الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأكراد والخذلان

الأكراد والخذلان

22.11.2017
زيد سفوك


العربي الجديد
الثلاثاء 21/11/2017
استفاد الغرب والقوى العظمى من تجارب مأساة الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) والثانية ( 1939 – 1945)، فكان اللجوء إلى ربط القرار السيادي بين مؤسسات معنية ذات خبرة ضمن إدارة الدولة قراراُ صائباً، الأمر الذي دفعهم بالتوجه إلى دول الجوار فيما بعد، وإنشاء هيئات دولية، كمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرهما من المؤسسات المعنية.
وبالفعل، تجاوزوا قدر الإمكان الحروب ضد بعضهم بعضا، مع وضع دساتير وقوانين تحفظ لهم الحقوق المشتركة، الأمر الذي زاد من متانة اقتصادهم ورفاهية شعوبهم، في حين ظل الشرق الأوسط على ذهنية جنون العظمة من خلال استملاك كرسي الرئاسة، حيث أنّ لرؤساء كثيرين مطامع لا حدود لها، فسرعان ما يصبح ذلك الإنسان رئيسا أو حاكما لدولة، ليبدأ بالتفرد بالقرار ووضع مصير دولة وشعب بكامله وفق معيار المنطق لديه. وفي أي ردة فعل شخصية، يستطيع جر الدولة بكاملها إلى حرب شاملة، في سبيل إرضاء نفسه داخلياً للشعور بأنه الرجل الذي لا يستهان به، وتلك بحد ذاتها كارثة تواجهها دول الشرق الأوسط وواجهتها من قبل، وتفتيت الاتحاد السوفيتي عام 1991 خير مثال على ذلك، ومن ثم إعادة التجربة برؤساء حكموا إيران التي فتحت حرباً خاصة بها، من خلال استملاك القرار السيادي للدولة لولاية الفقيه ودفع الطائفة الشيعية لمقاتلة السنة، وفق مصالح نظامها الحاكم، حتى أصبحت الدولة الأكثر دعماً للإرهاب، ومن ثم العراق وسورية والدمار الذي نتج عن ديكتاتورية حكامها، حتى باتت تلك الدول فريسة سهلة لمطامع الأعداء، وتهجر شعوبها على أبواب الغرب، وطبعا الدول الغربية والقوى العظمى، وفي مقدمتها أميركا ليست بدول تسعى للديمقراطية، بمجرد أنّ شعوبها في رخاء وحرية.
يتساءل المرء: لماذا تدعم تلك الدول دولا مبنية على أساس طائفي، كإيران والسعودية، وتوابعهما من الدول الأخرى.. كل هذه الدول أصبحت تُبنى على أساس طائفي، ووحده الشعب الكردي المكوّن من 60 مليون كردي في العالم محروم من بناء دولة كردية، كان جزءا منها على وشك الإعلان بقيادة العائلة البرزانية، إذ شاهدت شعوب العالم بمجملها كيف خذلت أنظمتهم الحاكمة الكرد في اللحظة الحاسمة التي استعدوا فيها لإعلان دولتهم المشروعة والعادلة في إقليم كردستان العراق.
ربما يتذرع بعضهم بأن فصل الدين عن السياسة هو ما يتم تطبيقه على خرطة الشرق الأوسط الجديد، وتلك شعارات لا أساس لها من الوجود، فهل يعقل أن لا يتم الاستفادة من التجارب السابقة التي جلبت الحروب والدمار للشعوب؟
ما زال التناقض موجودا بقوة على أرض الواقع، حيث السياسة لعبة بعيدة كل البعد عن الأخلاق والقيم الإنسانية، في حين أنّ الهدف من ممارستها هو إثبات القيم والأخلاق وحقوق الإنسان وتخفيف المعاناة عن الشعوب المضطهدة.