الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد محاضراً في الاستقلال والسيادة!

الأسد محاضراً في الاستقلال والسيادة!

25.04.2017
منار الرشواني

الغد الاردنية
الاثنين 24/4/2017
بدت مثاراً للسخرية أكثر من حاجتها إلى رد، محاولة بشار الأسد التطاول على الأردن من باب الاستقلال والسيادة. وعدا عن كل حقائق استباحة سورية اليوم من دول ومليشيات لا تكاد تُحصى، فإن توقيت التصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، يؤكد أنها بحد ذاتها دليل نهائي على تجرد الأسد ونظامه من كل استقلال وسيادة، ما دفعه إلى هكذا محاولة تطاول.
إلى حين الضربة الأميركية لمطار الشعيرات، كان الأسد لا يتوقف عن استجداء رضا الرئيس دونالد ترامب، ولو فقط بالكف عن المطالبة بتنحيه. كما إنه لا يفتح أبواب قصره إلا لرموز اليمين الأوروبي وثيق الصلة بصهاينة إسرائيل الأكثر تطرفاً. في المقابل، فهو يحاول التجرؤ على الأردن؛ البلد العربي الوحيد الذي استقبل اللاجئين السوريين من دون مِنة، لكنه لم يقبل تأييد قتل الشعب السوري وتدمير سورية منذ أكثر من ست سنوات بديلاً lن رد أبسط حقوق السوريين المسلوبة منذ قرابة نصف قرن.
هذه المرة لم يكن الأسد يدلي بتصريحات تلفت نظر العالم إليه، وقد بات الجميع يعرف تماماً أن قرار النظام ككل ومصير الأسد ذاته، باتا محكومين بما تريده طهران وموسكو. إذ بوضعها في سياقها الإيراني، لا تغدو تصريحات الأسد فاقدة كل سيادة واستقلال، إلا استكمالاً لحملة إيرانية بدأها خصوصاً نوري المالكي وتياره، غضباً من سعي الأردن إلى الانفتاح على العراق من بوابة العروبة المنافية لعروبة الأسد التي لم تعد أكثر من تجيير سورية للإيرانيين خصوصاً، يهجرون أهلها على أسس طائفية، ويتملكون أراضيها وأصولها.
ولعل الملفت أن الأسد في مقابلته مع "سبوتنيك" الروسية، لم يُضمّن إجابته -كما جرت العادة- عبارته الشهيرة المضحكة: "علينا ابتداء تحديد معنى السيادة... وعلينا ابتداء تعريف معنى الاستقلال". وتفسير ذلك أن تعريف هذين المفهومين من وجهة نظر الأسد صار واضحاً للجميع بالممارسة الفعلية على أرض الواقع. فـ"السيادة الأسدية" هي فقط الحق في تقسيم سورية بين كل دولة ومليشيا تضمن بقاء آل الأسد في قصر الرئاسة. ولا يستثنى من ذلك الولايات المتحدة نفسها وقد باتت تمتلك قواعد عسكرية في سورية أيضاً، لكن لا يأتي على ذكرها أحد من محور مقاومة الكرامة وممانعة الحرية، طالما أنها لا تمس مسمى الأسد "رئيساً".
أما "الاستقلال الأسدي"، فهو الاستقلال عن الشعب بما يوجب قتله وتهجيره، وصولاً إلى الاستقلال عن الإنسانية ككل باستخدام كل ما أمكن من أسلحة وأساليب تعذيب ضد هذا الشعب؛ وفي السياق ذاته اضطهاد حتى اللاجئين ولو بالوثائق الوطنية التي يُحرمون منها، ثم لا ينالونها إلا بما يساوي ثروة يتم استخدامها لتمويل الحرب على من يرفض إخلاء سورية لمليشيات إيران الطائفية.
يشهد الواقع والتاريخ أن أبشع المستبدين وأكثرهم دموية لم يقبلوا يوماً بهكذا استقلال وسيادة، لأنهما في الواقع نقيض كل استقلال وسيادة يحاضر فيهما الأسد اليوم، فقط في إطار تنفيذ أجندة إيران الإقليمية الطائفية.