الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإرهاب والعنف بين هيئة تحرير الشام وغلاة الكرد

الإرهاب والعنف بين هيئة تحرير الشام وغلاة الكرد

02.05.2017
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاثنين 1/5/2017
خلال ست سنوات من الثورة الشامية، غيرت وبدلت جبهة النصرة اسمها مرتين إلى فتح الشام، ثم إلى هيئة تحرير الشام، وتخلت عن مرجعيتها الفكرية، وهي تنظيم القاعدة، بينما انغمس واندمج حزب اتحاد العمال الكردستاني بقيادته وجنوده في حزب الاتحاد الديمقراطي، ووحدات الحماية الشعبية الكردية، وأطلقوا على أنفسهم حزب الاتحاد الديمقراطي، وعلى الفور حصلوا على صك غفران وعفو وسلامة من المجتمع الدولي، بالتعاون والتنسيق معهم، بل والتخلي عن حليف تقليدي دولي ضخم بحجم تركيا التي يشكل جيشها ثاني أكبر جيش للأطلسي.
وللتوضيح أكثر فإن حزب العمال الكردستاني قتل من الأتراك على مدى عقود أكثر من خمسين ألف مدني، واعترف به دولياً على أنه حزب إرهابي، ولكن حين جدّ الجدّ ابتلع الغرب والشرق كل هذه التوصيفات والنعوت، وتعاملوا مع حزب العمال الكردستاني بنسخته الجديدة ضد مصالح الأتراك، ورأينا كيف شكل الشرق ممثلاً بروسيا قوات فصل وعزل بينه وبين الجيش التركي في منبج والباب، وشكل الغرب ممثلاً في أميركا أخيراً قوات فصل بينه وبين القوات التركية في الدرباسية، لحمايته وصونه من أي هجوم تركي...
إلى كل من لا يزال يلوك ما يلوكه الغرب والشرق تهمة الإرهاب لهذا الفصيل أو ذاك الفصيل الثوري، محملاً مسؤولية تراجع الثورة وعدم الحصول على الدعم الدولي بسبب هذه التهمة التي يرفعها المجتمع الدولي الأخرق، نذكره بعدة وقائع لمن ذاكرته مثقوبة أو يصر على ثقبها..
1 - أين كان المجتمع الدولي الذي يتباكى عليه حين تم تأسيس المجلس الوطني السوري ومعه الجيش الحر، ولم يكن يومها هناك فصيل واحد منتم للقاعدة أو غيرها، وكان الشعب السوري يهتف واحد واحد واحد الشعب السوري واحد، وكان على رأس المجلس الوطني مسيحي وعلماني وووو؟ ومع هذا لم يقبل المجتمع الدولي بهذا التجمع، حتى وسعه على حد تعبيره ليمزقه ويشتته ويتذرع بالذرائع التي خلقها بنفسه، وهي أن المعارضة ممزقة ومشتتة ولا بد من توحيدها، وهو الذي سهر الليالي والأيام على تمزيقها وتشتيتها..
2 - أين كان المجتمع الدولي يوم تم تهجير أهل حمص والقصير والمناطق المحاذية لدمشق على مدى سنوات، ولم يكن في هذه المناطق قاعدة ولا جبهة النصرة، وتحديداً منطقة داريا المشهود لها بأن مقاتليها محليون، ولا ارتباطات خارجية لهم، ومع هذا صمت المجتمع الدولي وصمت أذنابه وعملاؤه في الداخل السوري؟
لم يعد أحد يصدق هذه الأسطوانة المشروخة من قبل المجتمع الدولي المتواطئ والمشارك في ذبح الشعب السوري، وسيواصل عملية الذبح، فبالأمس طالبوا بفك الارتباط، وتم فك الارتباط ثم طالبوا بالذوبان، وتمت العملية في هيئة تحرير الشام، وتم تسليم القيادة لشخصيات سياسية وعسكرية من خارج فتح الشام، ومع هذا يتواصل طلب تقديم التنازلات.
الحرب على هيئة تحرير الشام ليعلم العقلاء فقط أنها حرب على الثورة اليوم في الشمال السوري، فلم يعد هناك فصيل قوي عسكرياً إلا هذا الفصيل، والحرب عليها من بعض المنتمين للثورة يعني أنهم يديرون الماء في طاحونة الروس والإيرانيين ومليشياتهم الطائفية، وبالتالي يسلمون إدلب وغيرها لهذه المليشيات الطائفية.
بالطبع سيتقافز أمامك البعض ليتهمك ويتهم غيرك وكأنه المعصوم عن الخطأ، في حرب تعيد المكارثية من جديد، فنحن لسنا مغرمين بهيئة تحرير الشام وغيرها، وإنما مغرمون فقط بحماية شعبنا وتخليصه من هذه العصابة الطائفية وسدنتها المحتلين، ومسلسل التنازلات والانهيارات أمام هذا المجتمع الدولي الوضيع، الذي لم يحاسب مجرماً قاتلاً على ضرب شعب بالكيماوي، كافية للتشكيك بنواياه ووعوده، وكافية معه لوضع حد للمروجين له ولكذبه.;