الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأستانة (4) ومستقبل المليشيا الإيرانية

الأستانة (4) ومستقبل المليشيا الإيرانية

21.03.2017
حازم عياد


السبيل
الاثنين 20/3/2017
يتوقع انعقاد مفاوضات جديدة في العاصمة الكازاخية أستانة يومي 3 و4 أيار القادمين؛ للتوقيع على اتفاق ينص على تشكيل لجنة ثلاثية لمراقبة وقف إطلاق النار وانسحاب المليشيا التابعة لطهران وحزب الله من سوريا خصوصا شمالها. اللجنة التي تشكلت لمراقبة العملية ضمت إلى جانب روسيا وتركيا إيران، وسيتم التوافق حول دورها وتفاصيل عملها في طهران خلال اجتماع يضم الدول الثلاث في 18 و19 نيسان القادمين.
تطور سريع تبع مفاوضات أستانا 3 التي ختمت أعمالها الخميس الماضي 16 آذار الحالي، وكان جل اهتمامها منصبا على مستقبل المليشيا الإيرانية إلى جانب حزب الله، الذي بدأ انسحابه فعليا باتجاه منطقة القلمون وتدمر التي تعرضت إحدى قوافله المنسحبة إليها لغارة إسرائيلية، في الوقت الذي خرقت فيه المقاتلات الأمريكية دون طيار الهدنة بقصف أحد المساجد مساء الخميس في حلب، إثر اختتام جولة المفاوضات في الأستانة؛ ما خلق إرباكا كبيرا للأطراف المتفاوضة.
إيران لم تبدِ ممانعة كبيرة في مفاوضات الأستانة 3 بحسب وكالة تاس الروسية وصحيفة أزفيستا وروسيا اليوم؛ فطهران تقبلت إشراف تركيا على المناطق الشمالية وانسحاب المليشيا التابعة لها من حلب ومحيطها، في حين تقبلت دورا روسيا على ما يبدو في حمص ودمشق رغم اللغط الدائر حول عمليات استهداف القيادات العسكرية الموالية لهذا الطرف أو ذاك في صفوف النظام السوري.
إيران وحزب الله يبدوان أكثر اقتناعا الآن بأن الأزمة السورية باتت ساحة استنزاف خطرة، خصوصا أن الدور الأمريكي والإسرائيلي يتصاعد ويزداد عنفا وقدرة على إرباك الاتفاقات كافة وتدميرها؛ بتسارع الوتيرة المتعلقة بالانسحاب أو بإعادة الانتشار المحدود، ستزداد خلال الشهرين القادمين وقد تبلغ ذروتها أيار موعد انعقاد الأستانة 4.
أمريكا من ناحيتها تزداد تمسكا بالأكراد الانفصاليين كحصان طروادة في سوريا، ولا تكف عن إيجاد مبررات لنشاطها العسكري في الشمال، بعيدا عن وجود عناصر تنظيم الدولة داعش؛ معطية لنفسها حق الاقتراب من مناطق الدفاع الجوي الروسية، بل مناطق النفوذ التركية، ومتسببة بقدر كبير من الفوضى والدمار، مقابل نشاط محموم للطيران الإسرائيلي بات مفضوحا أكثر من ذي قبل، ما يعني أن المعادلة الحقيقية المتغيرة على الأرض تفرض إيقاعا قويا على حركة القوات الجوية في السماء.
التطورات الأخيرة المعلنة أشعلت الأجواء السورية كما هو واضح، ودفعت الأطراف المتصارعة إلى تعزيز حضورها الميداني في جنوب سوريا من دمشق إلى درعا؛ ذلك أن مفاوضات الأستانة باتت تأخذ منحى أكثر جدية وبعيدا عن أعين الإدارة الأمريكي وإراداتها.
تطورات تجعل المسار المقبل في سوريا أكثر التصاقا بخطوط التماس الأمريكية الروسية؛ فكلا القوتين تعملان على إضعاف أوراق الأخرى، على أمل إعاقة الحلول الممكنة؛ خصوصا أن روسيا الآن في موقع متقدم، في حين أن واشنطن تلاحقها وتعمل على إعاقة نشاطها؛ فتركيا اندفعت نحو موسكو خشية من التقارب الأمريكي الكردي، كما اندفعت طهران خشية من الإدارة الترامبية المتطرفة؛ وبين هذا وذاك شد وجذب بين موسكو وإيران، يدفع موسكو نحو مزيد من الغلظة في التعامل مع المليشيا التابعة لطهران، فلقاء نيسان في طهران يجب أن تسبقه بعض التطورات الميدانية لتفرض روسيا رؤيتها وتمرر سياساتها على شركائها المتشاكسين في سوريا؛ فهل تقبل واشنطن بالمعادلة الروسية أم تسعر من أتون الحرب في سوريا، وكيف ستتعامل المعارضة السورية مع هذه المعطيات السياسية، وهل ستستفيد منها وتوظفها لتعزيز مكاسبها، أم إنها ستكون الضحية السهلة والحلقة الأضعف في المعادلة؟