً بقبول نتائج الانتخابات، الا اذا كانت لصالحه. مواقف ترامب هذه خصوصاً تشكيكه بنزاهة وصدقية الاقتراع بالبريد، على الرغم من وجود تقاليد قديمة تسمح بالاقتراع بالبريد تعود الى مشاركة الجنود الفدراليين في الانتخابات التي جددت للرئيس أبراهام لينكولن في عام 1864، خلال الحرب الأهلية، يمكن أن تخلق تعقيدات تساهم بزج البلاد في أزمة دستورية. 
وتتركز مخاوف الديموقراطيين والمحللين على احتمال فوز بايدن ولكن بنسبة ضئيلة في المجمع الانتخابي (المرشح الذي يحظى بتأييد 270 عضواً يفوز بالرئاسة) وأن لا يكون فوزه بالاقتراع الشعبي كبيراً للغاية. ويرى هؤلاء أن ترامب عندها سيلجأ في ليلة الانتخابات الى الطعن بالنتائج في بعض الولايات المتأرجحة، خصوصاً تلك التي يحكمها حكام جمهوريون، للضغط عليهم لتعيين مندوبين جمهوريين للمجمع الانتخابي. 
 وحتى قبل الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، نشرت كل من حملتي بايدن وترامب آلاف المحامين في مختلف الولايات، أولاً لدراسة قوانينها الانتخابية، والتحضير لأي طعون وأي مرافعات. وهناك تخوف من سيناريوات مختلفة إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأكثرية المطلوبة في المجمع الانتخابي – في حال بروز طعون انتخابية تمنع الفرز النهائي للأصوات في أكثر من ولاية – ما يعني رفع الخلاف الانتخابي الى مجلسي الكونغرس للبت به، الأمر الذي يمكن أن يزيد من احتمال بروز أزمة دستورية نظراً لانقسام مجلسي الكونغرس بين الحزبين. مثل هذه الخلافات والأزمات حدثت مرات قليلة في القرن التاسع عشر، قبل أن يحسمها الكونغرس، وكان من المحتمل ان تحدث في عام الفين حين اقتربت ولاية فلوريدا من ارسال لائحة بمندوبين جمهوريين الى الكونغرس، استباقاً لنتائج آخر فرز للأصوات، الامر الذي عجل في تدخل المحكمة العليا والتصديق على انتخاب الرئيس جورج بوش الابن، بأكثرية أصوات المجمع الانتخابي، على الرغم من أن منافسه الديموقراطي آل غور حصل على أكثرية بسيطة في الاقتراع الشعبي. 
لكل هذه الأسباب تأمل حملة بايدن، وقادة الحزب الديموقراطي في أن يفوز مرشحهم بهامش كبير في أصوات المجمع الانتخابي (أكثر من 300 صوت) وبأغلبية كبيرة في الاقتراع الشعبي، لإرغام الرئيس ترامب على التفكير طويلاً قبل التشكيك او الطعن بنتائج الانتخابات. 
 هناك أيضاً مخاوف من حدوث أعمال عنف وترهيب في بعض الولايات غير المحسومة مسبقاً لأي مرشح، خصوصاً بعد أن حض ترامب أنصاره على الانتشار في مراكز الاقتراع لمراقبة عملية الانتخابات، ولأن بعض أنصار ترامب يعتزمون ذلك وهم يحملون أسلحتهم النارية، كما هو متوقع في ولاية ميتشغان. هذه المخاوف سوف تكون جاثمة بظلالها الثقيلة على الحملتين بدءاً من مساء الثلثاء خصوصاً إذا لم يتم الإعلان عن الفائز في بعض الولايات المهمة مثل فلوريدا وبنسلفانيا الا بعد أيام من نهاية عملية التصويت. هل سيدعو ترامب أنصاره للتظاهر في الشوارع، وأمام مقرات حكام الولايات التي يسيطر عليها الديموقراطيون؟ هي احتمالات حدوث أعمال عنف! وما الذي يمكن أن يقوم به الرئيس ترامب خلال تلك الأيام المتوترة التي تسبق الإعلان عن النتائج النهائية، لأن معظم المحللين يتوقعون أن لا تعرف النتائج النهائية مساء الثلثاء او صباح الأربعاء المقبل.  
 هذه السيناريوات غير مرجحة جداً وقطعاً ليست حتمية. ولكن في سنة انتخابية غير طبيعية، وبوجود رئيس في البيت الأبيض يكرر الادعاء بأن نتائج الانتخابات لن تكون نزيهة، وعلى خلفية جائحة تاريخية قضت على أكثر من ربع مليون أميركي، وهزت دعائم الاقتصاد، وفي أعقاب توترات عنصرية أدت الى أعمال شغب وعنف في بعض المدن الأميركية... كل شيء ممكن، وكل سيناريو محتمل.