الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسلحة الروسية في سوريا.. التجارة أولا 

الأسلحة الروسية في سوريا.. التجارة أولا 

19.07.2021
بشير البكر


سوريا تي في 
الاحد 18/7/2021 
يتجاوز دور روسيا في سوريا حماية نظام بشار الأسد، إلى العمل لحسابها الخاص. ويتصرف الروس في سوريا من منطلق براغماتي يسخّر كل البلد لخدمة مصالح روسيا سياسيا وعسكريا وأمنيا. ومع الوقت يتبين أن كل ما تقوم به روسيا مدروس بعناية، وليس هناك أمور تجري بمحض الصدفة. ويتضح في كل يوم أن موسكو لا توفر مجالا من دون الاستثمار فيه، وأن عائد الاستثمارات بعيد المدى، ومن هنا يمكن لروسيا أن تغير خططها ومشاريعها وحتى مواقفها السياسية، تبعا لتغير المصالح. 
رجع وزير الدفاع الروسي امتلاك روسيا لهذه الأسلحة الحديثة وتطويرها إلى العملية العسكرية في سوريا، وبفضل عمل الخبراء الروس 
من حين لآخر يدلي وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، أو مسؤول عسكري آخر، بتصريحات حول تجارب على الأسلحة الروسية في سوريا، وحتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتابع هذا الأمر بالتفاصيل، وذلك واضح من التصريح الذي أدلى به في 28 من أيار الماضي، وقال فيه إن جيش بلده جرب أحدث الأسلحة التي يمتلكها، وأثبت في عمليات نفذها ضد "إرهابيين" في سوريا أن مواصفات هذه الأسلحة "فريدة". وآخر حديث للوزير شويغو يوم الخميس الماضي. وقال إن قوات بلاده جربت خلال عملياتها العسكرية في سوريا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة. وكان يتحدث مع كوادر شركة "روست فيرتول" لصناعة المروحيات: "قمنا باختبار أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة، بما فيها مروحياتكم"، مشيرًا إلى أن أنظمة الأسلحة للمروحيات شهدت تطوراً كبيراً نتيجة العمليات العسكرية في سوريا. وأرجع وزير الدفاع الروسي امتلاك روسيا لهذه الأسلحة الحديثة وتطويرها إلى العملية العسكرية في سوريا، وبفضل عمل الخبراء الروس، وذلك وفقاً لما نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية. 
روسيا دولة مصدرة للسلاح وتحتل مرتبة متقدمة على الصعيد العالمي، وهي تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، وتجني سنويا مليارات الدولارات. ومن المعروف أن هذا الميدان مفتوح على التنافس العالمي، وتسيطر عليه شركات عالمية ذات نفوذ سياسي واقتصادي، لا يضاهيها في النفوذ سوى شركات البترول، التي تصل سطوتها إلى تغيير حكام وإجراء انقلابات عسكرية. وكما يقول المثل "التجربة أهم من الابتكار" تعد روسيا أكثر دولة تتمتع بحقول تجارب مباشرة ذات مواصفات متنوعة، وتتيح الجغرافيا السورية الواسعة وتنوع الأهداف مجالا حيويا، لا تنافسها فيه دول أخرى. وتتصرف روسيا من دون رقابة أو خوف من العواقب، وسبق أن اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القوات الروسية في بداية تدخلها العسكري عام 2016 باستخدام 13 نوعًا من الذخائر المحرمة دولياً في سوريا. كما اتهم فريق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) القوات الروسية في الشهر الماضي، باستخدام قذائف حديثة من نوع "كرانسبول" في محافظة إدلب، وهي نوع من القذائف عالية الدقة وتعمل بنظام التوجيه الليزري. 
ما تقوم به روسيا مخطط ومدروس، وما يجري في الميدان العسكري ينسحب على الشؤون الاقتصادية والإنسانية 
روسيا ليست صليبا أحمر دوليا في سوريا، ولا قوات تدخل إنساني وأمم متحدة، بل هي دولة احتلال بكل معنى الكلمة، وما كان لجيشها أن يتصرف على الأرض السورية بالوحشية التي مارسها منذ أيلول 2015 من دون بروتوكول وقواعد عمل صادرة عن هيئة الأركان في وزارة الدفاع، وهذا أمر معمول به لدى كل قوة عسكرية رسمية توجد خارج بلادها، ومن هنا فإن كل ما تقوم به روسيا مخطط ومدروس، وما يجري في الميدان العسكري ينسحب على الشؤون الاقتصادية والإنسانية، ومن هنا يمكن تفسير إصرار موسكو على توقيع اتفاقات تضع بموجبها اليد على الثروات السورية والمرافق الحيوية، وما تقوم به من إنشاءات وبنى تحتية وتوسيع للقواعد العسكرية ونشر جيشها وأجهزة مخابراتها، إنما يتم لدوافع المصلحة الروسية أولا، والتي يناسبها وجود الأسد اليوم في السلطة، وقد لا يلبي مصالحها في يوم آخر، وساعتها لن تتمسك به، وسوف تستغني عنه بالبساطة نفسها التي تجرب فيها الأسلحة في الميدان.