الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "الأزمة السورية".. المفاوضات أمام اختبار الضمير العالمي

"الأزمة السورية".. المفاوضات أمام اختبار الضمير العالمي

04.02.2016
اليوم السعودية



كلمة اليوم
الاربعاء 3/2/2016
موافقة المعارضة السورية على الانخراط في مفاوضات جنيف، بعد جولة من المشاورات المستفيضة في الرياض؛ تؤكد على أنها معارضة وطنية بحق، كل غايتها أن تتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحفظ ما تبقى من الدم السوري المراق، وما تبقى من البنية التحتية التي مزقتها آلة الحرب الظالمة من قبل النظام، الذي يريد أن يجلس على سدة الحكم حتى ولو صمم مقعده من جماجم الأبرياء، وكذلك أعوانه ابتداء من إيران إلى ميليشيات حزب الله إلى الجيش الروسي، الذين خلت لهم ساحة الضمير الأممي ليدخلوا المعترك السوري كل بأجندته الخاصة.
وعلى الرغم من كل ما واجهته المعارضة السورية من خذلان المجتمع الدولي، ومن الولايات المتحدة والغرب تحديدا، والذين جعلوا الأزمة السورية على كل ما فيها من الكوارثية مجرد ورقة تفاوض في ملفات إقليمية ودولية مع الروس ومع الإيرانيين، إلا أنها ترفّعتْ عن كل ذلك، وتسامتْ فوق جراحها وذهبتْ إلى المفاوضات مع شح ما فيها من رصيد النجاح؛ نظراً للانحياز الفاضح من القوى الكبرى والتعامي عن جرائم ميلشيات إيران في سوريا، أو على الأقل التغاضي عمّا يفعله في الشعب السوري من فظائع.
انخرطت المعارضة في المفاوضات لتقول للعالم إنها ليست هي من يُغلق الباب أمام الحل السلمي، وإنما النظام وأعوانه هم من يفعلون ذلك، وهو موقف أخلاقي يجب أن يحظى بما يستحق من الاحترام من القوى التي ترعى عملية التفاوض؛ لتتخذ موقفا يحفظ لها كقوى فاعلة شيئا من أخلاقياتها وضمائرها أمام شعوبها على الأقل؛ صيانة لما تبقى من دماء السوريين الذين صبّ عليهم النظام جام براميله، أو هجرهم داخل بلادهم، أو أرسلهم كطرود على قوارب الموت إلى الشتات ليواجهوا أشرس المرارات على حدود دول المنافي البعيدة، في كارثة إنسانية يندى لها جبين التاريخ البشري، ويُدوّن في صفحاتها أكبر عار على مجتمع يدّعي رعاية الحقوق الآدمية، ويؤسس لها المنظمات واللجان الدولية، فيما هو يغمض عينيه تماما عمّا يجري للسوريين من ذبح وقتل وتدمير، لا بل يُساهم في ذبحهم حينما يُفاوضهم على تسمية من يمثلهم، ويصر على تخصيص بعض المقاعد للمعارضة التي اخترعها النظام على هيئة حصان طرواده للتسلل إلى الحلول التي تلائمه ليبقى النظام حاضرا من خلال معارضة مصطنعة لا تختلف عنه إلا في التسمية على قوائم الحزب الحاكم.
الآن العالم كله أمام اختبار أخلاقي، فإما أن يبيّن حسن نواياه، ويعمل مع المعارضة السورية التي تطالب بخطوات جادة من النظام؛ لإظهار حسن النية، كرفع الحصار عن المدن والبلدات، والسماح لقوافل الإغاثة والمعونات الإنسانية بالعبور، وغيرها من الخطوات، التي إذا جرى الاستجابة لها ستبرهن التزام النظام وجديته، على الأقل، في السعي باتجاه البحث في الحلول، وإلا فإن كل تلك القوى ستكون شريكة في منح النظام المزيد من الوقت ليجرب كل أسلحة موسكو وطهران في نحور شعبه على مرأى ومسمع من حضارة القرن الحادي والعشرين.