الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الائتلاف السوري: حلقة مفرغة من غير طحين!

الائتلاف السوري: حلقة مفرغة من غير طحين!

07.07.2019
إياد السمان



القدس العربي
السبت 6/7/2019
لم يكن مفاجئاً خبر عودة أنس العبدة لرئاسة الائتلاف السوري المعارض. بل في الحقيقة، المفاجئ هو الائتلاف نفسه، وجود الائتلاف المتساوي مع عدم وجوده يبقى المفاجأة، وبمفاجأة القائمة على المداورة في رئاسة لكن في الحقيقة وبالعودة إلى حال سؤال بديهي جداً: ماذا يفعل الائتلاف الآن وما هو موقع الائتلاف في كل ما يحدث حول الوضع العام في سوريا؟
سراديب الغرف المغلقة
بعيداً عن الدخول في خضم سراديب الغرف المغلقة داخل الائتلاف الوطني أو مكوناته سواء الحزبية أو الجماعاتية أو حتى الفردية. بالنسبة لأي سوري عانى بشكل أو بآخر من تبعات الحال السورية يعتقد شبه جازم بنتيجة وحيدة –ربما – وهي فشل الائتلاف وما انبثقت عنه من لجان وهيئات وتوسعات وترقيعات في تمثيل ليس فقط طموحات السوريين، بل في تمثيل السوريين أنفسهم.
بتقليب الزوايا وبنظرة سورية محضة مجردة من أي انتماء لآخر ضمن ايديولوجيات أكثر ضيقاً، نرى أنه و منذ تأسيسيه في العام 2013، كوريث تمثيلي للكيان الأكبر أو الأبرز آنذاك (المجلس الوطني)، لم ينجح الائتلاف بنزع صورة قاتمة عن حال المعارضة، والتي كانت مثقلة بديون الفشل التي ارتكبتها منذ بداية الثورة السورية في العام 2011. منذ تولي "معاذ الخطيب" كشخصية توافقية ليستقيل بعد فترة ليست بطويلة، دخل الائتلاف بمتاهات السياسة التي كان غضاً وقليل خبرة أمام مصالحها، بالإضافة إلى الخلافات والنزاعات الداخلية التي كتبت نهايته قبل حتى أن يكمل سنته الأولى. لم ينتظر السوريون من الائتلاف متعة ممارسة الديمقراطية في تنصيب رئيس له، والتي كانت بطبيعة الأحوال واجهة ديمقراطية تخفي توافقات من يشكلون جسم الائتلاف من كتل معارضة مختلفة.
أساس تشكيل الائتلاف
هذا المشهد لم يعد فقط مشاهد الوزارات في نظام الأسد، والتي لم يكن السوري يعلم حتى بأسماء الوزراء لدرايته بانعدام فعالية هذه المؤسسات ولكونها واجهات ليست إلا. بل أصبحت المؤسسات المعارضة عبئناً ومثالاً لحالة الإحباط واللاجدوى التي يمر بها السوريون منذ سنين. فأساس تشكيل الائتلاف كان الكتلة التوافقية، لتخرج منصات القاهرة والرياض والدوحة، وهيئة التفاوض واللجان الدستورية كأجسام مترهلة على أكتاف السوريين ليفشل الائتلاف في أن يحقق الهدف الذي قام لأجله، وتتحول تلك الأجسام لأعباء على كاهل السوريين المثقلين أصلاً من كل ما جرى.
بدلاً من محاولة تشذيب المعارضة والعمل على رؤية شبه واحدة إن لم نقل واحدة تجاه سوريا، غرق الائتلاف وأعضاؤه ورؤساؤه في محاولات الإرضاء الخارجية، ووقع فريسة التوسعات والرغبات المتراكمة فيه توسعة واستبعاد و استقالات أعضاء وانتداب آخرين، بينما بقيت فئة محافظة على مكانتها الائتلافية كالعبدة ليُعاد انتخابه على رأس الائتلاف مرة أخرى.
ليست مشكلة الائتلاف في رئاسته كما هي لم تكن مشكلة المجلس الوطني قبله. اساساً هي مشكلة العقلية في كل تلك الأجسام التي لا تعدو كونها استنساخاً عن غرف حزبية رثة انتفض السوريون يوماً عليها، ليعاد بناؤها على جثثهم تحت مسميات معارضة والمتاهات الادارية نفسها والمحاصصات.
ليست مشكلة الائتلاف وغيره، فيمن يرأسه، بل مشكلتهم كانت دائماً ومازالت هي تلك العلاقة ما بين تلك الأجسام ومفهوم الوطنية التي ستبنى عليها علاقتهم مع السوريين. في الرؤية التي ستقوم عليها رؤية جامعة تجمع شتات هذا الشعب وتخفف مستوى التشرذم والتشظي الذي يعاني منها ومازالت تكبر. لم تكن مشكلة الائتلاف وغيره في هيئاته أو مكاتبه التنفيذية، بل مشكلتهم كانت دائماً في تعريف أنفسهم كأجسام سورية وفقط من دون أي اضافات ايدلوجية أخرى تزيد من أوجاع هذا الشعب الذي لا يحتاج مناسبة أخرى للألم.
طرف معارض
يعود السؤال الأهم، ماذا يفعل الائتلاف كطرف معارض؟ ومن ثم ماذا تفعل تلك التشكيلات المتوالدة كهيئة التفاوض أو اللجان المنبثقة عن المنصات المعارضة المتوالدة من أرحام بعضها البعض.
هل يستطيع الائتلاف أو أحد مكوناته أن يضع السوريين في ضوء المفاوضات، أليس من حق، بل من أبسط تلك الحقوق أن يكون السوريون على معرفة بمآلات الحال في بلدهم الممزق أصلاًـ إن لم يستطيعوا أن يملكوا خيارهم، فأقل الإيمان أن يكونوا على دراية بما يدور في أروقة المجالس التي تُعقد باسمهم وذلك قبل ولادة كيان جديد، ولجان جديدة. ويبقى الائتلاف هو الائتلاف، جسدٌ ميتٌ، لا يتغير فيه سوى الكفن.
كاتب سوري