الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد والعبء الثقيل على الحلفاء والموالين 

الأسد والعبء الثقيل على الحلفاء والموالين 

10.04.2021
رياض معسعس



القدس العربي 
الخميس 8/4/2021 
لم تكن استراتيجية كسب الوقت في صالح نظام بشار الأسد. فكلما تقدم الزمن كلما ازدادت الأزمة السورية تعقيدا، ومأساة السوريين أكثر مأساوية، والعبء على كاهل الحلفاء أكثر ثقلا. 
في نشوة "الانتصار" على الشعب الذي نعته "بالإرهاب" بعد الاستنجاد بميليشيات إيران، وبنظام بوتين، واسترجاع بعض المناطق من المعارضة المسلحة، سرى اعتقاد أن هذا الانتصار سيعيد إلى النظام سطوته، وهيبته، وقبوله من قبل الدول الغربية التي ستساهم بسخاء لإعادة إعمار ما دمره من بنية تحتية وبنيان، لينعم مجددا بحكم سوريا بالحديد والنار، واستعباد السوريين، ويتخلص من كابوس الثورة الذي يقض مضاجعه، ويهدد حكمه. اليوم ماذا تحقق من عودة النظام إلى ما كان عليه قبل ثورة 2011؟ 
 
سوريا 2021 
إذا أردنا أن نقارن سوريا خلال السنوات التي توالت بعد الثورة، فلاشك أنها كانت جميعها أفضل من هذه السنة، إذ بدأ الانحدار المريع منذ أن قرر النظام مجابهة الشعب الأعزل بقوة البارود والكيمياء. والاستنجاد بميليشيات إيران، ومرتزقة فاغنر، وجيش روسيا لتجربة أسلحته في اللحم السوري. ما نتج عنها دمار نصف البلاد، وتشريد نصف العباد الذين كانوا سندا للاقتصاد السوري، ويساهمون في خزينة الدولة عبر الضرائب المترتبة عليهم، ومن خلال الاستهلاك اليومي الذي يدور عجلة الاقتصاد. 
بعد عقد من الزمان تجزأت الأرض السورية بين احتلالات متعددة، ومناطق انفصالية لا سيطرة للنظام عليها، وهي مع الزمن تشكل مناطق حكم ذاتي، ربما تحول لحكم دائم في بداية لتفتيت سوريا بعد قرن من تفتيت اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية. 
و تتمدد روسيا وإيران بشكل محموم في احتلالها المتدرج أيضا للأراضي السورية، عن طريق شراء الأراضي، أو عن طريق الاحتلال القسري وطرد السكان، أو عن طريق عطاءات سخية للنظام الأسدي للحليفين اللذين ساهما في تعويمه قبل اللحظة الأخيرة من سقوطه. 
 
طوابير الخبز والوقود 
بعد الخسارات المليارية للناتج الداخلي للدولة بسبب تهجير الملايين، ودمار البنية التحتية، جاءت العقوبات الأمريكية، والأوربية، وخاصة بعد قانون "قيصر" لتزيد في الطنبور نغما، كان من نتائجها المباشرة انخفاض كتلة العملة الصعبة في البنك المركزي السوري، ما يعني عدم التمكن من استيراد المواد الأساسية من قطع غيار، وأجهزة، وحتى المواد الغذائية. 
ومع استيلاء قوات "قسد" ( قوات سوريا الديمقراطية) على منابع النفط فلم يعد في استطاعة النظام التزود بالمحروقات التي تعتبر عصب المواصلات، ما أسفر عن أزمة خانقة عطلت عجلة المواصلات، فازدادت طوابير الانتظار على محطات الوقود طولا، وتم تقنين الكميات المسموح بها لكل مستخدم. 
في الجهة المقابلة ينتظر المواطنون أيضا ساعات طوال في طوابير الخبز، حيث يقضي المواطن نصف وقته للحصول على ربطتي خبز. 
مع تدهور الاقتصاد، واستمرار العقوبات، ما انفكت الليرة السورية تتابع طريق الانحدار إلى مستويات غير مسبوقة، إذ وصل سعر الدولار إلى ما يقارب الأربعة آلاف ليرة، وارتفاع التضخم بشكل تصاعدي جعل راتب الموظف الوسطي لا يتعدى 15 دولارا شهريا. أو بتعبير آخر فإن العائلة السورية المتوسطة تعيش على نصف دولار يوميا. وهذا مبلغ لا يكفي سوى التزود ربما بالخبر وبعض الإدام، فالليرة السورية لم تعد تساوي قشرة بصلة حسب تعبير الكثير من السوريين. 
هذا الوضع دفع الكثير من العائلات، من لهم أبناء في الخارج الاستنجاد بهم للحصول على حفنة دولارات تقيهم شر العوز. وهذه الدولارات التي يتم تحويلها من الخارج تصرف بسعر البنك المركزي الذي حدد سعر الدولار بـ 1250 ليرة سورية، أي أقل من ثلث السعر في السوق السوداء، ما دفع الكثير إلى اللجوء لتهريب العملة وتصريفها "من يد ليد" خوفا من العقوبات بالسجن التي هدد بها النظام بعد أن ألقى القبض على عدد من الصيارفة. حتى في مناطق النظام بدأنا نسمع احتجاجات الموالين والمؤيدين له الذين لا يختلف وضعهم عن وضع المعارضين الصامتين. 
 
في ذكرى الهجوم الكيميائي 
حلفاء النظام ضاقوا ذرعا بهذه الحالة المتردية إذ وجدوا أنفسهم أنه لا بد من دعم النظام الذي منعوا سقوطه حربا، كي لا يسقط اقتصادا، فإيران التي تعاني بدورها من أزمة اقتصادية وانخفاضا أيضا من قيمة عملتها، تزود النظام بشحنات وقود لا تتوقف عبر صهاريج تصل من العراق، أو بناقلة نفط بحرا. علاوة على قروض مالية مقابل تنازلات عقارية، وروسيا تعمل دائبة للدفاع عن النظام دوليا، وتحث الدول العربية على تعويمه وعودته إلى صلب الجامعة العربية، لكن دون جدوى، خاصة وأن واشنطن مصرة على معاقبة النظام على جرائمه وخاصة باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري. 
في ذكرى الهجوم الكيميائي على الغوطة وخان شيخون، طالب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، النظام السوري بالوفاء بالتزاماته الدولية، وتحمل مسؤولية الفظائع التي ارتكبها بحق الشعب السوري. 
جاء ذلك في تغريدة نشرها برايس عبر تويتر في الذكرى السنوية لهجمات النظام السوري بالأسلحة الكيميائية على المدنيين، كتب برايس أن "الأسبوع الجاري يصادف ذكرى سنوية مأساوية لهجمات النظام السوري العديدة بالأسلحة الكيميائية على شعبه، وهما هجوما بلدة "خان شيخون" في ريف مدينة إدلب (شمال غرب) في 4 أبريل/ نيسان 2017 ومدينة دوما، في ريف دمشق (جنوب) في 7 أبريل 2018". 
وأضاف: "يجب أن يفي نظام الأسد بالتزاماته الدولية، وأن يتحمل المسؤولية عن هذه الفظائع". ففي 2019 أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في تقرير نهائي، أنه "تم استخدام غاز الكلور في هجوم استهدف مدينة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق، في نيسان/ أبريل 2018". 
وفي سبتمبر/أيلول 2017 أكدت لجنة التحقيق الدولية المشتركة، أن النظام استخدم غاز السارين في مجزرة الكيميائي التي وقعت ببلدة "خان شيخون" يوم 4 أبريل/نيسان 2017. في 4 نيسان/ أبريل 2017 قتل أكثر من 100 مدني، وأصيب أكثر من 500 غالبيتهم من الأطفال في هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته طائرات النظام على "خان شيخون" وسط إدانات دولية واسعة. 
في 2019 أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في تقرير نهائي، أنه "تم استخدام غاز الكلور في هجوم استهدف مدينة دوما في نيسان/ أبريل 2018. 
كاتب سوري