الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإرهاب المشروع والإرهاب المنكر حسب ما تقتضي المصلحة

الإرهاب المشروع والإرهاب المنكر حسب ما تقتضي المصلحة

01.04.2017
ميسرة بكور

القدس العربي
الخميس 30/3/2017
الأمم المتحدة تدين تدمير تركيا أحياء كردية؟ أوقعت نحو ألفَي قتيل وأدت إلى تدمير أحياء كاملة في جنوب شرقي البلاد.
لست مغرمًا بسياسة السيد اردوغان خاصة فيما يتعلق بالشأن السوري وتردده المستدام الذي اوصله ليكون في مأزق بين الروسي والأمريكي في مدينة منبج السورية، وكان أول من تنازل عن خطوطه الحمراء في حماة ثم في حلب، لكن الحقيقة دومًا تفرض نفسها.
تجاهل كل محاولات الحكومة التركية لاحتواء التنظيمات الكُردية وما طرحته انقرة من مبادرات تم تجاهلها من قبل تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي.
ولمن كانت ذاكرته قصيرة مثل الأسماك، نقول له لم تمض سنوات على سماح تركيا للبيشمركه العراقية بعبور أراضيها والوصول إلى عين العربي شمال حلب التي كان يحاصرها تنظيم الدولة، لدعم المقاتلين الكُرد فيها التي حولتها أمريكا فيما بعد لقاعدة لها ولدعم التنظيم الإرهابي «سوريا الديمقراطية»، في عملياته شمال وشرق سوريا ودعم مشروعها الانفصالي تحت مزاعم الحقوق والمظلومية التاريخية، ضاربة عرض الحائط مصالح حليفها التركي ثاني اقوى قوة عسكرية في حلف الناتو التي تحتضن فوق أراضيها قاعدة انجرليك أكبر قاعدة للحلف خارج أوروبا وتسيطر على مضائق البوسفور والدردنيل.
الأمم المتحدة نفسها تتجاهل وعن عمد مقصود كل الجرائم والانتهاكات التي مارستها تنظيمات حزب العمال الكردستاني عبر سنوات تمردها ضد الحكومات التركية المتعاقبة، وتغض النظر عن تقارير متوالية وجهتها منظمات حقوقية دولية وشهادات وثقها ناشطون تتحدث عن حملات تطهير عرقي ممنهجة ضد العرب والتركمان تنفذها العصابات الكُردية شمال سوريا تحمل اسم وحدات حماية الشعب الكردية الجناح العسكري الإرهابي لحزب العمال الذي يوسم دوليًا بوسم الإرهاب.
تقرير «هيومن رايتس ووتش». المكون من 107 صفحات، قال «تحت الحكم الكردي: الانتهاكات في المناطق الخاضعة لإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا»، يوثق عمليات الاعتقال التعسفي لمعارضي الحزب السياسيين، وانتهاكات في أثناء الاحتجاز، وحالات اختطاف وقتل مقيدة ضد مجهول. كما يوثق استخدام الأطفال في قوة الشرطة التابعة للحزب وجناحه المسلح، وحدات حماية الشعب.
بينما تشعر تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي بقلق متزايد جراء هجمات حزب العمال الكردستاني، كانت حليفتها الولايات المتحدة تتقاعس عن مواجهة ما تقول انقره انه نحو 4000 من المسلحين الذين يتحصنون شمال العراق. وتستمر في دعم عصابات سوريا الديمقراطية الانفصالية جناح حزب العمال الكُردي في سوريا مما يهدد الأمن القومي التركي وتستمر الدول الأوروبية بتأمين ملاذات آمنة لتلك العصبة المارقة وتدعمها بالمال والإعلام.
وهنا نطرح تساؤلا لماذا رفضت أمريكا ومازالت تعرقل تقدم درع الفرات إلى الرقة وتغض الطرف عن تعهدات انقرة عن استعدادها لمحاربة «تنظيم الدولة» في الرقة بالتعاون مع الجيش الحر وتحت غطاء التحالف الدولي لمحاربة التنظيم الذي تقوده أمريكا، وبالمقام نفسه تصر بوقاحة على ان يكون شريكها الرسمي الوحيد الموثوق به تنظيم سوريا الديمقراطية على حساب الجيش الحر والمصالح التركية؟
نعم نحن ندين ونستنكر استهداف المدنيين الابرياء العزل، لكن بالوقت نفسه نحن ندين ونشجب الغارات الجوية على مناطق مدنية، في العراق «حي الموصل الجديد» وفي سوريا ومقتل نحو ما يزيد عن300 شخص في حي الموصل الجديد و30شخص في مدينة الميادين و«استهداف المسجد» في بلدة الجينة بريف حلب الغربي، جريمة حرب ، حسب المادة (57) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، قضت بضرورة «اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة عند اختيار أساليب الهجوم من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين أو الإضرار بالأعيان المدنية» و»بالامتناع عن شن أي هجوم يتوقع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو الإضرار بالأعيان المدنية بصورة تتجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة»، وإلا عد ذلك، حسب البروتوكول ذاته، ضربا من «الهجمات العشوائية»، وهو ما يمثل، بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، جريمة حرب. كما نصت المادة 57 على ضرورة «توجيه إنذار مسبق وبوسائل مجدية في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين». .
تنظيم الدولة وسوريا الديمقراطية أم الإرهاب. وان نكون ضد التنظيم لا يعني ان نتستر على جرائم حزب العمال الكردستاني الإرهابي وانقلاب حوثي صالح وجرائم حزب الله والحشد الشعبي المسكوت عنها دولياً.
نعم نحن ضد الإرهاب ورعاته، نستنكر دعم تنظيم وحدات حماية الشعب «الكُردية» الإرهابية بالسلاح الأمريكي، والتحالف مع تنظيم الحشد الشعبي الفوق إرهابي.
لا يمكننا أن نميز بين إرهاب وإرهاب ولا يوجد إرهاب حلال وآخر حرام كله إرهاب، وتجاهل جرائم تنظيم سوريا الديمقراطية قمة الإرهاب، اما التركيز على ما تقوم به انقرة لحماية امنها ووحدة ترابها من الانفصاليين الكُرد، والتباكي على بعض هفوات ارتكبتها قوات تحالف عاصفة الحزم ضد المتطرفين الانقلابين الحوثيين، اعترف بها التحالف وشكل لجانا من أجل التحقيق بمسبباتها ومحاسبة المقصرين.
ولا يمكننا في حال من الأحوال ان نسم هذا الفعل تحت عنوان ازدواجية المعايير بل هو سقوط أخلاقي وحقوقي وهو دعم صريح لتلك التنظيمات الإرهابية «حوثي صالح، وحزب إيران لبنان، وحزب العمال المستكرد، والحشد الشعبي «ج ح ش»أوقفوا هذه المهزلة .
الذين يحاولون منع اللقاءات الجماهيرية لمسؤولين أتراك من الحديث للجاليات التركية في بعض دول أوروبا حول استفتاء تحويل النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.
هم بتصرفهم هذا إنما يخدمون ويسوقون للمشروع التركي التحولي.
ويدفعون المترددين الاتراك بالتصويت لصالح الاستفتاء الدستوري، ليس حبًا فيه لكن كرها بأوروبا.
ولم نكد ننهي سطور هذا المقال حتى اجتمع آلاف الاتراك في هولندا ينددون بما فعلته الحكومة الهولندية ويعلنون انهم ماضون في الاستفتاء والتحول رغم أنوف أوروبا.
عندما تمنع الدول أو الحكومات أشياء عن الناس أو الشعوب تجعلهم يقبلون عليها، مثل منع كتاب أو مقال يجعل الناس يفتشون عنه وربما ترتفع مبيعاته.
أمران علينا جميعاً ان ندركهما ونحن نحلل المشهدين الدمشقي الاسطنبولي، ونراقب عن كثب مجريات ومستجدات الأحداث والأمور حول عواصم الدنيا اسطنبول ودمشق.
ألم يخطر ببال أحدنا لماذا كل هذا الصمت على إجرام تنظيم بشار الأسد، ومحاولة تلميع تنظيمه وإعادة استنباته رغم ما فعل من قتل وتدمير؟
الم يخطر ببال أحدكم لماذا يقتل أكثر من نصف مليون إنسان ولم يتحرك وجدان الغرب الذي يصدع رؤوسنا صباح مساء بقيمهم التي لم نعرف منها غير التواطؤ.
الم تنتبهوا لكل هذه المؤامرات على تركيا «اسطنبول» التي وصلت إلى حد دعم انقلاب كان من شأنه قتل الرئيس التركي وملايين المعتقلين. ومن شأنه أيضاً ان يدمر كل منجزات تركيا الحضارية المدنية ويعيدها إلى عصور ما قبل التاريخ.
لا تتعب نفسك بالبحث عن جواب، الجواب عاصمتان ذكرهما يخلع عروش قلوب الغرب، دمشق «الأموية» وإسطنبول «العثمانية» للأسف هكذا ينظر إلينا اصحاب المدنية الغربية التي بنيت على نتاج حضارتنا العربية والاسلامية.
هم يقولون من يسيطر على اسطنبول يحكم العالم، وإذا تحررت الشام «دمشق « نهض العرب والمسلمون من بعدهم وهذا يعتبرونه خطراً محدقاً يهددهم ويجب منع هذا النهوض بكل الأشكال والأحوال.
كاتب وباحث سوري