الرئيسة \  مشاركات  \  الاستطاعة : بين السياسة والأخلاق ، ومدارك البشر!

الاستطاعة : بين السياسة والأخلاق ، ومدارك البشر!

09.07.2018
عبدالله عيسى السلامة




مَن قدّم ، لك ، الكثير ممّا يستطيعه ، إذا طالبتَه بما لا يستطيع ، فقد تخسر مايستطيع ، ولا تكسب ما لا يستطيع !
إنها ظاهرة عامّة ، نراها ، عند الأطفال ، وعند أغبياء الناس ، وعند الجهلة والحمقى : حقّق لي كلّ ما أريد ؛ وإلاّ فأنت : عاجز، أو مقصّر، أو لاتحبّني ، أو لاتريد لي الخير..!
وهي في السياسة ، كما هي في الاجتماع : في الحياة الأسرية ، بين الزوجة وزوجها ، وبين الطفل وأمّه وأبيه !
وما يهمّنا منها ، هنا ، هو ماله صلة بالسياسة والسياسيين ، والحكّام والمحكومين !
مبدأ عمرو بن مَعديكرِب الزُبَيدي :
إذا لم تستطعْ شيئاً ، فدَعهُ  =  وجاوزْه ، إلى ماتستطيعُ
مرفوض ، عند الكثيرين ، من : الجهَلة ، والسذّج ، والأغبياء ، والحمقى ! فهؤلاء : بين أن تعطيني كلّ شيء ، وتحقق لي كلّ ما أريد .. أو: فأنت مقصّر معي ، أو عاجز، أو فاشل ، أو (ربّما) متآمر ضدّي .. (لاسيّما إذا تعلّق الأمر بالسياسة)!
أردوغان : قدّم ، لشعب سورية ، مالم يقدّمه أحد في العالم ، حاكماً كان ، أم غير حاكم ، في حدود طاقته ، وإمكانات دولته :اقتصادياً ، وسياسياً ، واجتماعياً ، وإغاثياً ، وتعليمياً ، وصحّياً!
وهو، في كلّ ذلك ، بين نوعين ، من السهام ، هما :
سهامُ السذّج ، من أبناء الشعب السوري المنكوب ، الذين يَحصرون اهتمامهم، بأمورهم الخاصّة، في مدنهم وقراهم ؛ فيرون مدينة ما ، تقصَف ، من قبل الروس والنصيرية والفرس.. ويتساءلون: أين أردوغان ، من هذا !؟ يبدو أنه تآمر علينا ، مع الروس ، لتمرير الصفقة الفلانية : لقد سلّمهم حلب ، مقابل أن يعطوه الباب ، وسلّمهم الغوطة ، لقاء عفرين ، وسلمهم درعا لقاء منبج.. وإلاّ؛ فلمَ لمْ يُسعف حلب والغوطة ودرعا ، و .. وترك المجرمين ، يقصفون هذه المدن ، ويحتلّونها ، ويهجّرون أهلها !؟ هو مهتمّ ، بمصالح حزبه ودولته ، على حساب بلادنا وشعبنا !
وسهامُ العدوّ، المتعدّد الوجوه : داخلياً ، وخارجياً ..
داخلياً :  انظروا إلى أردوغان ، أيّها الأتراك ؛ لقد جلب إليكم السوريين ، ليشاركوكم ، في طعامكم وشرابكم ، ودوائكم وهوائكم ..!
خارجياً ، من قبل الحلف الأسدي الفارسي : أردوغان يتدخّل ، في سورية ، يريد احتلال بعض مناطقها ، وإعادة السلطنة العثمانية ، إليها .. وهكذا ..!
وأردوغان يمشي ، بين حقول الألغام ، يتعرّض أمن بلاده ، للخطر، بسبب العصابات الإرهابية، في  الداخل والخارج ، بحجج شتّى ، منها : احتضان السوريين البائسين !
وربّما غفل المتحمّسون ، أو المتذمّرون ، أو المتشنّجون ، من المخلصين لبلادهم ، عن وجود القوى العظمى ، دولياً ، في الساحة السورية ، بكلّ مالديها من مصالح ، ومطامع ، وقدرات.. وعن وجود بعض القوى العظمى ، إقليمياً ، مثل : إيران ، وإسرائيل !
وربّما غفلوا ، أو تغافلوا ، عن أن أردوغان ، محارَب من قبل هذه القوى ، كلها ، وأنه يلعب معها ، لعبة القوى والمصالح : يحالف طرفاً منها ، في مواجهة طرف آخر، ويمرّر أهدافاً مرحلية ، ليكسب زمناً، أو موقعاً ، يعطيه فرصة ، لكسب المزيد ، من الزمن، أو المواقع ! ولو استطاع ، أن يحارب العالم ، ويضمن النصر، لَما تردّد ، لمصلحة بلاده ، خارجياً وداخلياً.. والشأنُ السوري الخارجي ، بسائر تعقيداته ، صار جزءاً ، من السياسة التركية الداخلية !
وبالطبع ؛ يغفل المتحمّسون ، والمتشنّجون (المخلصون!) عن واقع شعبهم ، في الساحة السورية، وما فيه ، من شرذمة وتمزّق ، في العمل السياسي ، والعسكري ، والاجتماعي .. لأنهم لايملكون وقتاً ، يهدرونه ، في التفكير، بهذا ؛ فهم مشغولون ، بما لمْ يقدّمه ، لهم أردوغان ، ممّا لا يستطيعه ، أو ممّا يراه هدفاً ، لمرحلة ثانية ، أو ثالثة ، لعمله السياسي والعسكري !
ولله في خلقه شؤون !