الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد.. رقص على الأشلاء

الأسد.. رقص على الأشلاء

18.12.2016
د. ياسر محجوب الحسين


الشرق القطرية
السبت 17/12/2016
عملية تدمير بضعة أحياء في حلب بالأسلحة المحظورة دوليا أخرجت الأسد من مخابئه ليعلن نصرا منقوصا وهو يرقص على أشلاء ودماء أطفال ونساء حلب الصامدة والعصية على تحالف الشيطان الثلاثي (موسكو – طهران – دمشق).. يقول الأسد مشبها ما حدث في حلب بميلاد المسيح عيسى بن مريم. وكأن حالة من الهذيان قد تملكته: "نحن نقول قبل ميلاد السيد المسيح وبعد ميلاد السيد المسيح.. فالتاريخ ليس نفسه قبل وبعد". وتابع: "أعتقد مع تحرير حلب سنقول الوضع، ليس فقط السوري أو الإقليمي بل أيضا الدولي، قبل تحرير حلب وبعد تحرير حلب".
ورغم أن قوات روسيا وميليشيات طهران هي التي تقتل وتدمر إلا أن الأسد يحدثنا عن "رجولة وصمود" جيشه الذي يسميه الجيش العربي السوري..موسكو تعلن الهدنة وتتفاوض مع القوى الإقليمية والدولية بشأن سوريا إلا أن الأسد يحاول أن يقنعنا بأنه رئيس سوريا وقائد جيشها.. يريد أن يقول إنه أسد وليس نعامة.. فالنعامة تستأسد على الضعفاء لكنها لا تستطيع أن تنكر أنها نعامة عند الشدائد.
وغير بعيد من الأسد مكانيا وظرفيا شبيهه الحجاج بن يوسف الثقفي حيث ذكر صاحب كتاب الأغاني أبو فرج الأصفهاني أن امرأة اسمها غزالة الحرورية كانت مع زوجها شبيب تحارب ضد الحجاج وكانت شديدة البأس تقاتل قتالًا شديدًا وقد بعث الحجّاج خمسة قادة لمحاربة شبيب وزوجته غزالة، فهزموهم جميعًا.. ثم خرج شبيب من الموصل يريد مهاجمة الكوفة ومعه غزالة، وخرج الحجّاج من البصرة يريد الكوفة أيضًا، وأسرع شبيب لملاقاته قبل وصوله الكوفة، ولكن الحجّاج كان أسرع منه، فدخل الكوفة وتحصّن في قلعة قصر الإمارة خوفًا من ملاقاة شبيب وغزالة. وقد عيّره الشعراء بذلك، ومنهم عمران بن حِطّان فقال يعيّره بهروبه من اللقاء واختبائه في دار الإمارة:
أسدٌ على وفي الحروب نعامةٌ
فتخاء تنفرُ من صفير الصَّافرِ
هلاّ برزتَ إلى غزالةَ في الوغى
بل كان قلبك في جناحي طائرِ
صدعت غزالة قلبه بفوارسٍ
تركت مدابره كأمس الدابرِ
على كلٍ لن يدوم فرح الأسد طويلا حتى يعود الثوار أكثر قوة وبأسا فتعود نعامة دمشق مختبئة ومتحصنة بعمالتها لروسيا وإيران. في ذات الوقت لن تطرب الثوار إدانة مجلس جامعة الدول العربية الممارسات والعمليات العسكرية الوحشية التي يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه ضد حلب وسكانها المدنيين. الشعوب وحدها تستشعر المأساة في حلب الصامدة فخرجت مظاهرات في عدد من دول العالم أمام السفارات الروسية والإيرانية تضامنا مع سكان حلب وتنديدا بالصمت الدولي إزاء ما يحدث.
جرائم نظام دمشق في سوريا ممدة منذ أن كان يحكم الأسد الأب؛ وما يجري في مدينة حلب اليوم جرى مثله في مدينة حماة عام 1982، عندما قصف النظام المدينة بمدافع الدبابات طيلة أسبوعين، وإن لم يسمع العالم بمجازر حماة التي بدأت في 2 فبراير من ذلك العام إلا في السادس عشر من فبراير بسبب تواضع أجهزة التواصل من الناحية التكنولوجية بالمقارنة باليوم، فإن جرائم الأسد الابن تنقل على الهواء مباشرة لكن العالم بأممه المتحدة ومجلس أمنه يوغل في الصمت البهيم. في ذلك العام (1982) حاول الصحفي البريطاني روبرت فيسك المرور بمدينة حماة، فسمع قصفا مدفعيا على أحيائها، تسبب في مقتل بين عشرة آلاف وعشرين ألفًا، دون أن يعرف العالم شيئًا عن هذه المجزرة إلا بعد انتهائها.
ليس أمام ثوار سوريا إلا أن يعتصموا بحبل الله ولا يتفرقوا فمع التنافس السياسي غير الرشيد والتطرف الأيدولوجي لن يجدي أي نوع من الدعم.. وعلى الداعمين في الوقت نفسه أن يضعوا في حسبانهم أهمية توحيد فصائل الثوار.